اختبارات الميكروبات البشرية... ادعاءات وحقائق

تركيبة الميكروبيوم تتشكل بفعل العوامل الجينية والبيئية والغذائية والسلوكية

اختبارات الميكروبات البشرية... ادعاءات وحقائق
TT

اختبارات الميكروبات البشرية... ادعاءات وحقائق

اختبارات الميكروبات البشرية... ادعاءات وحقائق

تتكاثر التساؤلات المطروحة حاليا مثل: كيف أعلم ما إذا كانت الميكروبات الموجودة في أمعائي سليمة؟ هل يوجد فحص يمكنني الخضوع له لمعرفة ذلك؟ ذلك، أن عدداً متزايدا من الشركات يقدم فحوصات تعطي لمحة عن حال الميكروبيوم microbiome المعوي (النبيت الجرثومي المعوي)، أي مجموع الميكروبات المعوية، وهي تريليونات الكائنات المجهرية التي تعيش في الجهاز الهضمي.

ادعاءات وحقائق
يدرك العلماء جيداً أن هذه الكائنات المجهرية الحية تلعب دوراً حيوياً في صحة الإنسان وتؤثر على كل شيء من الحالة الصحية مع التقدم في السن ومحاربة الأمراض، إلى مخاطر المعاناة من السمنة وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني. وتتطلب «اختبارات الميكروبيوم» microbiome tests المباشرة التي تصل إلى المستخدم تعبئة نموذج استمارة إلكترونية ودفع رسوم وإرسال عينة من البراز. وبعد أسبوعين أو ثلاثة، يحصل صاحب الفحص على تقرير يزوده بلمحة عامة عن الكائنات المجهرية الموجودة في أمعائه، وما إذا كانت مرتبطة بأمراض أو اضطرابات.
ويصل الحد إلى ادعاء عدد أقل من الشركات أنها قادرة على تقديم قائمة بالأطعمة المناسبة للشخص الخاضع للفحص له بناءً على تركيبة الميكروبات وغيرها من المعلومات الشخصية. ولكن بعض الخبراء يعتبرون أنه رغم الوعود التي يحملها هذا الميدان من العلم، لا تزال الأدلة العلمية التي تدعمه غير ناضجة. وتعتقد آيمي لوهمان، الباحثة الرئيسية المسؤولة عن أبحاث الميكروبات البشرية في مختبر «فود أند مود» Food & Mood Centre التابع لجامعة ديكن Deakin University في أستراليا، أن «العلماء سيكونون قادرين خلال خمس إلى عشر سنوات على تقديم عروض موثوقة ومثبتة يستطيع الأطباء والعاملون في مجال العناية الصحية التوصية باستخدامها دون ارتياب. ولكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد وأظن أن الوعود أكبر مما قد يحققه هذا الحلم على أرض الواقع».

نبيت جرثومي مفيد
لا شك في أن الميكروبات البشرية تلعب دوراً حيوياً في الصحة بشكل عام، كونها تحول الطعام الذي نتناوله إلى مجموعة من المركبات المفيدة لجسمنا. تنتج ميكروبات الأمعاء مجموعة متنوعة من الفيتامينات وتركب هورمونات مثل السيروتونين الذي يؤثر على الصحة الأيضية والمزاج، وتخمر الألياف التي نتناولها وتحولها إلى سلسلة قصيرة من الأحماض الدهنية التي تعمل على تخفيف الالتهابات.
وتتشكل تركيبة الميكروبات البشرية في الجسم بفعل العوامل الجينية والبيئة والغذاء والأدوية والمشروبات التي نستهلكها.
وقد أثبت العلماء أن ميكروبات الأمعاء مرتبطة بمقاومة الأنسولين والسمنة والأمراض الأيضية، ووجدوا أيضاً أن امتلاك عدد كبير من المجموعات المتنوعة من الفصائل البكتيرية أمر مفيد. إذ يواجه الأشخاص الذين يملكون تنوعاً بكتيرياً في أمعائهم خطراً أقل بالمعاناة من السمنة والاكتئاب والسكري، كما أنهم أقل عرضة للمعاناة من علامات الهشاشة مع التقدم في السن.
ولكن البكتيريا البشرية فريدة كبصمات الأصابع إلى درجة أنها تختلف حتى بين التوائم. وقد حال هذا التنوع الكبير بين الأفراد دون التوصل إلى إجماع على التركيبة الدقيقة للميكروبات «الصحيحة»، ومنع العلماء أيضاً من تأكيد ما إذا كانت سلالات محددة من هذه البكتيريا والمستويات المنخفضة من التنوع الميكروبي قد تسبب السمنة أو الأمراض الأيضية أو العكس. ولكن الظاهر حتى اليوم هو أن ميكروبات الأمعاء مفيدة لبعض الأشخاص ومدمرة لآخرين.
اعتبر جاستن سوننبرغ، أستاذ في علم الأحياء المجهري وعلم المناعة في جامعة ستانفورد الذي يتابع دراساته في مجال الميكروبات البشرية أن «هذا المجال تقدم كثيراً ونحن في طور تحديد الجيد والسيئ من هذه الميكروبات. ولكن البكتيريا هي عبارة عن كائنات حية معقدة وسريعة التطور، ما يصعب التأكيد على أنها مفيدة بالكامل أو مضرة بالكامل».

