يونانيون يرفضون قيود «كوفيد» وأقسام العناية المركّزة تمتلئ

موظفو مستشفى في أثينا يضعون الأقنعة الواقية ويقفون خارج المبنى بينما يستمعون لعرض موسيقي (إ.ب.أ)
موظفو مستشفى في أثينا يضعون الأقنعة الواقية ويقفون خارج المبنى بينما يستمعون لعرض موسيقي (إ.ب.أ)
TT

يونانيون يرفضون قيود «كوفيد» وأقسام العناية المركّزة تمتلئ

موظفو مستشفى في أثينا يضعون الأقنعة الواقية ويقفون خارج المبنى بينما يستمعون لعرض موسيقي (إ.ب.أ)
موظفو مستشفى في أثينا يضعون الأقنعة الواقية ويقفون خارج المبنى بينما يستمعون لعرض موسيقي (إ.ب.أ)

لا يؤمن التاجر اليوناني يانيس ساريانيديس (37 عاماً)، بوجود وباء ويشعر بالغضب حيال القيود إلى حد أنه سحب نجله من المدرسة، ثم أوقفته السلطات.
وعلى غرار الآلاف غيره من منكري «كوفيد» في اليونان، خصوصاً في الشمال، يعارض إرشادات الحكومة المرتبطة بالكمامات والفحوص، مهما كان الثمن، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويصر على أنه «لا يوجد وباء»، واصفاً إجبار ابنه البالغ ثماني سنوات على الخضوع لفحص «كوفيد» مرتين أسبوعياً، ووضع الكمامات في المدرسة، لأن اليونان لا تعطي اللقاحات حالياً للأطفال البالغة أعمارهم أقل من 12 عاماً، بـ«الإبادة».
وفي شمال اليونان، تبلغ معدلات التلقيح في بعض المناطق أقل من 50 في المائة، مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 63 في المائة، فيما يشير الأطباء إلى أن وحدات العناية المركزة في المستشفيات بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى.
وأقام سكان مشككون بالوباء دعاوى قضائية ضد أساتذة وأطباء وممرضين، فيما تزداد معدلات انتقال العدوى. إلا أن ساريانيديس غير نادم، إذ يقول لوكالة الصحافة الفرنسية من مدينة سالونيكي (شمال)، «ليس لدينا ما نهابه. إنه حق ثابت لكل مواطن في العالم بأن يكون حراً. الثروات والأرض لنا».
وتم توقيفه الشهر الماضي لإحداثه بلبلة في مدرسة ابنه على خلفية قيود «كوفيد»، وحكم عليه بالسجن 15 شهراً مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات. وقال للقضاة في المحكمة إنه لا يعترف بسلطتهم.
وبينما تجتاح المواقف المناهضة للقاحات العالم، يقول المراقبون للوضع في اليونان بأنها تعد الأقوى في شمال البلاد، المنطقة التي كانت تقليدياً معقلاً للقوميين والمتدينين المتشددين الأكثر عرضة للتأثر بنظريات المؤامرة.
وسجلت 40 في المائة من الإصابات الجديدة بـ«كوفيد» المعلنة الثلاثاء في الشمال، وفق هيئة الصحة العامة، رغم أن المنطقة تعد 3.1 مليون نسمة فقط من مجموع سكان اليونان البالغ عددهم 10.7 ملايين.
