الحكم بالإعدام على أحد عناصر «فرق الموت» في البصرة

TT

الحكم بالإعدام على أحد عناصر «فرق الموت» في البصرة

أصدرت محكمة جنايات البصرة، أمس (الاثنين)، حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت بحق المدان (ح. ك) الذي أقدم، مع أفراد آخرين فارين حتى الآن، على قتل المراسل الصحافي أحمد عبد الصمد وزميله المصور صفاء عبد الحميد في يناير (كانون الثاني) 2020، أثناء قيامهما بتغطية المظاهرات الاحتجاجية التي جرت في محافظة البصرة لصالح قناة تلفزيونية محلية.
ويعمل المدان في سلك الشرطة القضائية في البصرة، لكنه ينتمي إلى مجموعة ميليشياوية أطلق عليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تعبير «فرق الموت» بعد إعلانه إلقاء القبض على بعض عناصرها في فبراير (شباط) الماضي.
وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، في بيان، إن «المجرم اعترف بكل تفاصيل الجريمة التي حدثت مطلع العام الحالي، والهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار وإشاعة الرعب في نفوس الناس تحقيقاً لغايات إرهابية». وأضاف أن «الحكم بحق المجرم يأتي استناداً لأحكام المادة الرابعة / 1 وبدلالة المادة الثانية / 1و3 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005».
وينتظر قرار الحكم إرساله إلى المحكمة التمييزية للمصادقة عليه واكتسابه الدرجة القطعية تمهيداً لتنفيذه، وطالب عشرات الذين اجتمعوا أمام مبنى المحكمة بالإسراع بتنفيذ الحكم.
وبمجرد انتشار خبر صدور الحكم على المدان، رحّب العديد من الناشطين والمدونين بذلك واعتبروه مدخلاً لمحاسبة بقية المتورطين بدماء الناشطين وجماعات الحراك الاحتجاجي الذين قُتل منهم نحو 700 شخص خلال الاحتجاجات التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، واستمرت لأكثر من عام. وانتشر خبر الحكم على نطاق واسع في منصات التواصل العراقية المختلفة. وهذه المرة الأولى التي يصدر فيها القضاء حكماً بالإعدام ضد متورط بقتل ناشطين وإعلاميين، إذ إن المراسل الصحافي أحمد عبد الصمد كان معروفاً جداً بانتقاداته اللاذعة للسلطات وفسادها وكذلك للجماعات المرتبطة بإيران، وكان أعلن قبل مقتله بأيام، أنه يتعرض إلى تهديدات كثيرة كلما انتقد سياسات إيران والجهات المرتبطة بها في العراق.
ووجّه محمد عبد الصمد، شقيق الصحافي المغدور، أول من أمس، رسالة قبيل ساعات من عقد جلسة النطق بالحكم على أحد المشتركين بجريمة اغتيال شقيقه، عبر «فيديو» مصور، قال فيها: «إلى جميع الأحرار والشرفاء والوطنيين، يوم غد جلسة محاكمة (فرقة الموت)، أناشدكم المشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي ستكون أمام محكمة استئناف البصرة، للمطالبة بتحقيق العدالة وتطبيق القانون ومحاكمة جميع الموقوفين من أعضاء (فرقة الموت)». وذكر أن «الأحزاب والميليشيات تعمل جاهدة لإخلاء سبيل عدد من المتهمين المشتركين مع (فرقة الموت)».
وفي «فيديو» مماثل بعد صدور الحكم، اعتبر باسط عبد الصمد، الشقيق الآخر لأحمد عبد الصمد، أن «الحكم صريح، وواضح وشجاع من قضاء البصرة، ومن هيئة القضاء على مستوى محكمة البصرة التي شارك فيها رئيس محكمة البصرة ودخل في القاعة». وأعرب عن تمنياته أن «يكتمل التحقيق، وإلقاء القبض على بقية القتلة والمجرمين الذين عاثوا في الأرض فساداً وقتلوا الأبرياء من دون وجه حق وإعادة الثقة بالقضاء والدولة».
وتعليقاً على قيام المدان بالسجود ورفع يديه بالدعاء بعد صدور الحكم، قال عبد الصمد: «لمن تدعو؟ وأنت قاتل ومجرم، لا فرق بينهم وبين (داعش)، يقتلون ثم يسجدون، إلى أي مرحلة وصلنا في الاستهزاء بالدين والعقيدة؟!».
وبعد إعلان الحكم احتفل العشرات من الناشطين وأقرباء الضحيتين أمام المحكمة وفي شوارع محافظة البصرة، وأظهر «فيديو» مؤثر لوالدة المصور المغدور صفاء عبد الحميد غالي، وهي تردد أهزوجة شعبية احتفالاً بصدور حكم الإعدام ضد الجاني.
وفي وقت سابق لصدور الحكم، قالت والدة أحمد عبد الصمد إن «أحمد لم يكن يقول سوى الحق، وقد دفع حياته ثمناً لذلك». وطالبت بـ«إعدام الجناة المتورطين بقتل ولدها، وناشطين آخرين في البصرة».
من جانبها، أصدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أمس، وبالتزامن مع ذكرى اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم وصدور الحكم، بياناً قالت فيه: «نشيد بجميع الصحافيين والإعلاميين الذين قدموا حياتهم فداءً للكلمة الحرة الشريفة والدفاع عن الحريات، ونذكر العالم بأهمية التزام الجميع بالدفاع عن الحقوق والحريات، خاصة حرية التعبير والحصول على المعلومة والعمل بحرية».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.