فتح باب الترشح للانتخابات الليبية بطعون ودعوات للمقاطعة

45 منافساً محتملاً على «الرئاسية» ومئات للبرلمان

عماد السائح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (رويترز)
عماد السائح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (رويترز)
TT

فتح باب الترشح للانتخابات الليبية بطعون ودعوات للمقاطعة

عماد السائح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (رويترز)
عماد السائح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي بطرابلس (رويترز)

تستعد ليبيا اليوم لبدء مرحلة فاصلة من حياتها السياسية، بالإعلان عن فتح باب الترشح رسمياً لأول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد. وفي غضون ذلك تستعد أطراف تحتج على هذا المسار للطعن على القوانين، التي سيجري على أساسها هذا الاستحقاق المُرتقب، أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.
ودعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، برئاسة عماد السائح، جميع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني لحضور مؤتمر صحافي اليوم للإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والنيابية، والبدء في عملية توزيع بطاقة الناخب، فضلاً عن تقديم إحاطة شاملة حول مستجدات العملية الانتخابية، المقرر إجراؤها في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وانضمت تيارات موالية للإسلام السياسي للتعهد، الذي أبداه خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة قبيل يومين، بالتحرك قضائياً ضد قانوني الانتخابات الرئاسية والنيابية الصادرين عن مجلس النواب، بدعوى المطالبة بإجراء الانتخابات على «أسس قانونية ودستورية سليمة».
وفي هذا السياق قال عضو مجلس الدولة، عبد الرحمن الشاطر: «يلح علي إطلاق دعوة لمقاطعة الانتخابات ما لم تنطلق على أساس دستوري»، مضيفاً «انتخبنا هيئة لصياغة الدستور، وأنجزت مهمتها في ظروف غاية في الصعوبة، فلماذا يتم تجاهل مشروع الدستور ليجرنا البعض لانتخابات ستنتج خلافات دموية؟ الأفضل مقاطعتها».
ووسط تصاعد التهديدات، التي يطلقها المشري من حين لآخر باللجوء للقضاء، وعدم السماح لقائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بالترشح قال جمال شلوف، رئيس مؤسسة‏ «سلفيوم» للدراسات والأبحاث‏، إن المشري «خرج ليهدد بأنه في حال فوز خليفة حفتر بالرئاسة فإن الشبان في غرب ليبيا سيموتون بالآلاف وحتى بعشرات الألوف، لكي يمنعوا وصوله لكرسي الرئاسة بالأدوات الديمقراطية».
وذهب شلوف إلى أن المشري «يدرك تماماً أن قائمة المعرقلين المُعاقبين أميركياً ودولياً، التي ستصدر قريباً جداً، لن تخلو من اسمه، لذا يحاول تمرير رسالة تهديد مبطنة إلى الناخب الليبي»، الذي قد يختار حفتر في انتخابات الرئاسة الشهر المقبل، كما يسعى إلى «زرع صورة في عقل الناخب بعودة الحرب والاقتتال، والانقسام السياسي والمؤسسي في حالة نجاح حفتر في الانتخابات القادمة».
ورأى شلوف أن «تهديدات المشري ما هي إلا «دعاية سلبية تستخدم البعد النفسي لتنمية مخاوف الناخبين»، وذهب إلى أن الرد عليها «يستوجب التحرك قضائياً ضد المشري لدى المدعي العام والسلطات القضائية، وتشكيل فريق قانوني للمتابعة»، بالإضافة إلى ضرورة وجود «تصريح من القيادة العامة للقوات المسلحة بقبولها مخرجات العملية الانتخابية، ودعوة بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إلزام كل الأطراف بالتوقيع على تعهد خطي بقبولها».
وسبق للسائح القول إن قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، الصادرين عن مجلس النواب، قابلان للتطبيق، وإن الأخير استجاب لطلب التعديلات الفنية، التي طلبتها المفوضية عليهما، لافتاً إلى أن البلاد «ستكون دائرة انتخابية واحدة يتنافس فيها كل المرشحين للانتخابات الرئاسية، والفائز هو من يحصل على 50 في المائة +1 من الأصوات خلال الجولة الأولى، ثم يتم اللجوء للجولة الثانية إذا لم يحصل أي مرشح على هذه النسبة». ووفقاً للسائح، سيتنافس في الجولة الثانية المرشحان الحاصلان على أكثر الأصوات في الجولة الأولى. أما في الانتخابات البرلمانية فسيتم الاعتماد على النظام الفردي، بحيث تقسم ليبيا إلى 75 دائرة، ويفوز المرشح الحاصل على أكثر الأصوات في دائرته. ومع تزايد أعداد الطامحين لاعتلاء كرسي الحكم؛ يعتزم 48 شخصاً حتى الآن تقديم أوراقهم للترشح للرئاسة، بينما أعلنت مئات الشخصيات عزمها الترشح على مقاعد مجلس النواب.
وأمام حالة الاستقطاب الحادة التي سادت ليبيا خلال الأسبوعين الماضيين، تساءلت زهراء لنقي، عضو «ملتقى الحوار السياسي» إن كانت اختيارات الليبيين ستنحصر «بين مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بجرائم حرب، ومطلوب لمحكمة أميركية (مع إيقاف الطلب مؤقتاً) لاتهامه بجرائم حرب، وبين مشتبه فيه من قبل لجنة العقوبات التابعة للجنة الخبراء بالأمم المتحدة بتهم فساد ورشى سياسية». في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي وحفتر، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية.
لكن رغم ذلك، دارت عجلة التحضير لإجراء الانتخابات في موعدها، حيث عقدت الحكومة اجتماعاً تحضيرياً مساء أول من أمس لإطلاق «وحدة دعم الانتخابات»، بإشراف وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي. كما بحث أمس مدير أمن طرابلس، عميد محمود العابد، مع قيادات شرطية الوضع الأمني داخل العاصمة، ودور الشرطة في حراسة وحماية صناديق الاقتراع، وسبل إنجاح الانتخابات، منبهاً في الاجتماع الذي عقد بديوان المديرية، إلى ضرورة «التقيد بقواعد الضبط والربط، والتعامل مع المواطنين، وفقاً للقانون».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.