وقال رئيس الوزراء كرياكوس ميتسوتاكيس للحكومة، الخميس، إن «هناك ضغطاً كبيراً على المنظومة الصحية الوطنية في شمال اليونان». وبات عدد الإصابات اليومية في اليونان يتجاوز ستة آلاف لأول مرة منذ ظهر الوباء. والخميس، سجلت البلاد حصيلة قياسية جديدة بلغت أكثر من 6800 حالة.
على المستوى الوطني، توفي أكثر من 16 ألف شخص جراء الفيروس في وقت تجاوزت الحصيلة العالمية للوفيات عتبة خمسة ملايين. وقالت يوانا، وهي أستاذة في مدرسة ثانوية في مدينة بيلا (شمال)، إن والد أحد الطلاب رفض السماح لطفله بالخضوع لفحص «كوفيد»، «لأن المسحة تحتوي على حد قوله على مواد مسرطنة».
وصرحت لوكالة الصحافة الفرنسية: «هدد برفع دعاوى قضائية ضدنا بتهمة تعذيب طفله ما اضطر الشرطة للتدخل».
وأمر مدع عام في سالونيكي الشهر الماضي بنقل فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً كانت تعاني من أعراض «كوفيد» شديدة إلى المستشفى، رغم رفض والديها.
ويقول مدير أحد أقسام العناية المشددة في مستشفى بابانيكولاو في سالونيكي، نيكوس كابرافيلوس: «كل يوم تقريباً نشهد حالات لمرضى يرفضون وضع أنابيب التنفس لهم. يتهموننا بتعريضهم عمداً لخطر التعرض لالتهابات من المستشفى لأننا نريد قتلهم».
وبينما تشجع الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان، التي يعد نفوذها واسعاً في المناطق الريفية على وجه الخصوص، المؤمنين، على تلقي اللقاحات والاستجابة لإجراءات الوقاية الحكومية، فإن الأساقفة منقسمون فيما يتصرف رجال الدين بناء على ما يرونه مناسباً.
بموجب إرشادات جديدة أعلن عنها الأسبوع الحالي، لن يعود غير المحصنين بحاجة للخضوع لفحص «كوفيد» لدخول أماكن العبادة.
وخلال مراسم دينية الشهر الماضي، التقطت عدسات الكاميرا أسقف مدينة غريفينا وهو ينزع كمامات شخصيات بارزة قبل السماح لهم بتقبيل صليب.
ويقول الأستاذ المساعد في قسم علم النفس الاجتماعي والإعلام في جامعة أرسطو في سالونيكي، أنتونيس غارديكيوتيس: «خلال فترة الحجر الأولى، كانت الرسالة أكثر تماسكاً، لكن الخوف كان الدافع وراء احترام التدابير». وأضاف: «من ثم كانت هناك رسائل متناقضة أدت إلى فجوة تسببت بحالة إرباك».
ويحذر غارديكيوتيس من أن «ضغط» المعلومات المرتبطة بالوباء قد يوجِد حالة سلبية، فيما من شأن إشارة الإعلام المتكررة إلى الأخبار الكاذبة أن تأتي بنتائج عكسية.
وتحولت تظاهرات خرجت مؤخراً ضد قيود «كوفيد» في سالونيكي والعاصمة أثينا إلى مواجهات مع شرطة مكافحة الشغب.
ويقول كوستاس، وهو شرطي متقاعد شارك مع زوجته في احتجاجات سالونيكي، «كلها أكاذيب». ويضيف: «كل الأدلة منشورة على الإنترنت. إذا شربت الشاي العشبي واعتنيت بنظامك الغذائي، فلا سبب للخوف أو تلقي اللقاح».


