رغم المخاوف... تمسك غربي بالدبلوماسية لمعالجة {النووي} الإيراني

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في روما أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في روما أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

رغم المخاوف... تمسك غربي بالدبلوماسية لمعالجة {النووي} الإيراني

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في روما أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في روما أول من أمس (إ.ب.أ)

في الأسابيع الأخيرة، تكاثرت إشارات المسؤولين الأميركيين، إلى البحث عن {بدائل أخرى} للتعاطي مع الملف النووي الإيراني، الذي جمدت المفاوضات بشأنه في فيينا منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، ويرجح أن تستأنف أواخر الشهر الجاري.
والبدائل الأخرى التي لوح بها كبار المسؤولين الأميركيين تعني من ضمن ما تعنيه؛ اللجوء إلى الوسائل العسكرية، ولكن ليس وحدها، إذ إن هناك بدائل أخرى مثل الهجوم السيبراني، أو استهداف الموقع بعمليات تخريب وتفجير، أو استهداف كبار الخبراء النووي الإيرانيين، وهي وسائل سبق استخدامها في السنوات والأشهر الماضية. كذلك، فإن بيان القادة الغربيين الأربعة {الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا} الخاص بإيران يشير من بعيد إلى احتمال اللجوء إلى بدائل أخرى غير المفاوضات، وذلك بتأكيده أن الأربعة الكبار عبروا عن {عزمهم العمل بشكل يمنع إيران من إنتاج السلاح النووي، أو الحصول عليه}. وبحسب مصادر أوروبية، فإن هذه الفقرة تبين {وحدة الموقف}، بين الأوروبيين والأميركيين حول الهدف النهائي الذي يتعين الحصول عليه، أي قطع الطريق على إيران للتحول إلى قوة نووية {ثانية} في منطقة الشرق الأوسط.
بيد أن الأربعة الكبار لم ينفضوا أيديهم من آلة الدبلوماسية التي لا تزال حتى اليوم المفضلة لديهم. وبيانهم المشترك الذي صدر السبت، عقب اجتماعهم على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين في روما، بالغ الوضح، إذ ينص على أن {الوضع الحالي يبين ضرورة التوصل إلى حل متفاوض عليه من شأنه إتاحة عودة إيران والولايات المتحدة إلى احترام مضمون الاتفاق} النووي لعام 2015. ويعني هذا التمسك بالخيار الدبلوماسي، كما يعني أن التلويح بتفعيل {الخيارات الأخرى}، إن على المستوى الأميركي الفردي، أو الجماعي (مع أوروبا أو غيرها) لم يحن أجله بعد. وهذا ما أشار إليه الوزير أنتوني بلينكن في حديثه للقناة الإخبارية {سي إن إن} أول من أمس، بقوله إنه {لا تزال هناك نافذة لرجوع إيران إلى التفاوض}، وإن واشنطن وحلفاءها يعدون الدبلوماسية أفضل طريقة للتعامل مع {المخاطر والتهديدات الناتجة عن برنامج إيران النووي}. وبطبيعة الحال، رفض بلينكن، كما فعل قبله مسؤولون آخرون، إيضاح الظروف والمهلة الزمنية التي ستقفل معها النافذة المفتوحة.
ترى المصادر الأوروبية المشار إليها أن هناك ما يشبه {سباقاً مع الزمن}، بين التقدم المتسارع الذي ينجزه البرنامج الإيراني لجهة مراكمة كميات كبيرة من اليورانيوم مرتفع التخصيب وتطوير واستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وإنتاج معدن اليورانيوم، والتضييق على المفتشين الدوليين من جهة، والعودة إلى التفاوض في فيينا من جهة أخرى.
