موسكو تعيد ترتيب أوراق شمال شرقي سوريا

إعادة انتشار الميليشيا الإيرانية عند الحدود السورية ـ العراقية

انتشار عربات عسكرية للتحالف الدولي قرب معبر بلدة جديد بكارة شرق سوريا (دير الزور 24)
انتشار عربات عسكرية للتحالف الدولي قرب معبر بلدة جديد بكارة شرق سوريا (دير الزور 24)
TT

موسكو تعيد ترتيب أوراق شمال شرقي سوريا

انتشار عربات عسكرية للتحالف الدولي قرب معبر بلدة جديد بكارة شرق سوريا (دير الزور 24)
انتشار عربات عسكرية للتحالف الدولي قرب معبر بلدة جديد بكارة شرق سوريا (دير الزور 24)

بدأت الأجهزة الأمنية والحزبية والحكومية التابعة للنظام السوري في محافظة دير الزور شرق البلاد، التحضيرات لإتمام عملية تسوية واسعة منتصف الشهر الحالي، على غرار التسوية التي جرت في محافظة درعا برعاية روسية.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن دمشق بدأت بتشكيل لجان خاصة بالتسوية المتوقع أن تشمل كافة المطلوبين، سواء الفارين من الخدمة العسكرية والاحتياطية، أو المُتخلفين عن الخدمة الإلزامية، كما ستشمل المطلوبين من الرجال والنساء بشكل عام، وفق ما ذكرته المصادر. وقد تم بتشكيل لجنة من قبل وزارة الداخلية والعدل والأجهزة الأمنيّة، لتولي مهمة إصدار وثيقة تسوية وضع لضمان عدم التعرض وملاحقة حاملها، وبحسب المصادر جرى إبلاغ الحواجز العسكريّة والأمنيّة المعنية. كما تم تحديد الصالة الرياضيّة بدير الزور مكاناً للتسوية المرتقبة، على أن يجري نقل التسويات إلى الريف الغربي ومن ثم إلى مدينتي البوكمال والميادين وأريافهما، وصولاً للريف الشمالي.
وكان أمين فرع دير الزور لحزب البعث رائد الغضبان، قد أعلن في وقت سابق، عن عزم النظام القيام بـ«تسوية شاملة» في دير الزور، ويأتي ذلك متزامناً مع مساعٍ روسية لترتيب الأوضاع في شرق البلاد تضمن دخول الجيش السوري إلى بعض مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. كما ذكرت في وقت سابق مصادر روسية لـ«الشرق الأوسط»، أن موسكو تبذل جهوداً مكثفة لتطويق التصعيد العسكري في شمال سوريا، على خلفية التأهب العسكري والتدريبات التي تقوم بها أطراف مختلفة، بالتزامن مع زج تعزيزات كبيرة للقوات الحليفة لتركيا والقوات النظامية في ريفي الحسكة والرقة، وسط تكثيف الشرطة العسكرية الروسية الاتصالات المباشرة بين الجيش السوري وقيادة «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تمثل ضمن صفوفها المكون الكردي في المنطقة.
يشار إلى أن الجهود الروسية أثمرت في القامشلي التي يتقاسم السيطرة عليها دمشق و«قسد»، سلسلة اتفاقات قضت بالإفراج عن عشرات من عناصر قوات النظام والدفاع الوطني المحتجزين لدى «قسد»، وفك الحصار عن المربع الأمني التابع لدمشق في مدينة القامشلي، واتفاقات خاصة بالموارد الطبيعية للمنطقة.
في المقابل تقوم روسيا بحد الانتشار الإيراني في تلك المناطق، حسب ما أفادت به مصادر محلية، قالت إن قراراً روسياً صدر بمنع نقل عناصر ميليشيا الحرس الثوري إلى داخل مناطق سيطرة «قسد» عن طريق مطار القامشلي. وذكرت شبكة «عين الفرات» أن القرار الروسي تم بالتنسيق مع جيش النظام السوري، باعتبار أن «الوجود الإيراني في المنطقة لا مبرر له كونها ليست منطقة اشتباكات». وقد قامت القيادة العسكرية الروسية الموجودة في سوريا بإبلاغ الجيش في القامشلي، بقرار «منع نقل عناصر الحرس الثوري من المحافظات السورية إلى محافظة الحسكة، بعد تزايد أعدادهم هناك دون وجود مبررات». ويوجد نحو 150 عنصراً من الميليشيات التابعة لإيران في مناطق قريبة من مطار القامشلي.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بقيام الميليشيات التابعة لإيران منذ أيام، بإعادة انتشار ضمن بلدات وقرى ممتدة من الميادين إلى البوكمال، عند الحدود السورية - العراقية بريف دير الزور الشرقي. وتتمثل عمليات إعادة الانتشار بتبديل مواقع ونقاط وقوات، بالإضافة إلى استقدام تعزيزات عسكرية بشكل يومي إلى مواقعها ونقاطها، وتحصين تلك المواقع والنقاط بشكل أكبر. ورجح المرصد أن «تكون تلك التحركات، للتمويه، تخوفاً من الاستهدافات المتكررة التي تتعرض لها تلك الميليشيات من قبل الجانب الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وقوات التحالف الدولي بدرجة أقل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».