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
TT

«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)
الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)

أعلنت شركة «سبايس إكس» أنها أرجأت إلى أجل غير مسمى مهمة «بولاريس دون» (Polaris Dawn) التي كان يُفترَض أن تنطلق من فلوريدا، وهي الأولى من تنظيم القطاع الخاص تسمح لركابها بالخروج من المركبة للتجوّل في الفضاء، وذلك بسبب مخاطر مرتبطة بالطقس.

وكتبت الشركة عبر منصة «إكس»: «نظراً لتوقعات الطقس غير المواتية في منطقة هبوط كبسولة (دراغون) قبالة ساحل فلوريدا، تخلينا اليوم وغداً عن مواعيد إطلاق صاروخ (فالكون 9) في إطار مهمة (بولاريس دون)».

وأضافت الشركة: «تواصل الفرق مراقبة الطقس بحثاً عن ظروف الإقلاع والعودة المواتية».

وكان إطلاق مهمة «بولاريس دون» قد أُرجئ أساساً لأربع وعشرين ساعة، بعد رصد «تسرب هيليوم» يوم الاثنين على وصلة إمداد للصاروخ. وغالباً ما يُستخدم الهيليوم، وهو غاز غير قابل للاشتعال، في أنظمة الدفع.

وحُدد في بادئ الأمر موعد جديد لإقلاع الصاروخ «فالكون 9» مع الكبسولة «دراغون» التي تضم أفراد الطاقم، الأربعاء عند الساعة 3:38 صباحاً (07:38 ت غ) من مركز كينيدي للفضاء.

وأكدت «سبايس إكس» الثلاثاء، أن «جميع الأنظمة جاهزة للإطلاق غداً».

ويقود هذه المهمة التي تستغرق 5 أيام، الملياردير الأميركي جاريد أيزاكمان، الذي يتعاون منذ سنوات مع الشركة المملوكة لإيلون ماسك.

وترمي الرحلة خصوصاً إلى اختبار بزات «سبايس إكس» الأولى المخصصة للتجول في الفضاء، وهي بيضاء وذات مظهر استشرافي.

وكان من المقرر أن يُبث الخروج من المركبة، الذي يُتوقع أن يكون مذهلاً، على الهواء مباشرة في اليوم الثالث من المهمة.

ويُفترض أن تصل المركبة الفضائية أيضاً إلى ارتفاع 1400 كيلومتر، وهو أبعد ارتفاع تصل إليه طواقم المهمات الفضائية منذ بعثات «أبولو» القمرية.

كما تشهد المهمة الموعودة أول رحلة لموظفين في «سبايس إكس» إلى الفضاء، هما سارة غيليس وآنّا مينون. ويضم الطاقم أيضاً سكوت بوتيت، الطيار السابق في سلاح الجو الأميركي المقرّب من أيزاكمان.

وقد خضع المغامرون الأربعة لتدريبات مكثفة لأكثر من عامين، شملت نحو 2000 ساعة في جهاز محاكاة، وجلسات في جهاز طرد مركزي (دوران سريع)، والغوص، والقفز بالمظلة، وحتى التدريب على سبُل الصمود في الإكوادور.

عبور الحدود النهائية

تهدف مهمة «بولاريس دون» إلى أن تكون علامة فارقة جديدة في قطاع استكشاف الفضاء التجاري.

وكان جاريد أيزاكمان (41 عاماً)، وهو رئيس الشركة المالية «Shift4»، قد سافر بالفعل إلى الفضاء في عام 2021، في إطار مهمة مدارية تابعة لشركة «سبايس إكس» حملت اسم «إنسبيريشن 4»، وهي أول مهمة في التاريخ لا تضم أي رواد فضاء محترفين.

ولم يُكشف عن حجم استثماره في مهمة «بولاريس».

ويُتوقع أن يتضمن برنامج «سبايس إكس» الطموح 3 مهمات، بينها أول رحلة مأهولة لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الذي يجري تطويره حالياً والمخصص للرحلات إلى القمر والمريخ.

وأشاد جاريد أيزاكمان بدور القطاع الخاص في «عبور هذه الحدود النهائية».

وقال: «أودّ أن يرى أطفالي بشراً يمشون على القمر والمريخ. لم نقم حتى بملامسة السطح بعد (...) هناك كثير لاستكشافه».

وأوضح أيزاكمان أن «الفكرة تقوم على تطوير واختبار تقنيات ومناورات جديدة، لتعزيز رؤية (سبايس إكس) الجريئة للسماح للبشرية بالسفر بين النجوم».

ولفت إلى أنه على بُعد 1400 كيلومتر -أي أكثر من 3 أضعاف المسافة إلى محطة الفضاء الدولية- تكون البيئة مختلفة تماماً على صعيد الإشعاع والنيازك الدقيقة.

وعملية السير المقررة في الفضاء، في مدار أدنى، ستكون الأولى التي يقوم بها مدنيون ليسوا رواد فضاء محترفين.