مجاهيل الأنواع الميكروبية
صحيح أن العلماء اكتشفوا الكثير في هذا المجال في السنوات الأخيرة، ولكن لا يزال هناك الكثير لمعرفته حول آلاف الأنواع الميكروبية التي تعيش في الأمعاء.
كتبت لوهمان وزملاء لها أخيراً في ورقة بحثية حديثة نشروها في دورية «ذا لانست غاسترو إنتيرولوجي أند هيباتولوجي» The Lancet Gastroenterology & Hepatology. أن «الأنواع المجهولة من الميكروبات البشرية المعلومة مذهلة، إذ أن ما يقارب 20 في المائة من سلاسل البكتيريا الجينية لم تعرف بعد، و40 في المائة من مجموع العشرة ملايين جين بكتيري المقدرة لا تزال غير معروفة».
أظهرت الدراسات في هذا المجال أنه لا يوجد نظام غذائي موحد يناسب الجميع بتأثيرات موحدة على عوامل كالصحة الأيضية أو خسارة الوزن، لأن الميكروبيوم البشري يلعب دوراً في هذا الأمر. لهذا السبب، تعمد بعض الشركات إلى دمج تحاليل الميكروبات البشرية مع بيانات أخرى لمنح الناس توصيات غذائية خاصة بهم. وتتابع دراسة عالمية مستمرة اسمها «بريدكت» Predict عن الغذاء الموجه لكل فرد personalized nutrition، ألفا ومائة شخص في الولايات المتحدة وبريطانيا ومن بينهم مئات من التوائم المتطابقة وغير المتطابقة. ووجدت هذه الدراسة أن الأشخاص قد يملكون استجابات أيضية مختلفة كلياً لنفس الأنواع الغذائية وأن عوامل فريدة كالجينات والنوم والتوتر ومستوى التمارين الرياضية، وتنوع الميكروبات في أمعائهم، توثر جميعها على شكل التمثيل الغذائي.

