أموال إضافية من خارج موازنة وزارة الدفاع الأميركية لتمويل الجيش اللبناني

الكونغرس يدعو إلى تنسيق العقوبات الدولية على سياسيين لبنانيين خاصة «حزب الله» وداعميه

جنود لبنانيون خلال أحداث منطقة الطيونة قبل أيام (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون خلال أحداث منطقة الطيونة قبل أيام (إ.ب.أ)
TT

أموال إضافية من خارج موازنة وزارة الدفاع الأميركية لتمويل الجيش اللبناني

جنود لبنانيون خلال أحداث منطقة الطيونة قبل أيام (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون خلال أحداث منطقة الطيونة قبل أيام (إ.ب.أ)

يواصل قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون زيارته إلى واشنطن التي بدأت رسمياً يوم الاثنين، تلبية لدعوة رسمية تلقاها من الجنرال كينيث ماكينزي، قائد «القيادة الأميركية الوسطى» (سينتكوم). وكانت الزيارة تأجلت مرات عدة بسبب الظروف التي شهدها لبنان، وأخطرها الأحداث الأخيرة التي جرت في منطقة الطيونة، في ضواحي العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، وألقت بظلالها على الوضع الأمني في لبنان. وسرت بعدها تكهنات سياسية تتعلق بدور الجيش، في ظل محاولات البعض إقحام المؤسسة العسكرية في الصراعات الداخلية، وسط انقسام سياسي على موقع لبنان وعلاقاته الدولية والعربية.
ورغم تراجع التحريض السياسي على دور الجيش في تلك الأحداث، بعد اتهام أحد عناصره بإطلاق النار على المتظاهرين، قالت مصادر سياسية أميركية إن واشنطن نصحت قيادة الجيش بالحفاظ على الدور الذي لعبه بجدارة خلال الأحداث التي شهدها لبنان على مدى السنتين الماضيتين. وأضافت أن واشنطن لا تزال متمسكة بالجيش وبدعمه وتراهن على «الدور المتوازن» الذي يلعبه، الأمر الذي ضمن تماسكه، خصوصاً أنه لا يزال المؤسسة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها في الحفاظ على تماسك البلد وعدم انهياره كلياً، بحسب قوله هذه المصادر. وشددت على ضرورة عدم تورط الجيش في أي مواجهات داخلية، قد يسفر عنها سقوط مدنيين، وهو ما قد يؤدي إلى حرمانه من الدعم السياسي من قبل الكونغرس، في حال توجيه اتهامات له بالتورط في قتل مدنيين.
وتقول تلك المصادر إن الجنرال جوزف عون يدرك الآليات التي تعتمدها الإدارات الأميركية في تقديم الدعم للجيش اللبناني، وهو ما عبّر عنه خلال لقائه يوم الاثنين في مبنى السفارة اللبنانية في واشنطن، بحضور طاقم السفارة برئاسة القائم بالأعمال وائل هاشم، مجموعة من الباحثين الأميركيين من أصل لبناني من معهد الشرق الأوسط للدراسات ومركز كارنيغي للشرق الأوسط، ومجموعة الدعم الأميركية من أجل لبنان. وأوضحت أن عون «يدرك صعوبة الحصول على تمويل نقدي مباشر، من خارج الموازنة التي يقرها الكونغرس، بعدما حصل الجيش على كل قيمة المساعدة السنوية».
لذلك يعمل الجيش على محاولة توفير مساعدات عاجلة غير نقدية، تمكنه من صرف موازنته لتوفير رواتب الجنود واحتياجاتهم، عبر التخفيف من الإنفاق على الأمور اللوجيستية والتجهيزات العسكرية والصيانة. وأكّد العماد عون، في كلمته، أن «الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان أثّرت بشكل كبير في الجيش، ما اضطر القيادة إلى اتخاذ تدابير استثنائية كثيرة لمواجهتها». وأشار إلى أن «الجيش مستمر في أداء مهماته بكل عزيمة وإصرار للمحافظة على الأمن والاستقرار ومنع الانزلاق إلى الفتنة». ونوّه قائد الجيش بـ«الدور الذي يقوم به أبناء الوطن المغتربون الذين يبذلون جهوداً لافتة لحشد الدعم الدولي لجيشهم».
