الصدر يحذّر من فتنة طائفية في محافظة ديالى

TT

الصدر يحذّر من فتنة طائفية في محافظة ديالى

تتواصل رود الفعل السياسية والشعبية حيال تداعيات الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة ديالى، الأسبوع الماضي، وأسفر عن مقتل وإصابة مالا يقل عن 30 شخصاً معظمهم من قبيلة بني تميم الشيعية. وتواصل ردود الفعل ناجم عن قيام ميليشيات مسلحة بحملة تهجير واسعة للسكان عقب الحادث.
وفي حين تتحدث وزارة الهجرة والمهجرين عن فرار ونزوح نحو 227 عائلة من قضاء المقدادية، كشف مرصد «أفاد» الحقوقي، أمس، عن نزوح 480 عائلة وتوجهها إلى مناطق بعيدة خوفاً من عمليات الانتقام التي تمارسها ميليشيات مسلحة تُعتقد صلتها ببعض الفصائل المنضوية تحت مظلة «الحشد الشعبي».
وفي أحدث رد فعل لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، حول أحداث ديالى، حذّر من «فتنة طائفية» محدقة بالمحافظة.
وقال الصدر في تغريدة، أمس الثلاثاء: «الخطر محدق بمحافظة ديالى الحبيبة، ونار الفتنة الطائفية يؤججها البعض (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها)، فهي أسيرة: التهريب والميليشيات والتبعية والإرهاب. فعلى قواتنا الأمنية في وزارة الداخلية العمل الجاد والسريع لحماية الحدود والانتشار السريع من أجل درء المخاطر».
وتعليقاً على أحداث ديالى، عد النائب السابق ظافر العاني، أن «الدولة تحولت إلى منظمة إنسانية لا أكثر، فهي بدلاً من أن تمنع القتل والتهجير الحاصل على أبناء المقدادية نراها تكتفي بأن تقدم للشهداء أكفاناً مجانية وللمهجرين مليون دينار ومأوى في جامع».
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت، الأحد الماضي، عن تخصيص مبلغ مليون دينار عراقي (نحو 650 دولاراً) لكل أسرة نازحة.
ووسط صمت لافت للأجهزة الأمنية والمتحدثين باسمها حيال ما يجري في ديالى، استنكرت حركة «امتداد» المنبثقة عن «حراك تشرين» الاحتجاجي ما يجري هناك. ووجهت الحركة الفائزة بتسعة مقاعد برلمانية، أمس، رسالة إلى العراقيين وإلى المواطنين في ديالى الذين وصفتهم بـ«شعب ديالى الجريح»، قالت فيها: «نقف اليوم استنكاراً لاستخدام المدنيين العزل في تصفية الحسابات السياسية، واستخدام الأبرياء لمحاولات التغيير الديمغرافي التي لا تخدم سوى الأطراف الطائفية والجهات الميليشياوية المعتاشة على الفوضى». وأضافت أن «غياب الغطاء الأمني وتخاذل القائمين على حفظ الأمن عن القيام بواجبهم المتمثل في حماية كل عراقي داخل حدود أرضه، قد أحدث أزمة للأبرياء المدنيين يتحمل مسؤوليتها وكافة تبعاتها القائد العام للقوات المسلحة. إننا ندعو القوات الأمنية إلى مسك الأرض ومنع عمليات التهجير بكافة أشكاله».
من جهة أخرى، رسم ثاني تقرير أصدره مرصد «أفاد» الحقوقي خلال أسبوع عن ديالى، أمس، صورة قاتمة ومأساوية عن الأحداث هناك.
وابتدأ المرصد تقريره بالقول: «القوى المسلحة تستعمل جرعات جديدة من العنف الطائفي بحق السكان المحليين في عدد من قرى شمال شرقي المحافظة مرة أخرى، تحت أنظار السلطات الحكومية في بغداد والقوات الأمنية النظامية، في واحدة من أحدث صفحات العنف الممنهج بالمحافظة». وتحدث المرصد عن عناصر ميليشياوية مرتبطة بـ«منظمة بدر» التي يقودها هادي العامري وعناصر أخرى تعمل تحت مظلة «الحشد الشعبي» في القيام بتنفيذ عمليات إعدام ميدانية بحق مواطنين عزل، إضافة إلى قيامهم بأعمال حرق وتدمير لمنازل وبساتين في قرى «نهر الإمام».
وقال تقرير المرصد إنه «لغاية (اليوم الثلاثاء) أحصى المرصد، مقتل 12 عراقياً؛ بينهم طفل وصبي، قتلوا بشكل مباشر في قرية نهر الإمام، لكن جميع الإفادات أيدت معلومات وجود ضحايا آخرين في القرية قتلوا أيضاً بطريقة الإعدام على يد الميليشيا التي اقتحمت القرية في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء الموافق 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وحول عمليات التهجير والنزوح القسري للعوائل، أكد أن «عدد الأسر النازحة من قرى، نهر الإمام، الميثاق الأولى، الميثاق الثانية، العامرية، بلغ قرابة 480 عائلة توزعت على عدة مناطق؛ أبرزها خانقين والكاطون وبعقوبة وحمرين وشهربان، بينما سجل وصول عائلات إلى العاصمة بغداد أيضاً».
ونقل المرصد عن شهود عيان وأفراد من عناصر الأمن وعائلات الضحايا قولهم: «ما جرى هو عملية تطهير طائفية نفذت من قبل فصائل محمية ومرعية حكومياً وبسلاح وسيارات الدولة، وتحمل بالوقت ذاته دوافع تغيير ديموغرافي».
وكان الصحافي والكاتب المرتبط بالميليشيات والفصائل المسلحة، أحمد عبد السادة، قد دعا صراحة، الجمعة الماضي، إلى تطهير بعض مناطق ديالى من المكون السني على غرار ما حدث في مناطق قريبة من بغداد، حيث قال عبر تغريدة في «تويتر»: «لقد أصبح استنساخ تجربة جرف الصخر ضرورة ملحة ليس في الطارمية فقط، وإنما أيضاً في العديد من مناطق ديالى، وبالأخص في قرى نهر الإمام وشوك الريم والهارونية (السنية) التي أصبحت مستعمرات للدواعش وقاعدة لهم لشن هجمات ضد الشيعة في المقدادية وغيرها»، مما عرضه لانتقادات شديدة من قبل ناشطين ومثقفين عراقيين.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.