لبنان: خيار ميقاتي استقالة قرداحي وإلا سيتخذ موقفاً آخر

الحكومة باقية وأمامها فسحة من الوقت لترتيب أوضاعها

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي
TT

لبنان: خيار ميقاتي استقالة قرداحي وإلا سيتخذ موقفاً آخر

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي

قال مصدر سياسي مواكب للاتصالات التي يتولاها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لإخراج لبنان من أزمة تصدّع العلاقات اللبنانية - الخليجية إن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي تبقى الممر الإلزامي الوحيد الواجب اتباعه للدخول في تسويتها على قاعدة تبنّي مجلس الوزراء لخريطة الطريق التي رسمها انطلاقاً من وضع مقاربة شاملة لإعادة تصحيحها وتصويبها بما يضمن عودة لبنان إلى الحضن العربي وابتعاده عن سياسة المحاور التي يسعى «حزب الله» لجرّه إليها.
ونقل المصدر السياسي عن الرئيس ميقاتي قوله إن الأولوية تكمن في مبادرة قرداحي للاستقالة كخيار أول، وعدم تجاوبه مع الدعوات التي تطالبه بالاستقالة سيضطره للجوء إلى خيار آخر بإقالته من الحكومة. ولفت «الشرق الأوسط» إلى أن رئيس الحكومة لن يلجأ حتى إشعار آخر إلى هذا الخيار وأنه يركّز حالياً على الخيار الأول بدعوته للاستقالة، طالباً منه تقدير المصلحة الوطنية للبنان التي يجب أن تبقى مصانة لأنها فوق أي اعتبار آخر.
وأكد المصدر نفسه أن أزمة العلاقات اللبنانية - الخليجية تعود إلى تراكمات بسبب إصرار «حزب الله» على عدم التزامه بالبيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة ومضيّه في خرق سياسة النأي بالنفس باستهدافه دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لإلحاق لبنان بمحور الممانعة التي تتزعّمه إيران. ورأى بأن إساءة قرداحي لهذه الدول كانت بمثابة عود الثقاب الذي أشعلها وأدى إلى اتخاذ معظمها قرارات بسحب سفرائها من لبنان.
واستبعد المصدر السياسي أن يكون ميقاتي في وارد الاستقالة أو بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد في حال استمر قرداحي في استعصائه على دعوته بالاستقالة، ونُقل عن ميقاتي قوله: «ليس لأنني لا أريد الاستقالة، لكن هل تتأمّن مصلحة البلد باستقالتي؟ وهل يمكن تأمين البديل؟ أم أننا نُقحم بلدنا في كباش سياسي نعرف من أين يبدأ ولكننا لا يمكن التكهن إلى أين سينتهي؟ وهل يمكننا أن نمنع دخوله في نفق مسدود فيما نسعى لإعادته إلى الخريطة الدولية وقد نجحنا في الحصول على ضمانات لإخراجه من التأزُّم الذي يتخبّط فيه للعبور به إلى الإنقاذ؟».
واعتبر أن ميقاتي تلقى كل دعم ومساندة للبنان في اللقاءات التي عقدها على هامش مشاركته في القمة المناخية، وقال إن لدى القيادات التي التقاها رغبة في دفع لبنان قدماً نحو الإنقاذ فيما تحاول بعض الأطراف في الداخل العودة به إلى المربع الأول، أي إلى ما كنا عليه قبل تشكيل الحكومة. وأكد بأن دول الخليج تتساهل في موقفها وأن معظمها تبدي تشدُّداً، وإن كانت لم تعترض على إعطاء رئيس الحكومة فسحة من الوقت وبناء لطلبه لعله يتمكن من استيعاب أسباب الأزمة وتوفير الحلول لها.
وكشف المصدر نفسه أن ميقاتي وإن كان يعوّل حالياً على الخيار الأول بدعوة قرداحي للاستقالة، فإنه سيضطر في حال عدم تجاوبه إلى اتخاذ موقف آخر، وإن كان يتجنّب الإفصاح عن طبيعته لأنه لا يريد أن يحرق المراحل ويقطع الطريق على الجهود الرامية لإقناعه بضرورة الاستقالة من دون أن تبقى مديدة ومفتوحة لأن عامل الوقت لن يكون لمصلحة إعادة تفعيل العمل الحكومي ولا لفترة السماح التي مُنحت له لأن التفريط فيها سيترتب عليه تشدُّد من قبل دول الخليج وعلى رأسها السعودية التي ستضطر لحماية أمنها القومي وأمن مواطنيها والمقيمين على أرضها إلى اتخاذ رزمة من الإجراءات والتدابير.