وأشارت مصادر رئاسية فرنسية إلى أن مقاربات القادة الغربيين الأربعة {متطابقة} بشأن التحذير من أن استراتيجية إيران ومماطلتها في العودة إلى طاولة المفاوضات هدفها {كسب الوقت}، وإحراز تقدم إضافي نووياً. ونتيجة ذلك أن الفترة الزمنية الفاصلة بينها وبين الوصول إلى الحافة النووية {آخذة بالتقلص}.
وإزاء الممانعة الإيرانية، كان أمام القادة الغربيين المتمسكين بالخيار الدبلوماسي وبالمفاوضات طريقان: إما زيادة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية على إيران، والتلويح بالهراوة المسماة {خيارات أخرى}، أو الخروج من الطريق المقطوعة إلى فيينا بتقديم {عرض جديد}، {وهو ما أشارت إليه المصادر الرئاسية الفرنسية} من شأنه تحقيق هدفين: الأول، التوصل إلى مقاربة جماعية لكيفية التعاطي مع طهران بحيث تضم مجدداً روسيا والصين اللتين تعمد إيران إلى إقامة شراكات استراتيجية متعددة الأبعاد معهما، وبالتالي إعادة توحيد مواقف {5 + 1}. والثاني، إغراء المسؤولين الإيرانيين والتلويح لهم بمحفزات لم يتم طرحها حتى اليوم. وحتى أمس، لم يكن متوافراً الحصول على تفاصيل العرض الجديد. إلا أن المرجح، فرنسياً، أن تقبل الإدارة الأميركية التجاوب، أقله جزئياً، مع مطالب إيرانية متواترة، الأمر الذي أعاد وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان التأكيد عليه في حواره المطول أول من أمس مع الصحيفة الرسمية {إيران}، حيث طلب مجدداً الإفراج عن عشرة مليارات دولار محتجزة لدى واشنطن أو السماح لإيران باستعادة أموال عائدة لها في عدة بلدان ككوريا الجنوبية أو غيرها. وليس من المستبعد أن ينص العرض الجديد على تجميد العقوبات عن قطاع اقتصادي معين. والثابت أنه إذا كانت هناك {بادرة} جديدة فإنها ستكون أميركية الجنسية، لأن إيران ما زالت تتهم واشنطن بـ{عدم الجدية} في التفاوض وتواظب على فرض شروطها القديمة - الجديدة وتريد ضمانات بشأنها قبل أن تشد الرحال إلى فيينا.
وفي أي حال، فإن اللافت أن إيران عادت مجدداً إلى المعزوفة التي روج لها وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف بتأكيده أن المحادثات {لا فائدة منها}، وأنه يكفي أن يصدر الرئيس بايدن {أمراً تنفيذياً} بالعودة إلى ما قبل خروج إدارة ترمب من الاتفاق، والتخلي من جانب واحد عن العقوبات التي أعادت فرضها أو العقوبات الجديدة التي فرضتها تحت تسميات مختلفة.
ثمة قناعة اليوم أن المواظبة على استحضار الخيارات البديلة والحديث أن جميعها {على الطاولة} لا هدف منهما سوى تحذير المسؤولين الإيرانيين ودفعهم لوضع حد للمناورة وإيجاد الأعذار لتأخير ساعة الحقيقة. والثابت أن الرئيس باجدين، وفق القراءة الأوروبية، ما زال متمسكاً بالخيار الدبلوماسي رغم استشعار إدارته بأن الوقت ينفد وأنه سيحل يوم يتعين فيه على واشنطن أن تحسم أمرها. وليس سراً أنها تواجه ضغوطاً في الداخل والخارج، ولذا، فإنها تكثر من التشاور مع شركائها وحلفائها وتسعى لتوحيد المواقف، وهو ما فعله مؤخراً مبعوثها الخاص بإيران روبرت مالي، الذي قام بجولة شرق أوسطية والتقى الأوروبيين في باريس.
يبقى السؤال: متى ستغلق نافذة التفاوض؟ حتى اليوم، لم تتوافر أي شخصية مسؤولة لتجيب عنه بوضوح لأن تحديد تاريخ معين سيكون بمثابة {خط أحمر} أميركي وستكون له تبعاته. ولا شك أنه مرتبط بمدى تقدم إيران في برنامجها، وبما يعده الغربيون المدة الزمنية اللازمة لتقترب طهران من الحافة النووية. وعندها سيكون لكل حادث حديث.



إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».