«الإصلاح» اليمني يربك القوى السياسية والحوثيين ويعلن تأييده «عاصفة الحزم»

الحوثيون يقتحمون ساحة اعتصام بالحديدة ويعتقلون نشطاء

عناصر من حركة الحوثي خلال مظاهرة في تعز أمس (أ.ف.ب)
عناصر من حركة الحوثي خلال مظاهرة في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

«الإصلاح» اليمني يربك القوى السياسية والحوثيين ويعلن تأييده «عاصفة الحزم»

عناصر من حركة الحوثي خلال مظاهرة في تعز أمس (أ.ف.ب)
عناصر من حركة الحوثي خلال مظاهرة في تعز أمس (أ.ف.ب)

أربك حزب التجمع اليمني للإصلاح القوى السياسية في اليمن وقيادة جماعة الحوثي المسلحة بعد إصداره بيان الأمانة العامة للإصلاح التي أعلنت فيه تأييدها لعملية «عاصفة الحزم» التي تنفذها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المقار العسكرية لجماعة الحوثيين المسلحة والرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقامت جماعة الحوثي المسلحة، بعد إعلان «الإصلاح» تأييده لعمليات «عاصفة الحزم»، بحملة ملاحقات واعتقالات لعناصر حزب الإصلاح في عدد من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها بما فيها اختطاف العشرات في محافظة عمران واقتيادهم إلى جهة مجهولة، في حين يرى البعض من إعلان «الإصلاح» تأييده، وهو الإعلان للمشاركة في الحرب غير أن حزب الإصلاح يرى أنه ليس إلا بمثابة موقف سياسي وليس عند «الإصلاح» ما يحارب به من الأساس، وذلك في الوقت التي تستمر فيه جماعة الحوثي المسلحة بقمع المسيرات الاحتجاجية المناهضة التي تشهدها جميع المحافظات اليمنية مرحبين بعمليات «عاصفة الحزم» وتأكيد وقوفهم مع شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
ويرى مراقبون سياسيون، أن بيان حزب الإصلاح يحمل في طياته الإعلان لحرب داخلية فعلية أو قد تشكيل جبهات داخلية قتالية على الأرض بمساندة قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية وهي بديل للتدخل البري الذي قد تقوم به قوات التحالف.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك اختلافا بين أعضاء الأمانة العامة لحزب التجميع اليمني للإصلاح، والتي قال عنها إنها ضعيفة، بشأن البيان الذي تم إصداره في هذه الأوقات الصعبة، يقول مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه «قد تكون هناك اختلاف بين أعضاء التجمع اليمني للإصلاح لأن تأييده لم يكن بالجديد فقد كان الحزب مؤيدا لتلك العمليات، لكن كان من المفترض الاستمرار بصمتهم إلى حين تهدأ الأوضاع ويحقق التحالف شيئا، لكنه في هذا الوقت قد يحمل في طياته الكثير مع التأكيد أنهم في الأخير هم حزب مؤدلج وحزب ديني ويطبقون مبدأ السمع والطاعة لأي قرارات تصدرها الأمانة العامة».
وأضاف: «تأييد حزب التجمع اليمني للإصلاح لعمليات (عاصفة الحزم) جاء بسبب إسراف جماعة الحوثي المسلحة بعمليات القتل والتعذيب والاعتقالات والملاحقات ضد جميع المناوئين لهم وقد يقود هذا البيان إلى خلق جبهات داخلية فعلية».
ويؤكد مراقبون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن «بيان (الإصلاح) هو إعلان حقيقي باستعدادهم للقيام بالعمليات البرية وأنه ليس هناك داع لقوات التحالف القيام بتدخل بري لأن حزب الإصلاح هو من سيقوم بهذه المهمة، وخصوصا أن قوات التحالف أرسلت بالمعونات والذخائر عبر الطيران إلى اللجان الشعبية بمحافظة عدن، جنوب اليمن، وهذا الدعم كرسالة أو مفاجأة جديدة بمثابة إمداد بري في مقابل ما يقومون به من عمليات جوية ضد المقار العسكرية الخاصة بجماعة الحوثي المسلحة والرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبمعنى آخر، فإن بيان (الإصلاح) وإعلان تأييدهم لعمليات (عاصفة الحزم)، هو رسالة للخليج بأنها هي من ستقوم بالمهمة لمواجهة جماعة الحوثي المسلحة بريا وأن عليهم إرسال الدعم لهم».
وكان التجمع اليمني للإصلاح أعلن تأييده لـ«عاصفة الحزم» التي ينفذها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بناء على استخدام الرئيس اليمني عبد ربه هادي لصلاحياته الدستورية واستنادا إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية الدفاع المشترك لجامعة الدول العربية، واتفاقية الطائف التي تم تجديدها في اتفاقية جدة عام 2000م، وذلك حسب البيان.
وعبر الإصلاح في بيانه، الذي حصل «الشرق الأوسط» على نسخه منه، عن شكره وتأييده للأشقاء في دول التحالف وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية الذي أوضح البيان أنهم «استجابوا لطلب الرئيس الشرعي للبلاد المسؤول عن حماية وأمن واستقرار وسلامة الوطن وأبنائه ومقدراته، ويحدونا الأمل أن تعيد هذه العملية الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح وإخراج البلاد من الأزمة التي تسبب بها الحوثيون وحلفاؤهم الذين يتحملون كامل المسؤولية عن كل النتائج المترتبة على هذه العملية».
