بعد أربعة عقود... «آبا» تعود لجمهورها مع ألبوم جديد

اسم فرقة «آبا» يتألف من الأحرف الأولى لأسماء الأفراد الأربعة (أ.ف.ب)
اسم فرقة «آبا» يتألف من الأحرف الأولى لأسماء الأفراد الأربعة (أ.ف.ب)
TT

بعد أربعة عقود... «آبا» تعود لجمهورها مع ألبوم جديد

اسم فرقة «آبا» يتألف من الأحرف الأولى لأسماء الأفراد الأربعة (أ.ف.ب)
اسم فرقة «آبا» يتألف من الأحرف الأولى لأسماء الأفراد الأربعة (أ.ف.ب)

تعود فرقة «آبا» السويدية الشهيرة، اليوم (الجمعة)، إلى جمهورها بعد غياب أربعة عقود مع ألبوم جديد بعنوان «فوييدج»، مع تحضيرها لحفلة العام المقبل، بتقنية التجسيد الرقمي في قاعة قيد الإنشاء في العاصمة البريطانية لندن، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ انفراط عقدهم نهاية 1982 بعد عام على إصدارهم آخر ألبوم بعنوان «ذي فيزيترز»، لم يطرح الأعضاء الأربعة في الفرقة المؤلف اسمها من الأحرف الأولى من اسم كل فرد، أنييتا فالتسكوغ (71 عاما) وبيورن أولفاوس (76 عاما) وبيني أندرسون (74 عاما) وآني - فريد لينغستاد (75 عاماً)، أي عمل جديد.
وقد أثار إعلانهم مطلع سبتمبر (أيلول) عن العودة خلال مراسم ضخمة صُورت في عواصم عدة، اهتماماً عالمياً كبيراً بعد سنوات من التكهنات.
ويتألف ألبوم «فوييدج» من عشر أغنيات، وهو ثمرة غير متوقعة لمشروع تعمل عليه «آبا» منذ سنوات يتمثل في إقامة حفلة «ثورية» بتقنية التجسيد الرقمي تتخطى بإبهارها ما شهده العالم في السنوات الأخيرة من حفلات موسيقية بتقنية «هولوغرام».
ولا تزال نقاط عدة غامضة في هذا المشروع، لكن ما هو مؤكد أن الأغنيات في الحفلة ستكون بأصوات أعضاء «آبا» في وضعها الحالي، لكن أشكالهم بالتجسيد الرقمي ستكون أشبه بمظهر الأعضاء الأربعة عام 1979.
وخلال التحضير لهذا المشروع الذي أرجئ مرات عدة، بالشراكة مع شركة متخصصة في المؤثرات البصرية عملت سابقاً على أفلام «ستار وورز» (حرب النجوم)، نشأت فكرة التعاون مجدداً في عمل موسيقي.
ومنذ 2018، أكدت «آبا» الشائعات عن عودتها إلى التسجيل في الاستوديو، وكان معروفاً تسجيل أعضائها أغنيتين جديدتين على الأقل، مع حرصهم على عدم تسريبها.
وأوضح بيني أندرسون، خلال الإعلان عن الألبوم: «في البداية كنا ننوي إصدار أغنيتين فقط، ثم قلنا لأنفسنا - ربما نستطيع إصدار أغنيات أكثر - وسألتهم بعدها: ماذا لو أنجزنا ألبوماً كاملاً؟».
وتولى بيني مع زميله بيورن الترويج للألبوم في الأسابيع الأخيرة، فيما اختارت زميلتاهما أنييتا وأني - فريد الابتعاد عن هذه المهمة.
وطرحت الفرقة في الأسابيع الماضية ثلاث أغنيات من الألبوم الذي بات متوافراً منذ منتصف الليل بالتوقيت المحلي في كل بلدان العالم: بداية مع «أي ستيل هاف فايث إن يو»، ثم «دونت شات مي داون»، وتلتهما نسخة معاصرة من «جاست إيه نوشن» التي سُجلت سنة 1978 من دون نشرها مذاك.
وعن حتمية المقارنة لدى الجمهور بين الأعمال الجديدة وأغنيات الفرقة الضاربة بينها «دانسينغ كوين» و«ماما ميا» و«ماني ماني ماني»، قال بيني أندرسون، في مقابلة مع صحيفة «داغنز نيهيتر» السويدية: «ليس لدينا ما نثبته، ماذا سيحصل لنا إذا ما رأى الناس أننا كنا أفضل سابقا؟». وأضاف: «لو لم يكن ما قمنا به بمستوى مقبول، ما كنا لنصدر شيئا».
وأكد بيورن وبيني، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان»، أن الألبوم التسجيلي الجديد، وهو التاسع في سجل الفرقة، سيكون آخر الإصدارات في مسيرة «آبا».



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».