السودان: تحذيرات من انتقال الجماعات الإرهابية من دول الجوار إلى دارفور المضطربة

مقتل 20 شخصًا في اشتباكات قبلية في دارفور تزامنًا مع الانتخابات التي ستجرى هذا الشهر

السودان: تحذيرات من انتقال الجماعات الإرهابية من دول الجوار إلى دارفور المضطربة
TT

السودان: تحذيرات من انتقال الجماعات الإرهابية من دول الجوار إلى دارفور المضطربة

السودان: تحذيرات من انتقال الجماعات الإرهابية من دول الجوار إلى دارفور المضطربة

لقي أكثر من 20 شخصا مصرعهم في اشتباكات بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا في شرق ولاية دارفور، ويشهد الإقليم حربا تخوضها 3 حركات العدل والمساواة وفصيلي تحرير السودان ضد الحكومة السودانية منذ أكثر من 12 عاما راح ضحيتها أكثر من 300 مواطن بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، إلى جانب الصراع القبلي المسلح بين إثنيات ذات أصول عربية وأخرى أفريقية، وأخرى داخل القبيلة الواحدة، التي وصفت بأنها «حرب الكل ضد الكل»، في وقت وصف فيه رئيس السلطة الانتقالية في إقليم دارفور الدكتور التجاني سيسي النزاعات القبلية بـ«العبثية»، محذرا من انتقال المجموعات الإرهابية من الدول المجاورة إلى الإقليم.
وتبادلت القيادات القبلية من الطرفين الاتهامات حول الطرف الذي ابتدر المعركة، حيث قال أحد القيادات من المعاليا إن مسلحين من قبيلة الرزيقات التي تعد من أكبر القبائل ذات الأصول العربية في دارفور ومن قبيلته المعاليا اشتبكوا في منطقة صباح النعمة في ولاية شرق دارفور، مشيرا إلى أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 16 من أبناء الرزيقات، إلى جانب مقتل 4 أشخاص من قبيلة المعاليا، وقال إن الاشتباكات بسبب سرقة 500 رأس من الماشية تمت سرقتها في مناطق الرزيقات، مؤكدا وجود استعدادات بين الأطراف المختلفة للدخول في معارك جديدة رغم وجود قوات حكومية تفصل بين أطراف المتنازعة لضعف إمكاناتها من العتاد والأسلحة، وقال: «قد تجد أن أي من طرفي النزاع يمتلك أسلحة وسيارات أفضل من القوات التي تفصل بين الجهات المتحاربة»، وأضاف أن مجموعة تنتمي إلى قبيلة الرزيقات قامت بنهب أكثر من 600 من المواشي تخص قبيلة المعاليا، وعد أن ذلك كان مبررا لمجموعة من قبيلته أن يقوموا بسرقة 500 رأس من الأبقار والضأن وأن ذلك كان سببا لاندلاع الاشتباكات بين الطرفين.
من جهته اتهم عمدة قبيلة الرزيقات محمد الحاج مرانو إثنية المعاليا بشن هجوم بنصب كمين على فزع أهلي من قبيلة الرزيقات الذين كانوا يتابعون مواشي تمت سرقتها، داعيا إلى وقف العدائيات وتنفيذ مقررات المصالحة القبلية.
وكان مؤتمر للمصالحة بين القبيلتين قد عقد في الولاية الشمالية في فبراير (شباط) الماضي برعاية النائب الأول للرئيس السوداني بكري حسن صالح، ولكن المؤتمر فشل في إنهاء الصراع بين الرزيقات والمعاليا الذي امتد إلى أكثر من 6 سنوات حول ملكية الأرض.
وتتجدد الاشتباكات الإثنية في ولايات دارفور غرب السودان بين قبائل العربية والأفريقية وداخل الإثنية الواحدة بسبب المراعي وسرقة المواشي والنزاع حول ملكية الأراضي من سنوات، وفي الأشهر الثلاث الأخيرة تزامنت هذه الاشتباكات القبلية مع الانتخابات التي ستجرى في أبريل (نيسان) الحالي، إلى جانب إعلان البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) وضع استراتيجية لمغادرة الإقليم المضطرب لأكثر من 10 سنوات.
ووقعت اشتباكات بين قبيلتي السلامات والفلاتة غير العربية أدت إلى مقتل 18 شخصا وإصابة 27 آخرين من الجانبين تزامنت مع زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى ولاية جنوب دارفور في الثامن عشر من مارس الماضي، وفي العشرين من مارس وقعت معارك بين إثنيتي الزيادية العربية والبرتي الأفريقية في شمال دارفور،، ودائما ما تتنازع هذه القبائل حول الأراضي وسرقة المواشي، إلى جانب انتشار السلاح في الإقليم الذي خلفته الحرب الأهلية.
إلى ذلك حذر رئيس السلطة الإقليمية لدارفور الدكتور التجاني سيسي من انتقال المجموعات والعناصر الإرهابية المنتشرة في دول الجوار، خاصة مع الحدود المشتركة مع ليبيا، أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، إلى إقليم دارفور - غرب السودان، مشيرا إلى أن ذلك سيشكل خطورة كبيرة على أمن واستقرار البلاد، مطالبا باتخاذ الإجراءات الأمنية لمنع انتقال الجماعات الإرهابية إلى الإقليم، واصفا النزاعات القبلية بالعبثية.
وكان خبراء الأمم المتحدة قد حذروا من أن يصبح إقليم دارفور مرتعا للجماعات الإرهابية مع ازدياد العنف في الإقليم الذي يمزقه الحرب، وعبر الخبراء عن قلقهم البالغ من انتشار السلاح في الإقليم، وقال الخبراء إن المناخ الأمني عبر ليبيا والساحل والشرق الأوسط تدهور بسبب «قلاقل الإسلاميين الراديكاليين» وأثاروا مخاوف بشأن بيانات من السودان عن دعم الحكومة للمتمردين الليبيين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.