ليبيا: البعثة الأممية تعلن الاتفاق على آلية إخراج «المرتزقة»

محكمة أميركية تعلّق مقاضاة حفتر

جندي تركي أمام منزل في ضاحية صلاح الدين جنوب طرابلس يونيو 2020 (أ.ف.ب)
جندي تركي أمام منزل في ضاحية صلاح الدين جنوب طرابلس يونيو 2020 (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: البعثة الأممية تعلن الاتفاق على آلية إخراج «المرتزقة»

جندي تركي أمام منزل في ضاحية صلاح الدين جنوب طرابلس يونيو 2020 (أ.ف.ب)
جندي تركي أمام منزل في ضاحية صلاح الدين جنوب طرابلس يونيو 2020 (أ.ف.ب)

واصلت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ضغوطها على مجلس النواب لإقناعه بتعديل قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة قبل نهاية العام الحالي، كما أعلنت الاتفاق على إنشاء آلية اتصال وتنسيق فعالة لإخراج المقاتلين والمرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
وأبلغ يوسف العقوري رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، الأمين العام المساعد منسق البعثة الأممية ريزيدون زينينغا، خلال اجتماع افتراضي مساء أول من أمس، أن المجلس قام بالاستحقاق المنوط به واعتمد قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إطار حرصه على إقامة الانتخابات في موعدها ونجاحها، محذرا من وقوع البلاد في فراغ سياسي في حال عدم قبول نتائجها.
وشدد على أهمية توفير ضمانات لقبول نتائج الانتخابات وتوحيد المؤسسة العسكرية باعتبارها صمام أمان للبلاد وضمانا لوحدتها واستقرارها، واعتبر أن هذه الخطوة ستؤثر إيجابيا في نجاح الانتخابات. ولفت إلى ضرورة الالتزام بمخرجات مؤتمر جنيف بما في ذلك تفكيك المجموعات المسلحة وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وملف المصالحة بالإضافة إلى حل مشكلة تزوير الأرقام الوطنية. وأضاف: «من دون حلحلة تلك الموضوعات فالأمر سيكون تدويرا للمسألة دون حلول ناجعة للأزمة»، مشيراً إلى أن مجلس النواب غير متمسك بالبقاء في السلطة، كما أعرب عن قلقه لعدم سير عملية توحيد المؤسسات بشكل جيد مما نتج عنه إشكاليات في الحكومة.
وكان بيان للبعثة الأممية مساء أول من أمس قد أعلن «اتفاق اللجنة العسكرية (5+5) مع ممثلي دول تشاد والنيجر والسودان، على إنشاء آلية اتصال وتنسيق فعالة لإخراج المرتزقة والمقاتلين والقوات الأجنبية من ليبيا» عقب 3 أيام على ختام اجتماعاتها في القاهرة. وأوضح أن «الآلية تضع تصورا للجان الاتصال والتنسيق في ليبيا ودول الجوار بغرض إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب في عملية تدريجية ومتوازنة ومتزامنة ومتسلسلة»، مشيراً إلى أن هذه اللجان «ستعمل على عقد الاجتماعات بين اللجنة العسكرية والسلطات الليبية وممثلي دول الجوار خلال عملية التنفيذ».
- إشادة باللجنة العسكرية
وأشادت الولايات المتحدة على لسان السفير الأميركي لدى ريتشارد نورلاند: «بالتقدم المستمر للجنة العسكرية المشتركة في تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، بما في ذلك من خلال هذه المشاورات المهمة في القاهرة مع الدول المجاورة بشأن تنفيذ خطة العمل لسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية». وتمنى في بيان له أمس التوفيق للجنة في مناقشاتها الإقليمية الجارية، كما وجه الشكر للبعثة الأممية على تيسير هذه العملية.
في المقابل، استمر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الموالي للسلطة الانتقالية في ليبيا، بإطلاق تحذيراته من الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بقوانين مجلس النواب. وهدد المشري، وهو أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بتحويل ليبيا إلى جحيم دام في حال فوز المشير خليفة حفتر الذي تقاعد طوعيا من منصبه كقائد عام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، استعدادا لخوض الانتخابات الرئاسية بها.