وتوقف أمام صمت رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدم دخوله في السجال، وقال إن القاسم المشترك الذي يجمعه بالرئيس ميقاتي يكمن في تقطيع مرحلة السجالات والتجاذبات بالصمود من جهة، وبتريُّث الأخير وعدم مبادرته للاستقالة، وقال إن هناك ضرورة لتبريد الرؤوس الحامية إفساحاً في المجال أمام بري للقيام بدور إنقاذي إلى جانب ميقاتي، خصوصاً أنه يرفض أن يكون طرفاً من شأنه أن يعيق تدخّله في الوقت المناسب.
وبالنسبة إلى المهمة التي يبدأها اليوم في بيروت نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي بحصر لقاءاته بالرؤساء الثلاثة، قال المصدر نفسه بأن مهمته تبقى في إطار استكشاف المواقف على حقيقتها والاستماع إلى وجهات نظر الرؤساء ليبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن الأزمة بين لبنان ودول الخليج ليست محصورة بهذه الأطراف جمعاء وإنما لها امتداداتها بداخل الساحة اللبنانية بين فريق يُبدي تفهّماً للأسباب التي أملت على هذه الدول سحب سفرائها من لبنان وآخر يتحمل مسؤولية حيال تدهور العلاقات اللبنانية - الخليجية ويتزعّمه «حزب الله» المدعوم من إيران ولديه أجندة سياسية تتمثل بتمدّده في دول الجوار وصولاً إلى اليمن، وتُحمِّله هذه الدول مسؤولية زعزعة الاستقرار في المنطقة وتهديد أمنها القومي.
وشدّد المصدر نفسه على أن دخول الجامعة العربية على خط الأزمة يضع الأطراف المحلية أمام مسؤولياتها في إنضاج مقاربة سياسية لاستيعابها تبدأ باستقالة قرداحي، وأكد بأن المجتمع الدولي قال كلمته بإسداء نصيحة إلى لبنان بوجوب التوجّه لمعالجتها بخطوات عملية تتيح له تقديم المساعدة، وإلا لا جدوى منها ما لم تبادر هذه الأطراف إلى مساعدة نفسها، ورأى أن الحديث عن احتمال قيام دولة قطر بوساطة يبقى في إطار التمنيات ولم يترجم إلى خطوات عملية ولم يعد من رهان إلا على الدور الذي ستلعبه الجامعة العربية.
ولفت إلى أنه لا مجال للدخول في مقايضة بين مطالبة «الثنائي الشيعي» بتنحّي المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وبين دعوة قرداحي للاستقالة، وقال إن ميقاتي ليس في هذا الوارد وهو يلقى الدعم من رؤساء الحكومات السابقين، وإن كان وإياهم من أصحاب الدعوة لتصويب مسار التحقيق بالعودة إلى تطبيق الدستور والكف عن الانتقائية والاستنسابية في ادعاءات البيطار على نواب حاليين ووزير سابق.
وأكد أن رؤساء الحكومات يتواصلون مع ميقاتي ويرون - كما أبلغوه - أن الوقت غير مناسب الآن للمطالبة باستقالته لعدم فراغ الساحة أمام «حزب الله» وحلفائه، وكشف أن ميقاتي كان أبلغ من تواصل معهم أو التقاهم أنه لا مجال للعبور بلبنان إلى الإنقاذ ما لم يلتزم الوزراء بالبيان الوزاري، وإلا لن يكون في مقدوره أن يكمل طريقه، أي البلد، وهذا ما أُحيط به علماً الرئيس عون و«حزب الله» وآخرون.
ورداً على سؤال أكد المصدر أن عون يدعم ميقاتي في مطالبته باستقالة قرداحي، وقال إنه استدعاه وطلب منه أن يتقدّم بها، وأكد أن ميقاتي التقى المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل الذي أبلغه أن الحزب لا يطلب منه الاستقالة أو عدمها ويترك له القرار النهائي «ونحن لن نقف حجر عثرة في حال قرر الاستقالة»، وكذلك الحال بالنسبة إلى زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية الذي تواصل معه ميقاتي قبل أن يلتقي البطريرك الماروني بشارة الراعي.
لذلك يصر ميقاتي على إعادة ترتيب البيت اللبناني بدءاً بالحكومة كمدخل لاستيعاب الأزمة اللبنانية - الخليجية لأن علاقة لبنان بدول الخليج تتجاوز الدعم المادي إلى المعنوي الذي يتيح له الاستقواء به دولياً، خصوصاً أن المجتمع الدولي، وهذا ما لمسه ميقاتي في لقاءاته على هامش القمة المناخية، يقف ضد الهبوط الاضطراري للبنان في مستنقع الفتنة أو في العودة إلى نقطة الصفر، وبالتالي ممنوع عليه الارتطام بحائط مسدود سياسياً وصولاً إلى الانهيار الشامل.