وأعرب البيان عن أمله «أن يؤدي ذلك إلى عودة المسار السياسي والحوار الجاد والمسؤول لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي أجمعت عليها كل القوى السياسية بعد حوار عميق شارك فيه الجميع وتوافقوا على نتائجه، ولم يبقَ إلا تنفيذ المخرجات واستكمال ما تبقى من استحقاقات المبادرة الخليجية المخرج الوحيد والأمن للبلاد من الأزمة التي نعيشها»، مؤكدين إدانتهم بأشد العبارات للسلوك الثأري الانتقامي المدمر الذي مارسته القوى المضادة المتمثلة بعلي صالح والحوثيين والتي وقفت ضد عملية التغيير الشعبي السلمي التي قام بها الشعب اليمني وقبلت أن تكون مخلبا هداما لمشروع العنف والهيمنة الإيرانية على وطننا وشعبنا.
وفي محافظة الحديدة، غرب اليمن، اقتحم مسلحو الحوثي ساحة التغيير بالمدينة، بعد صلاة الجمعة، مستخدمين الرصاص الحي والهراوات ضد المتظاهرين الرافضين لهم والمؤيدين لعمليات «عاصفة الحزم» ووقوفها مع شرعية عبد ربه منصور هادي. وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن «جماعة الحوثي المسلحة فرقت مظاهرة مناوئة لهم باستخدام الرصاص الحي والهراوات بعد صلاة الجمعة عندما اجتمعوا لينطلقوا بمسيرتهم الرافضة لهم والمرحبة لعمليات (عاصفة الحزم) وإعلان وقوفها لشرعية الرئيس هادي، وأن المسلحين الحوثيين قاموا باختطاف عدد من الناشطين بالإضافة إلى نهب معدات الصلاة التي كانت في الساحة من ميكروفونات وغيرها».
وحمل المتظاهرون جماعة الحوثي المسؤولية عن مقتل أكثر من ثلاثين عاملا في حريق بمصنع الألبان في الحديدة إثر إطلاق المسلحين الحوثيين لقذائف على المصنع عقب غارة شنتها طائرات عملية «عاصفة الحزم» على معسكر الدفاع الساحلي، الموالي للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والقريب من المصنع.
وقال السكان المحليون لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة الحوثي المسلحة تريد من قوة التحالف أن تستهدف المدنيين، وذلك من خلال نقل الحوثيين للمعارك إلى المدن ونشر مضادات الطيران في الأحياء المأهولة بالسكان وفوق أسطح المدارس».
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الكثير من شباب الثورة والمواطنين اليمنيين توجيه خطاب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوجه فيه أبناء اليمن بما يقومون به تجاه الانقلاب الحوثي لكي لا يصبح هناك ميليشيات تتحارب فيما بينها البين، دعا الناشط السياسي، خالد الآنسي، عبر صفحة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، دعا الرئيس هادي بتوجيه خطاب إلى الشعب يدعوه فيه إلى الانتفاض في وجه الانقلاب وميليشياته في كل مكان يوجد فيه. وقال في دعوته: «لن يسقط الانقلاب ويقلعه من جذوره إلى انتفاضة شعبية في وجهه في جميع أرجاء اليمن. الناس لا تريد أن تتحول إلى ميليشيات تواجه ميليشيات، لكنها مستعدة لأن تكون مقاومة شعبية تواجه الميليشيات مع السلطة..مع الدولة.. مع النظام».
وأضاف الآنسي: «الضربات الجوية من دون مقاومة شعبية في مواجهة عصابات وميليشيات لن تحسم المعركة لأن العصابات والميليشيات لا يهمها أن يدمر اليمن ولا يهمها أن يموت الشعب بالحرب أو حتى بالجوع ويهمها فقط أن تبقى على الأرض حتى لو تحولت الأرض كلها إلى أشلاء وخرائب».
من جهة أخرى، أعلنت أحزاب اللقاء المشترك في محافظة ذمار، التي يسيطر عليها المسلحون الحوثيون، تأكيدها على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتهيئة الأجواء لحوار مستقبلي بناء يعمل على إخراج الوطن من محنته الراهنة، وأن ما تقوم به ميليشيات الحوثي المسلحة من تجاوزات لكل القيم والأعراف لا يبشر بمستقبل التعايش السلمي من قبل الحوثيين.
وقال مشترك ذمار في بيان صحافي له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «وقفت أحزاب اللقاء المشترك بمحافظة ذمار أمام الانتهاكات التي ارتكبتها وترتكبها جماعة الحوثي بالمحافظة ومنها الاختطافات التي طالت الناشطين مانع سليمان ومحمد الكبودي، وآخرها اقتحام منزل البرلماني عبد العزيز جباري، رئيس التكتل الوطني للإنقاذ أمين عام حزب العدالة والبناء، واختطاف نجله واحتلال المنزل من قبل ميليشيات الحوثي المسلحة، وأن ما حدث هو سابقة خطيرة لم تحدث من قبل على مستوى المحافظة، متجاوزين بذلك كل القيم والأعراف وتعكس واقعا سياسيا يتسم بالانسداد والظلمة، ولا يبشر بمستقبل للتعايش السلمي من قبل (أنصار الله/ الحوثيين)، رغم كل ما يمر به الوطن من أزمة خانقة بفعل تغييب لغة الحوار والركون إلى الخارج لحل الخلافات». ودعا البيان العقلاء من الحوثيين إلى العودة إلى الرشد وسرعة مغادرة منزل النائب جباري وإطلاق جميع المختطفين، وإزالة أسباب التوتر وتجاوز الصراعات التي قال عنها إنها «لن تزيد الأمور إلا تعقيدا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.