من جهتهم، نوّه المجتمعون مع الجنرال عون بالدور الذي يقوم به الجيش، مشدّدين على ضرورة دعمه، لأنه «المؤسسة الوحيدة» التي تحظى بإجماع محلي ودولي. وأعلن الجيش اللبناني في حسابه على «تويتر»، أن الجنرال عون التقى في السفارة اللبنانية في واشنطن، وفداً من مساعدي أعضاء الكونغرس الذين استمعوا منه إلى شرح حول وضع الجيش والمهمات التي يقوم بها، بالإضافة إلى احتياجات الجيش الأساسية. ومن المقرر أن يلتقي عون بالجنرال ماكينزي إضافة لعدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين، في زيارته التي تستمر أياماً عدة.
وبحسب الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، طوني بدران، تبحث وزارة الدفاع الأميركية في تحويل أموال متبقية من موازنات أخرى لم يجرِ إنفاقها، كأموال عائدة لباكستان منذ العام 2018 وأموال أخرى من موازنة عام 2019. وتبلغ قيمة تلك الأموال نحو 67 مليون دولار، سيتم تخصيصها لتمويل إنفاق الجيش على تلك المشاريع، بما يمكنه من توفير الأموال لدفع رواتب الجنود وتوفير الغذاء والرعاية الطبية. وأضاف أن الولايات المتحدة باتت عملياً تموّل كل أنشطة الجيش اللبناني، بما فيها المعدات العسكرية وصيانتها.
إلى ذلك دعا مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التنسيق مع الاتحاد الأوروبي لدعم خطة العمل القاضية بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين «بهدف دفعهم لاتخاذ تدابير حساسة لإصلاح بلادهم وإعادة بنائها في ظل الانهيار المالي غير المسبوق واستمرار التداعيات الاقتصادية والجسدية والبيئية التي خلفها تفجير مرفأ بيروت». وكتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مننديز وكبير الجمهوريين في اللجنة جيم ريش رسالة إلى كل من وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين، أعربا فيها عن دعم الكونغرس للعقوبات التي فرضت على النائب جميل السيد ورجلي الأعمال اللبنانيين جهاد العرب وداني خوري «لدورهم في تهديد الديمقراطية وحكم القانون في لبنان ومشاركتهم في الفساد المستشري في البلاد». وقال السيناتوران: «الولايات المتحدة دعمت علناً الجهود الدولية لمساعدة لبنان على تطبيق إصلاحات وإعادة بناء اقتصاده بشفافية لدعم الشعب اللبناني وليس لمساعدة زعمائه». لكنهما أشارا إلى أن هذا الدعم يتطلب من الزعماء السياسيين الالتزام بإصلاحات حقيقية جوهرية، وأدانا «النخبة السياسية في لبنان وتفضيلها لمصالحها الضيقة بدلاً من مصالح الشعب، في وقت يعرقل فيه (حزب الله) المدعوم من إيران وداعموه أي تحرك حكومي تحتاج إليه البلاد ويهدد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية». وشدد المشرّعان على ضرورة أن تكون الولايات المتحدة واضحة في دعمها للشعب اللبناني من خلال الحرص على أن الزعماء يعملون لصالح كل الشعب، وإلا فإنهم سيواجهون محاسبة المجتمع الدولي.
وأشار كل من مننديز وريش إلى أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة «نفوذ حزب الله الخبيث والحرص على أن الزعماء اللبنانيين سيتخذون خطوات ملموسة لمواجهة التحديات في البلاد». وأضافا: «نعتقد أن العقوبات تعمل بشكل أفضل عندما يتم تنسيقها دولياً، وأن العقوبات الأميركية يمكن فرضها على كل من يهدد الديمقراطية والمحاسبة والإصلاح في لبنان، خاصة (حزب الله) ووكلاءه. لهذا السبب نحث الإدارة لاتخاذ خطوات لدعم خطة العمل التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات والعمل عن كثب مع الشركاء في بروكسل وغيرهم لتنسيقها، كي يفهم القادة اللبنانيون بمن فيهم أعضاء (حزب الله) وداعموه نتائج أعمالهم، وهذا يتضمن تجميد أصولهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.