صدقية الاختبارات
شكل هذا البحث الأساس لشركة «زوي» Zoe التي تقدم توصيات غذائية مخصصة عبر تحليل ميكروبات زبائنها المعوية وجمع مجموعة كبيرة من البيانات الصحية منهم. تطلب «زوي» من زبائنها ارتداء أجهزة مراقبة للغلوكوز بشكل متواصل، وتسحب منهم عينات دم لرصد تأثيرات الوجبات المختلفة على مستويات الدهون والغلوكوز في دوراتهم الدموية. تبدأ أسعار البرامج التي تقدمها الشركة من 354 دولاراً مقسمة على ستة أشهر (القسط الواحد 59 دولاراً).
من جهة أخرى نشرت مجموعة من الباحثين من معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل عام 2015 دراسةً شملت 800 مشارك أظهرت أيضاً أن الناس يملكون استجابات غلوكوز مختلفة (أحد المؤشرات المهمة على خطر الإصابة بالسكري) لنفس نوع الطعام. طور هؤلاء الباحثون خوارزمية باستخدام بيانات عن استجابات الغلوكوز لدى المشاركين، وميكروباتهم المعوية، وتاريخهم العائلي وأسلوب حياتهم، سمحت لهم بالتنبؤ بشكل استجابة الغلوكوز لمختلف أنواع الأطعمة. ساهم هذا البحث في بروز شركة تدعى «داي تو» DayTwo تقدم نصائح غذائية مخصصة لأشخاص مصابين بالسكري لمساعدتهم في السيطرة على حالتهم.
وتعلق لوهمان من جامعة ديكن بالقول إن دراسات الميكروبات البشرية التي كانت خلف نشأة شركات كـ«زوي» و«داي تو» مثيرة للاهتمام، ولكن يجب القيام بمزيد من البحوث. ولا تقف استنتاجات الباحثة عائقاً أمام الناس الذين يرغبون بفحص تسلسل ميكروباتهم لمعرفة المزيد عن صحتهم، ولكنها تلفت الانتباه إلى أنه يمكنهم أيضاً القيام بخطوات لتغذية ميكروباتهم المعوية مثل تناول كمية كبيرة من النباتات الغنية بالألياف والأطعمة المخمرة التي ستفيد صحتهم بكل عام.
وأخيراً، تقول لوهمان: «إذا كنتم تملكون 300 دولار لا تحتاجونها، أنتم أحرار لتجربة برامج الشركات. ولكن ألن تكون صحتكم أفضل بكثير إذا زرتم طبيبا ونظر إلى ملفكم وقال إنكم وصلتم إلى الأربعين وتعانون من مشاكل صحية كامنة – إذن يجب أن تتناولوا المزيد من الخضراوات؟ هذا الأمر مثير للجدل».
*خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

تكنولوجيا «Google Vids» هي أداة بسيطة لإنشاء فيديوهات احترافية تدعم العمل الجماعي والذكاء الاصطناعي لإعداد المخططات وإضافة الصور تلقائياً (غوغل)

«غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

تستهدف هذه الخدمة الشركات التي تتطلع إلى إنتاج محتوى مرئي احترافي بكفاءة وسرعة دون الحاجة للخبرة الفنية العميقة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تتيح «فينغيج» قوالب وأدوات تخصيص سهلة بينما تستخدم «نابكن إيه آي» الذكاء الاصطناعي لتحويل النصوص إلى تصميمات جذابة (فينغيج)

أدوات مميزة لتحويل أفكارك إلى تصميمات مرئية جذابة

تخيل أن بإمكانك تصميم إنفوغرافيك أو تقرير جذاب بسهولة!

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يتطلب «واي فاي 7» بنية تحتية متقدمة ودعماً لمعدلات بيانات أعلى (أدوبي)

خاص كيف يدعم «واي فاي 7» التحول الرقمي وشبكات القطاعات الحيوية؟

يعزز «واي فاي 7» الاتصال عالي السرعة ويدعم التحول الرقمي في القطاعات الحيوية مع تحسين الأمان وكفاءة استهلاك الطاقة لتحقيق الاستدامة.

نسيم رمضان (دبي)
الاقتصاد جناح «الوطنية للإسكان» في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (حساب الشركة على «إكس»)

اتفاقية استثمارية بين «الوطنية للإسكان» السعودية و«نيفر كلاود» الكورية بـ532 مليون دولار

وقّعت «الشركة الوطنية للإسكان» السعودية اتفاقية استثمارية مبدئية للتفاهم مع شركة «نيفر كلاود» الكورية بقيمة ملياري ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
TT

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة
مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة

عام 1974، نشرت مجلة «ساترداي ريفيو - Saturday Review» الأميركية الرصينة، التي كانت في عامها الـ50 آنذاك، عدة إصدارات بمناسبة ذكراها السنوية، تناولت كيف أدى القرن إلى حاضر قاتم من الحرب النووية الحرارية الوشيكة، والطفرة السكانية التي سرعان ما ستتجاوز قدرة الكوكب على إطعام سكانه، ونضوب الطاقة القابلة للاستغلال، وغيرها من التعثرات التي تهدد العالم.

