الحكومة تدخل مرحلة «تصريف الأعمال» قبل استقالتها

أجندات مكوناتها أظهرت عجزها عن اجتراح الحلول لأزمات لبنان

TT

الحكومة تدخل مرحلة «تصريف الأعمال» قبل استقالتها

دخلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مرحلة تصريف الأعمال حتى قبل استقالتها، فالأزمات المتلاحقة التي بدأت مع إخفاقها في وضع برنامج واضح للحوار مع صندوق النقد الدولي، ثم تفجرها من الداخل نتيجة خلاف مكوناتها على التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، وغيابها التام عن معالجة ذيول أحداث الطيونة، حولها إلى حلبة صراع للقوى والأحزاب السياسية، غير أن الأزمة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الناتجة عن تصريحات وزير الإعلام جورد قرداحي، أدخلتها بحالة الموت السريري.
ومع غياب أي أفق لحل الأزمات المتراكمة، لا يبدو أن الشارع اللبناني يعول على دور لهذه الحكومة بفعل الأجندات المتضاربة لمكوناتها، خصوصاً أن أحزاباً وشخصيات في المعارضة، ترى في الحكومة جزءاً أساسياً من المشكلة التي أوصلت لبنان إلى عزله عن أشقائه العرب، إذ اعتبر عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب جورج عقيص، أن حكومة ميقاتي «لم تأتِ نتيجة توافق دولي، بل بفعل اتفاق فرنسي - إيراني عابر سرعان ما سقط عند الاختبار الأول».
وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ تشكيل هذه الحكومة أثبتت أنها جزء من غرفة عمليات يديرها «حزب الله» في لبنان، بدليل أنه بعد شهر على تشكيلها، أعلن الحزب عن وقف اجتماعات مجلس الوزراء، فتوقفت الحكومة عن الاجتماع، ثم أبلغ من يعنيهم الأمر أنه ممنوع إقالة أو استقالة جورج قرداحي، فلا يجرؤ أحد على اتخاذ هذه الخطوة».
وثمة من يستبعد ضخ الدم مجدداً في عروق الحكومة الحالية لتستأنف عملها الدستوري، إذ يشدد منسق الأمانة العامة السابق لقوى «14 آذار»، النائب السابق فارس سعيد، على أن حكومة ميقاتي «أثبتت أنها حكومة الاحتلال الإيراني في لبنان بقيادة حسن نصر الله». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة «دخلت الموت السريري، فهي غير قادرة على الحوار مع صندوق النقد الدولي، وغير حاضرة لحلحلة فاجعة أحداث الطيونة، وغير قادرة على حماية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وتغيير موقف «حزب الله» بتطيير القاضي طارق البيطار، وبالتأكيد لن تتمكن من حل الأزمة مع دول الخليج، لأنها جزء أساسي من المشكلة». وذكر سعيد أن «الحكومة في الشكل يرأسها نجيب ميقاتي، لكن قرارها في الضاحية وعند نصر الله تحديداً».
لا تتوقف مخاطر الشلل الحكومي عند تعطيل البلد، ونسف أي أمل بالإصلاح فحسب، بل تتعداه إلى الخطر الأمني، ويحذر النائب جورج عقيص من «دفع البلد إلى الانفجار نتيجة هذه الممارسات»، داعياً رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي)، إلى «اتخاذ موقف تاريخي وحاسم، وأن يعوا خطورة الأزمة مع دول الخليج حتى لا نبكي دماً نتيجة خياراتهم القاتلة»، لافتاً إلى أن «حزب الله يضع اللبنانيين أمام خيارين، إما الطلاق الكامل مع العالم العربي، وإما حماية جورج قرداحي»، مشيراً إلى أن «الضحية الأولى لهذه الحكومة ستكون الانتخابات النيابية».
ولا تتوقف المعالجة عند البحث في مصير الحكومة واستبدالها بأخرى، بل تتعداها إلى الحديث عن دور رئيس الجمهورية في هذه المرحلة، ويقول فارس سعيد: «انطلاقاً من حالة الفراغ الذي تشكله هذه الحكومة، وحالة الفراغ في قصر بعبدا، فإننا أمام واقع «فالج لا يعالج»، معرباً عن أسفه «لغياب رئيس الجمهورية ميشال عون عن الأزمة، خصوصاً أن رئيس البلاد هو من يتولى إدارة الملفات الدولية، وكان يفترض به أن يتخذ المبادرة لحل الأزمة مع دول الخليج».
وإذ اعترف سعيد بأن الحكومة الحالية باتت مشكلة بحد ذاتها، لأنها سلطة غير موجودة، حمل رؤساء الحكومات السابقين مسؤولية مطالبة نجيب ميقاتي بالاستقالة، كما حمل القيادات المسيحية بما فيها «القوات اللبنانية» والمرجعية الدينية (البطريرك الماروني بشارة الراعي) مسؤولية المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون». وأضاف «لا يمكننا المطالبة بحل معضلة سلاح (حزب الله)، في وجود رئيس جمهورية وحكومة يؤمنان الغطاء السياسي والدستوري لهذا السلاح».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.