مصر: «الأهرام» لكشف لغز عرض أرشيفها في إسرائيل

صورة من موقع «إيست فيو»
صورة من موقع «إيست فيو»
TT

مصر: «الأهرام» لكشف لغز عرض أرشيفها في إسرائيل

صورة من موقع «إيست فيو»
صورة من موقع «إيست فيو»

تواصل صحيفة «الأهرام» المصرية تحقيقها الداخلي لكشف لغز تسريب أرشيفها إلى «المكتبة الوطنية الإسرائيلية»، وذلك بعدما فجرت تغريدة على حساب «إسرائيل بالعربي»، الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، عاصفة من الغضب في الأوساط الإعلامية والثقافية المصرية، الأسبوع الماضي، إذ أعلنت عن «مشروع أطلقته المكتبة الوطنية الإسرائيلية يضم أرشيفاً رقمياً لصحيفة «الأهرام» المصرية، وأضاف الحساب «أن ما ينطوي عليه أرشيف «الأهرام» من معلومات ووثائق، بات متاحا للدارسين والباحثين داخل إسرائيل».
ويؤكد مدير تحرير صحيفة «الأهرام» إسماعيل العوامي، وهو عضو مجلس إدارة منتخب في المؤسسة، لـ«الشرق الأوسط» أن «مجلس الإدارة يجري تحقيقاً داخلياً لكشف طريقة وصول الأرشيف الرقمي للصحيفة إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية»، مضيفاً أن «الأمر أثار حفيظة القائمين على إدارة «الأهرام»، لاسيما أن موقف الصحيفة واضح حيال رفض أي تعاون مع إسرائيل».
التغريدة الإسرائيلية التي فجرت موجة من الجدل وتبادل للاتهامات بين إعلاميين وباحثين مصريين، على مدار الأيام الأخيرة، لم تعقب عليها أي جهة رسمية مصرية حتى الآن. ورغم إعلان بعض المسؤولين في «الأهرام» عن إصدار بيان صحافي حول الأزمة عقب اجتماع مجلس الإدارة اليوم الثلاثاء، فإن الاجتماع أرجئ إلى الخميس، وفق مصادر في الصحيفة.
وتعجب متابعون وإعلاميون من تسريب أرشيف صحيفة ««الأهرام»» التي تعد شاهدة على أحداث مصر التاريخية منذ تأسيسها عام منذ 1875، إلى جهة رسمية داخل إسرائيل، لاسيما أن أرشيف «الأهرام» لم يُتَح بسهولة للباحثين في مصر.
بدوره، نشر الحساب الرسمي للمكتبة الوطنية الإسرائيلية على موقع فيسبوك منشوراً يؤكد صحة توافر أرشيف رقمي لصحيفة «الأهرام»، ولفت في نهايته إلى أن حقوق ملكية الصور تعود إلى موقع «إيست فيو». وتبين أنه منصة تعمل كوسيط إلكتروني لتوفير المعلومات والوثائق بلغات أجنبية مقابل اشتراكات مدفوعة. وتحت عنوان أكثر الصحف المصرية شهرة وتأثيرا، ذكرت منصة «إيست فيو» أن أرشيف «الأهرام» الرقمي هو ضمن الخدمات التي تقدمها مقابل اشتراكات مدفوعة، وأنه تم الحصول عليه مسبقا ضمن مبادرة تستهدف الحفاظ على الصحف المطبوعة الأصلية، ما قد يفسر السبيل الذي وصل من خلاله أرشيف «الأهرام» إلى المكتبة الوطنية الإسرائيلية باعتبارها أحد المستفيدين من الخدمة المدفوعة التي يقدمها الوسيط الإلكتروني.
ويقول مدير تحرير «الأهرام» عن هذه الفرضية: «اتضح من التحقيقات الأولية أن ثمة عقوداً أبرمت في وقت سابق مع منصة مملوكة لشركة أميركية تعمل كوسيط إلكتروني وتدعى إيست فيو، ويبدو أنها الجهة المسؤولة عن وصول الأرشيف الرقمي للأهرام إلى الجهة الإسرائيلية السابق ذكرها». ويضيف: «بيد أن هناك كثيراً من التلاعب في ما يتعلق بحق الاستغلال الرقمي لأرشيف «الأهرام»، وهو شأن قيد التحقيق الآن وسيتم الإعلان عن نتائجه فور الوصول إلى نتيجة واضحة».
ويقول الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة صحيفة «الأهرام» الأسبق، ورئيس مجلس إدارة ومدير المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «رقمنة أرشيف «الأهرام» كانت واحداًة من أهم الإنجازات التي اعتز بتحقيقها خلال فترة قيادتي لصحيفة «الأهرام»، وكانت بغرض الحماية وفي الوقت عينه توفيره بسهولة للباحثين والمعنيين بتاريخ مصر... بالفعل جزء ضخم من أرشيف الصحيفة العريقة متاح عبر موقعها الرسمي، فهذا من شأنه أن يؤدي دورا تنويريا وتاريخيا».
ويرى بعض المستخدمين العرب والمصريين أن منشور المكتبة الوطنية الإسرائيلية ما هو إلى رسالة كيدية اعتاد الإعلام الإسرائيلي تكرارها. بينما يقول سعيد: «أنا أرى حالة من احترام الصحافة المصرية وتقدير قيمة «الأهرام» كواحد من أهم الإصدارات الوطنية الأكثر موثوقية وتأثيراً في مصر».
من جهتها نفت أستاذة الأدب الفرنكفوني، ومديرة مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ويسكونسن ماديسون في الولايات المتحدة الأميركية، نيفين النصيري، تورطها في صفقة لبيع أرشيف «الأهرام» لمصلحة جهة إسرائيلية، وقالت في بيان عبر فيسبوك: «تقدمت بطلب منحة للحصول على حقوق الإطلاع الرقمية على أرشيف صحيفة «الأهرام» داخل مكتبة الجامعة، حتى تتوافر الصحيفة ضمن صحف أخرى عالمية للباحثين. وأؤكد أن حقوق الإطلاع لا تعطي حق الملكية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.