«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة»، فيما قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.

«لا يعكس حجم الفظائع»

من جهتها، قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين على منصة «إكس»: «احتاجت منظمة العفو الدولية إلى أكثر من عامين للحديث عن جرائم حماس الشنيعة، وحتى الآن لا يعكس تقريرها إلى حد بعيد حجم الفظائع المروعة لحماس»، متهماً المنظمة الحقوقية بأنها «منظمة منحازة».


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.


الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تطلب 2.5 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية في اليمن

مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجموعة من الصبية النازحين يتجمعون داخل مخيم مؤقت وسط طقس بارد في صنعاء (إ.ب.أ)

حذّرت الأمم المتحدة من اتساع غير مسبوق في رقعة الاحتياجات الإنسانية باليمن خلال العام المقبل، مؤكدة أن البلاد تتجه نحو إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ما لم يتوفر التمويل العاجل لخطة الاستجابة.

وأظهر أحدث البيانات الأممية أن 23.1 مليون يمني (نحو ثلثي السكان) سيحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة، في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لتمويل خطة لن تصل إلا إلى أقل من نصف هذا العدد.

وجاء هذا التحذير في سياق نداء تمويلي جديد شددت فيه الأمم المتحدة على أن خطة الاستجابة للعام المقبل ستستهدف فقط 10.5 مليون شخص، وأن التدخلات ستركز بشكل صارم على الجوانب الأشد إلحاحاً، مثل منع المجاعة، وعلاج سوء التغذية، واحتواء تفشي الأمراض، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات.

إلا إن الخطة لم تقدم توضيحات بشأن كيفية تنفيذ الأنشطة في مناطق سيطرة الحوثيين التي تشهد قيوداً متصاعدة، بعد أن أغلقت الجماعة مكاتب تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، واعتقلت العشرات من موظفيها، بينهم 59 موظفاً أممياً.

23.1 مليون يمني سيكونون دون مساعدات مع حلول العام الجديد (إعلام محلي)

وفي سياق استعراضها الأوضاع، أكدت الأمم المتحدة أن استمرار الصراع، وتدهور الاقتصاد، والصدمات المناخية، إلى جانب القيود المفروضة على الوصول الإنساني، ونقص التمويل... كلها عوامل عمّقت الاحتياجات الإنسانية بدرجة غير مسبوقة.

وكشفت بيانات خطة الاستجابة عن وجود 18.1 مليون شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، منهم 5.8 مليون شخص يعيشون مستويات جوع طارئة، و40 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة المباشرة.

كما يعاني 2.5 مليون طفل دون الخامسة و1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وسط تراجع كبير في برامج التغذية والدعم الغذائي خلال الأشهر الماضية.

تفاقم انهيار الخدمات

أوضحت الأمم المتحدة أن الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والمياه، والصرف الصحي، والمأوى... تعرضت لانهيار كبير خلال العامين الماضيين، مشيرة إلى أن 8.41 مليون شخص يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، فيما يعيش 15 مليوناً في ظل انعدام الأمن المائي، ويُحرم 17.4 مليون شخص من خدمات الصرف الصحي والنظافة.

كما تسبب ضعف البنية الأساسية والاجتماعية في زيادة الاحتياج إلى خدمات الحماية لأكثر من 16 مليون شخص، بينهم 4.7 مليون نازح داخلي يتوزعون على مئات المخيمات ومواقع النزوح، إلى جانب 6.2 مليون شخص (غالبيتهم نساء وفتيات) يحتاجون إلى خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

1.3 مليون يمنية يواجهن سوء التغذية الحاد مع تراجع الدعم الدولي (إعلام محلي)

ويضاف إلى ذلك 2.6 مليون طفل خارج المدرسة؛ بسبب النزوح، والفقر، والتدهور المستمر في البنية التعليمية، فيما تأثر أكثر من 1.5 مليون شخص بالصدمات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف خلال العام الحالي.

وتوضح هذه المؤشرات أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من الانهيار ما لم يُتعامل معه بحزمة عاجلة من التمويل والتدخلات الميدانية، مع رفع القيود التي تعرقل وصول المساعدات إلى الفئات الأضعف.

قيود الحوثيين

ومنذ أغسطس (آب) الماضي، تضاعفت القيود التي يفرضها الحوثيون على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى في مناطق سيطرتهم، حتى وصلت إجراءاتهم إلى اقتحام مكاتب أممية ومصادرة أصولها وإغلاقها؛ مما أدى إلى توقف برامج أساسية، مثل «برنامج الأغذية العالمي» الذي كان يوفر مساعدات لنحو 13 مليون يمني.

وتقول الأمم المتحدة إن هذه الإجراءات حرمت ملايين اليمنيين من التدخلات الأساسية، خصوصاً مع تقييد حركة العاملين الإنسانيين واعتقال موظفين أمميين منذ فترات طويلة دون إجراءات قانونية.

الحوثيون أغلقوا مكاتب الأمم المتحدة واعتقلوا 59 من موظفيها (إعلام محلي)

وفي هذا السياق، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الإعراب عن «قلقه البالغ» من استمرار احتجاز الحوثيين 59 من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات العاملين في منظمات غير حكومية وبالمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إن المحتجزين يخضعون للعزل عن العالم الخارجي؛ «بعضهم منذ سنوات»، دون أي إجراءات قانونية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يكفل لهم الحصانة، خصوصاً بشأن مهامهم الرسمية.

ودعا دوجاريك سلطات الحوثيين إلى التراجع عن إحالة هؤلاء الموظفين إلى محكمتهم الجنائية الخاصة، والعمل فوراً وبحسن نية على الإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والسلك الدبلوماسي.

وأكد أن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة دعم الشعب اليمني وتقديم المساعدات الإنسانية «وفق مبادئ الحياد وعدم التحيز»، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملها في البلاد.