عشرات الشاحنات عالقة على الحدود الأردنية.. ومعلومات عن اختطاف سائقين لبنانيين وسوريين

إقفال «معبر نصيب» يوقف نحو 70 % من صادرات لبنان الزراعية والصناعية

عشرات الشاحنات عالقة على الحدود الأردنية.. ومعلومات عن اختطاف سائقين لبنانيين وسوريين
TT

عشرات الشاحنات عالقة على الحدود الأردنية.. ومعلومات عن اختطاف سائقين لبنانيين وسوريين

عشرات الشاحنات عالقة على الحدود الأردنية.. ومعلومات عن اختطاف سائقين لبنانيين وسوريين

لا يزال نحو 35 سائقا لبنانيا وسوريا يعملون على شاحنات لبنانية محتجزين عند معبر جابر الأردني وذلك بعد إقفال معبر نصيب الحدودي السوري مع الأردن يوم الأربعاء الماضي. ولقد تضاربت المعلومات حول عدد السائقين المختطفين لدى الفصائل التي سيطرت على المعبر، في حين قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ «نحو 300 سيارة وشاحنة محتجزة في المنطقة الحرة الفاصلة بين المعبرين، وقد تعرض معظمها بالإضافة إلى المستودعات الموجودة للسرقة والنهب».
نقيب الشاحنات المبردة في لبنان عمر العلي قال لـ«الشرق الأوسط» إنّ عدد السائقين المختطفين 5، منهم 3 سوريين ولبنانيان، أحدهم من منطقة سعدنايل والثاني من منطقة بدنايل البقاعيتين، بينما لفت إبراهيم ترشيشي، رئيس تجمّع المزارعين في لبنان، أيضا لـ«الشرق الأوسط» «إلى أنّ هناك 3 سوريين لا يزال مصيرهم مجهولا، وهناك 8 لبنانيين محتجزين لدى بعض الجهات التي سيطرت على المعبر لكننا نستطيع التواصل معهم».
في هذه الأثناء، أعلن نعيم صوايا، رئيس نقابة مالكي الشاحنات العمومية في لبنان، أن المفاوضات مستمرة للإفراج عن سائقي الشاحنات العالقة عند معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا بعدما احتجزتهم المجموعات المسلحة. ولفت صوايا في حديث إذاعي إلى أن الخاطفين يطالبون بفدية بقيمة 50 ألف دولار مقابل الإفراج عن كل سائق، غير أن هذا الأمر بحسب العلي ما زال غير مؤكد لغاية الآن، وأشار العلي إلى أنّ وزارة الخارجية اللبنانية ورئاسة الحكومة تعملان على التواصل مع السلطات الأردنية بهدف تسهيل مرور الشاحنات اللبنانية.
العلي ذكر كذلك أنّه عند تنفيذ الهجوم على معبر نصيب يوم الأربعاء الماضي صودف وجود 35 شاحنة بين شاحنة «براد» وشاحنة مقطورة «تريلر»، الأولى للمنتجات الزراعية والثانية للصناعية، على معبر جابر الذي يبعد نحو كيلومتر ونصف عن معبر نصيب داخل الحدود الأردنية. وأردف أن السائقين ما زالوا لغاية الآن محتجزين لا يمكنهم الدخول إلى الأردن أو العودة إلى لبنان، بعدما عمدت السلطات الأردنية إلى إقفال الحدود ومنعهم من دخول المملكة. وفيما يتعلّق بالشاحنات وسائقيها الذين كانوا موجودين على معبر نصيب لحظة سيطرة المعارضة عليه، أوضح العلي، أنّ السائقين استطاعوا العودة إلى لبنان لكن بعدما كانت قد تعرضت شاحناتهم للسرقة والنهب.
ترشيشي وصف معبر نصيب بـ«الشريان الحيوي» بالنسبة إلى لبنان لجهة تصدير المنتجات الزراعية والصناعية إلى دول الخليج وبعض الدول العربية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ إقفاله يوقف نحو 70 في المائة من إجمالي صادرات لبنان التي تصل يوميا إلى ألف طن وسنويا إلى نحو 300 ألف طن. وتابع أن «توقيف العمل عبر هذا المعبر سيمنع وصول الصادرات إلى الزبائن الذين كنا على ارتباط معهم مما سيؤدي إلى أنّ يبحثوا عن غيرنا ويسمح للمنافسين بالدخول على خط السوق».
ويوم أمس، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ «جبهة النصرة» تسلّمت بالفعل البوابة الحدودية الرئيسية من الجانب السوري لمعبر نصيب، بينما انتشر مقاتلو «النصرة» و«ألوية اليرموك» و«أسود السنة» و«التوحيد» و«فلوجة حوران» في منطقة الجمرك داخل الأراضي السورية من المعبر والمنطقة الحرة الواقعة بين البوابتين الأردنية والسورية. وأعلن لواء «فلوجة حوران» في بيان له: «بعد التجاوزات التي حدثت في معبر نصيب المحرر من بعض العناصر غير المسؤولة تمّ بفضل الله السيطرة التامة على مداخل ومخارج المعبر وحماية كل ما بداخله وجارٍ تأمين وإرجاع كل ما أُخذ خارج المعبر وردّه إلى حين البتّ بموجوداته والتي تعود للشعب السوري عامة وشعب درعا خاصة».
وأوضح «المرصد» نقلا عن مصادر في المنطقة: «إن كل من يرد الدخول إلى الأراضي السورية عبر المعبر قادما من الأردن، يجب أن يسمح له بالدخول من قبل الأمير العسكري للجبهة الموجود على البوابة السورية من المعبر، وأيضا كل من يرد أن يدخل البضائع من الأردن أو المنطقة الحرة، تسمح له جبهة النصرة بالمرور من البوابة الرسمية، على أن يثبت أنه صاحب هذه البضاعة».
ولفت «المرصد» إلى أنّ هذه الإجراءات بدأت تنفذ بعدما كان قد تمّ الاستيلاء على أكثر من 300 سيارة، كانت موجودة في المنطقة الحرة وأدخلت إلى سوريا، بالإضافة إلى سرقة محتويات مستودعات وشاحنات، مشيرا إلى أنّ «النصرة» أنزلت صورة كبيرة للملك الأردني عبد الله الثاني، كانت موجودة على البوابة في نهاية المنطقة الحرة من الطرف الأردني، وسلّمتها إلى حرس المعبر الأردني.
هذا، وكانت مجموعات من المعارضة السورية سيطرت على «معبر نصيب» الواقع في محافظة درعا (جنوب) الأربعاء بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام. وأعلنت السلطات الأردنية حينها عن إغلاقها «بشكل مؤقت» المعبر المعروف لديها باسم جابر، بسبب المعارك بين المعارضة والجيش في الجانب السوري. ويربط معبران بين سوريا والأردن، الأول هو معبر الجمرك القديم الذي كان مخصصا لمرور الشاحنات قبل سيطرة «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، والثاني هو معبر نصيب الذي هو المعبر الرسمي الوحيد الذي بات أيضا خاضعا لسيطرة «النصرة» وفصائل المعارضة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.