الاكتظاظ السكاني وندرة النفط... تنبؤات ما قبل 50 عاماً

في الختام، قدمت المجلة إصداراً خيالياً غير معتاد مليئاً بالتنبؤات والمقترحات الخيالية والمعقدة أحياناً للعالم، لما بعد نصف قرن من الزمان في المستقبل. وكان أحد إصدارات الذكرى السنوية في عام 1974 مخصصاً بالكامل للطرق التي يمكن للعالم من خلالها استعادة ثقته. وأشرف على إصدار الإصدارات محرر المجلة نورمان كوزينز، وهو نفسه مثقف عام غزير الإنتاج وكان ذات يوم أشهر شخصية متفائلة في البلاد.

كان كوزينز وصف في عام 1979، كتابه الأكثر مبيعاً «تشريح المرض كما يراه المريض» كيف نجح في علاج نفسه، جزئياً، بعد تشخيص حالته بمرض مميت، من خلال التمتع بأفلام كوميدية مجنونة وضحكات عالية.

«مستقبليون» سابقون مشهورون

جمع كوزينز قائمة من كبار الشخصيات المشهورين على مستوى العالم، مثل أندريه ساخاروف، ونيل أرمسترونغ، وجاك كوستو، وإسحاق أسيموف، وكلير بوث لوس (المرأة الوحيدة).

وقد تراجعت بعض المشاكل التي كانوا يأملون أن يتمكن العالم من إيجاد مخرج منها، وخاصة ندرة النفط والاكتظاظ السكاني. وسواء كان ذلك بحكمة أو بغير حكمة، فقد حلت محل هذه المخاوف نقيضاتها الظاهرية الحالية.

وباء السمنة وحطام الوقود الأحفوري

في البلدان الغنية حالياً ظهرت مشكلات أخرى، إذ تتعامل اليوم مع أوبئة السمنة و«حطام» الوقود الأحفوري المفرط في الوفرة.

ومن المفارقة أن قيمة شركة «نوفو نورديسك»، المصنعة لعقاقير إنقاص الوزن أوزيمبيك وويجغفي تأتي فقط بعد قيم شركتي النفط والغاز الكبيرتين في العالم، «أرامكو» السعودية و«إكسون».

واليوم تصاب الدول بالذعر إزاء الانحدار العالمي في معدلات المواليد وتقلص أعداد السكان وشيخوخة السكان. وقد أكون مغروراً بقدر ما أصبت في توقعاتي، ولكنني أدرك أيضاً ما أغفلته توقعاتي المستقبلية.

40 % من البالغين لا يريدون الإنجاب

لقد توقعت أن معدلات المواليد المتقلصة سوف تجتاح العالم بأسره، ولكنني لم أتوقع أن يصبح عدد البالغين الذين سوف يختارون عدم إنجاب الأطفال على الإطلاق كبيراً، ففي بعض البلدان تصل نسبتهم إلى نحو 40 في المائة. لقد توقعت بشكل صحيح أن سياسة الطفل الواحد التي تنتهجها الصين سوف تدفع الأسر الصينية إلى الاستثمار بشكل متزايد في تعليم أطفالها من أجل إعدادهم للسوق العالمية. لم أكن أتوقع أن الملايين من الشباب الصينيين المتعلمين في الجامعات والذين يعانون من الإحباط المهني سوف يفضّلون البقاء عاطلين عن العمل لسنوات بدلاً من العمل في وظائف يعدّونها أدنى من مستواهم، أو أنهم سوف يظلون معتمدين على والديهم، غير متزوجين وليس لديهم أطفال.

ازدياد أجيال من غير المتعلمين

لم أكن أتوقع بالتأكيد أن الرخاء وانخفاض معدلات البطالة في أميركا سوف يثني الشباب عن الذهاب إلى الجامعة، أو أن «غير المتعلمين» سوف يلوّحون بعدم حصولهم على الشهادات الجامعية كفضيلة سياسية ثم يتفاخرون بها وبأنهم يمثلون طليعة النهضة الأميركية العظيمة.

صدمة المستقبل

الأشياء التي فاتتني لم تكن جامحة مثل بعض الرؤى الغريبة التي تخيلها طاقم المجلة في عام 1974.

