«الليكود» يقود مظاهرات ضد الموازنة العامة

متهماً بنيت بتمويل الإرهاب من خلال القائمة الإسلامية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت يتوجه إلى اجتماع وزاري مصغر أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت يتوجه إلى اجتماع وزاري مصغر أمس (رويترز)
TT

«الليكود» يقود مظاهرات ضد الموازنة العامة

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت يتوجه إلى اجتماع وزاري مصغر أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت يتوجه إلى اجتماع وزاري مصغر أمس (رويترز)

مستفيداً من تنامي قوته الجماهيرية وانهيار شعبية رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، نظم حزب الليكود المعارض برئاسة بنيامين نتنياهو، مظاهرة كبيرة في تل أبيب بمشاركة أربعة آلاف شخص، تحت عنوان «حكومة غير شرعية» و«موازنة لتمويل الإرهاب ضد إسرائيل وجنودها».
شارك في المظاهرة نواب من «الليكود» وحلفائه في الأحزاب اليمينية، الذين هاجموا الحكومة ورئيسها، مستخدمين عبارات تحريض ذات طابع شخصي ضد بنيت تصل إلى حد التخوين. وقد وضعوا قضية الموازنة على رأس الشعارات، متهمين الحكومة بـ«تمويل الحركة الإسلامية التي تمول (حماس)، لتنفذ عمليات إرهاب ضد إسرائيل وجنود جيشها». وبدا أن المتظاهرين يستغلون وجود كتلة عربية لأول مرة في الائتلاف الحكومي، لكي يحرّضوا ضد الحكومة وقراراتها تخصيص ميزانيات كبيرة، لتعويض العرب عن سنوات طويلة من التمييز العنصري ضدهم.
وعرض منظمو المظاهرة 3 أشرطة فيديو، بالتتالي، أحدها يبين عمليات التفجير التي نفذها فلسطينيون في منطقة «بيت ليد» عام 1995، والتي أسفرت عن مقتل 22 إسرائيلياً، والثاني يبين رئيس الوزراء الأسبق، إسحق رابين، مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خلال التوقيع على اتفاقيات أوسلو، والثالث يعرض صور رئيس الوزراء بنيت، ووزير الخارجية، يائير لبيد، والنائب منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية، خلال توقيعهم على الاتفاقيات الائتلافية للحكومة الحالية.
من هُنا، انطلق نواب اليمين يهاجمون الحكومة ورموزها، من خلال الاتهام بأن الأموال المخصصة للعرب حسب الموازنة، ستذهب إلى الحركة الإسلامية في إسرائيل ومنها إلى «حماس» ومن ثم إلى الحركة الأم – «الإخوان المسلمين». وقال النائب عن «الليكود»، شلومو قرعي، إن نفتالي بنيت أثبت أنه «سارق ومحتال، سرق أصوات اليمين وأقام تحالفاً مع أعتى أعداء إسرائيل». وأطلق على الحكومة اسم «حكومة إسماعيل» وأضاف: «نحن اليهود أبناء سارة وإبراهيم سوف نحاربهم دفاعاً عن التوراة وبني إسرائيل».
وقالت النائبة كيتي شطريت، وهي أيضا من «الليكود»، إن بنيت يحوّل أموال الضرائب الإسرائيلية إلى عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين. وقال النائب العربي الدرزي من «الليكود»، فطين ملا، إن «منصور عباس يحصل على نقود لكي يقتل جنودنا، لأن هذه الأموال تذهب لقوى الإرهاب». وقالت الوزيرة السابقة ميري ريجف، إن «الحكومة تحول مليارات الدولارات لصالح الحركة الإسلامية ولمن يمسّ بأطفالنا، بفضل بنيت واييلت شاكيد». وقال رئيس كتلة الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموترتش، إن «المعارضة في إسرائيل تشكل الأكثرية في الشعب، ولذلك يجب السعي لإسقاط الحكومة بأي ثمن».
وحتى النائب عميحاي شيكلي، الذي دخل الكنيست بقائمة نفتالي بنيت «يمينا»، ثم تمرد عليه، فقد قال إنها «حكومة غير شرعية مبنية على الرشى والفساد». وهاجم بنيت شخصياً واتهمه ببيع إسرائيل للفلسطينيين. وإزاء هذه اللهجة، حذّر قائد كبير ووزير سابق في «الليكود»، يوفال شتاينتس، بـ«إننا نستخدم تعابير غير لائقة تعد تحريضاً شخصياً لا أريد أن أتخيل عواقبه». ودعا نتنياهو إلى التدخل لفرض أسلوب نقاش مختلف.
وكان الكنيست قد واصل، أمس، النقاشات المطولة حول الموازنة، التي تستمر ليل نهار حتى منتصف ليلة (الخميس - الجمعة)، وتعد تحدياً مصيرياً لحكومة بنيت. فإذا نجحت في تمريرها، يتاح لها البقاء والحكم بشيء من الاستقرار، ولكن إذا لم تتمكن من الحصول على تأييد 61 نائباً فما فوق، فستسقط الحكومة وتضطر إلى تبكير موعد الانتخابات. وللحكومة اليوم 61 نائباً، لكن المعارضة تبني خططها على إقناع أحد نواب الائتلاف بالتمرد. ويوجد للمعارضة اليمينية اليوم 52 نائباً، ويقف معها 6 نواب بـ«القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، الذين أعلنوا هم أيضاً أنهم سيصوتون ضد الموازنة.
وقالت النائبة عايدة توما سليمان، إنها ستصوت ضد الموازنة لأن «الحكومة الحالية لم تغير السياسة التقليدية المبنية على الاحتلال والتهويد والاستيطان والحرب، إنما سياستها هذه تزداد وتستفحل. والاختلاف الوحيد الذي جلبته يكمن في تركيبتها، إذ إن هناك أحزاباً لم تكن جزءاً منها، كـ(الموحدة) و(ميرتس)، اللذين يدعمان الحكومة مقابل الاكتفاء بالفتات والتنازل عن حقوق أساسية ومفصلية».
وقالت توما سليمان، إنها ورفاقها في «القائمة المشتركة»، يرفضون التصويت على الميزانية، لأن الموافقة عليها يعني الموافقة على بناء 30 مستوطنة جديدة، وزيادة ميزانية وزارة الأمن وزيادة رسوم تقاعد جنرالات الاحتلال، والغلاء والمساس بالنساء. وأضافت: «لن نصوّت على ميزانية حكومة استيطانية تجهّز لحرب، ولا تحترم حقوق الإنسان، حكومة تدعم الرأس الماليين وحيتان المال».
من جهة ثانية، نشرت صحيفة «معريب»، أمس، نتائج استطلاع رأي أُجري هذا الأسبوع ويبين أن 77 في المائة من المواطنين اليهود في إسرائيل، يعارضون وجود حزب عربي في الحكومة، وتصل هذه النسبة إلى 88 في المائة بين مصوتي أحزاب اليمين. في المقابل، قال 70 في المائة من المواطنين العرب في إسرائيل، إنهم يؤيدون دخول حزب عربي إلى الحكومة.
وقال رئيس الوزراء، بنيت، إن إسرائيل تشهد مرحلة تاريخية. وتمرير الموازنة سيضمن استقرار الدولة وسيمكن من الاستقرار السياسي والاقتصادي اللازم لمواجهة التحديات الكبرى المقبلة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.