وقال المشري، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس إن «حفتر لن يكون رئيسا لليبيا ولو على جثث الآلاف من الليبيين»، وزعم أن «أبناء المنطقة الغربية سيقاومون ذلك بالسلاح، وستدخل البلاد في حرب أهلية»، على حد تعبيره.
وبعدما تباهى بأنه كان وراء الاستعانة بتركيا ضد قوات الجيش الوطني، اتهم المشري، فرنسا ومصر والإمارات مجددا بكتابة قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره مجلس النواب، واعتبره «تفصيلا على مقاس المشير حفتر» على حد زعمه. ودخل الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني على خط اعتبار أن إجراء الانتخابات في ليبيا هو أحد السبل الأكيدة لتوحيد الليبيين وتجاوزهم الانقسام السياسي في البلاد. ودعا موسيفيني في بيان عقب اجتماعه مع عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الذي يزور أوغندا، القادة الليبيين إلى اغتنام الفرصة لكسب دعم أبناء الشعب الليبي أولا، من خلال التركيز على احتياجاتهم ومنحهم الفرصة لتولي مسؤولية بلدهم في صنع القرار من خلال انتخابات ديمقراطية مجدية.
بدوره، طالب عقيلة صالح رئيس مجلس النواب عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة بتسوية ديون الحكومة المؤقتة في شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني، خلال الفترة من 2014 إلى 2021 والمقدرة بنحو 72 مليار دينار ليبي. ودعا صالح في رسالة وجهها للدبيبة ولوزير ماليته، بثت وكالة الأنباء الليبية مقتطفات منها، إلى العمل على تسوية هذه الديون بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي واعتبر أن ذلك سيؤسس لبناء اقتصاد سليم للمستقبل من خلال وحدة المصرف على أسس سليمة وعادلة وفقاً لخريطة الطريق المقترحة من شركة المراجعة الدولية «ديلويت».
- توقف الاشتباكات
إلى ذلك، قالت مصادر محلية في صدر بمدينة الزاوية إن «الاشتباكات التي اندلعت بشكل مفاجئ مساء أول من أمس في منطقة جودائم بين قوة الإسناد الأمني التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة وجهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي قد توقفت»، مشيرة إلى عودة الهدوء إلى المدينة إثر وساطات محلية لوقف القتال الذي اندلع بسبب مقتل أحد منتسبي هذه القوات وخلافات على حصص تهريب الوقود بين الطرفين.
وجرت الاشتباكات في المدخلين الشرقي والجنوبي للمدينة كما تعرضت بوابة «الصمود» للإغلاق. واستدعى الأمر تدخل الصادق الغرياني المفتي المقال من منصبه، بعدما حذر من أن بعض الكتائب في مدينة الزاوية يتم استدراجها للاقتتال واقترح تشكيل مجلس من الحكماء والمشايخ للحكم بين المتخاصمين.
من جهة أخرى، قضت محكمة أميركية بتجميد الدعاوى التي أقامتها أسر ليبية ضد المشير حفتر، بسبب ما اعتبرته تدخلا مرفوضاً من أطراف سياسية ليبية رسمية، وعدم تعاطي محامي أسر الضحايا في القضية بالوسائل القانونية.
وأبلغ عصام عميش رئيس التحالف الليبي الأميركي وأحد قيادات جماعة الإخوان، وسائل إعلام محلية أن القاضية ليوني برينكما أصدرت قراراً مفاجئاً بتجميد مسار المحكمة الحالي بشأن القضايا المرفوعة ضد حفتر في الولايات المتحدة حتى انتهاء الانتخابات الليبية.
وبعدما أعرب عن أسفه لهذا القرار الذي أرجعه إلى أخطاء تسبب فيها الفريق القانوني لحكومة الدبيبة، قال عميش إنه سيؤخر إصدار الحكم النهائي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.