* نبوءة نيل أرمسترونغ. تنبأ نيل أرمسترونغ (رائد الفضاء الأميركي) بوجود مجموعات كاملة من البشر يعيشون في محيط من مادة الميثان اللزجة تحت سطح كوكب المشتري الذي يمكنهم البقاء عليه. سوف يعملون في وظائفهم اليومية، ويتسوّقون ويحتفلون بينما يطفون في بدلات السباحة، ولكن فقط بعد إجراء عملية جراحية لاستبدال قلوب ورئات المستعمرين بأجهزة أكسجين قابلة للزرع. ومن الغريب أن أرمسترونغ، وهو مهندس طيران، رأى هذا باعتباره رؤية وردية لعام 2024.

* نبوءة أندريه ساخاروف. كما قدم أندريه ساخاروف، والد القنبلة الهيدروجينية السوفياتية والحائز على جائزة نوبل للسلام (1975)، أفكاراً حول كيفية إخراج الناس «من عالم صناعي مكتظ وغير مضياف للحياة البشرية والطبيعة».

كان ساخاروف يعتقد أن عالم عام 2024 سوف ينقسم إلى مناطق صناعية قاتمة وأحزمة خضراء مكتظة بالسكان حيث يقضي الناس معظم وقتهم. لكن سطح الأرض لن يكون كافياً لـ«7 مليارات نسمة في عام 2024» (كان ينقصه مليار). كما توقع ساخاروف مدناً شاسعة في الفضاء ستكون موطناً للمزارع والمصانع. أعتقد أن هذا يبدو وكأنه رؤية طوباوية إذا كانت الحياة البائسة على سطح الأرض أسوأ بكثير.

* نبوءة كلير بوث لوس، المحافظة السياسية ومدمنة عقار «إل إس دي»، والتي كانت كاتبة مسرحية وممثلة في الكونغرس وسفيرة في إيطاليا وزوجة لرجال أقوياء، أن التقدم البطيء للغاية الذي أحرزته النساء تمكن رؤيته في ملامح ماضيهن.

كانت لوس تعتقد أن المساواة للمرأة سوف تأتي، لكنها ستستغرق قرناً أو أكثر. وقد كتبت: «يؤسفني أن أقول إن الصورة التي أراها هناك ليست صورة المرأة الجالسة في الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض في عام 2024».

إيمان مستقبلي

في الآونة الأخيرة، كنت أحاول أن أرى المستقبل من خلال قضاء بعض الوقت في مواقع بناء مراكز البيانات التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد لالتقاط ملامح الطفرة في الذكاء الاصطناعي.

إن أحد التنبؤات المذهلة التي تحرك الأموال والسياسات اليوم أن العالم سينفق أكثر من تريليون دولار لبناء البنية الأساسية للبيانات (يتوقع سام ألتمان، مؤسس شركة «OpenAI» سبعة تريليونات دولار) للحوسبة من الجيل التالي التي يمكن أن تلغي التنبؤ البشري وتستبدله بنماذج تنبؤية تديرها الآلات.

ورغم أنه لا أحد يعرف إلى أين ستقود كل هذه القوة الحاسوبية، فإن العالم يراهن عليها بشدة مع ذلك. إن هذه الطفرة تجعل خيالي - وهو شيء كنت فخوراً به للغاية - يشعر بالضآلة والإرهاق.

رؤية مفعمة بالأمل لدحر التشاؤم

لقد جاء دافع كوزينز للتنبؤ بالمستقبل أكثر من منطلقات الذكاء العاطفي له والرؤى المفعمة بالأمل له وأمثاله الذين وظّفوا معرفتهم للانفصال عن الماضي، وأقل من منطلقات رؤيته للمستقبل المستنبطة من الحقائق المعروفة في زمنه.

ومن المفارقات، كما أشار كوزينز، أن التنبؤات لا تأخذ في الحسبان التفاؤل الذي يتوقعه الناس في المستقبل.

وأضاف، في حينه، أنه إذا كان لدى عدد كافٍ من الناس إيمان بأن الجنس البشري يتمتع بالقدر الكافي من الذكاء والطاقة للعمل معاً على حل المشاكل العالمية، فإنه استخلص أن «التوقعات المتشائمة للخبراء سوف تفقد قدرتها على الشلل أو الترهيب. لذا فإن أكبر مهمة تواجه البشرية في السنوات الـ50 المقبلة سوف تكون إثبات خطأ الخبراء [المتشائمين]».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».