«كوب 26»... أمل العالم «الأخير» لتحقيق أهداف المناخ

«قمة القادة» تنطلق اليوم في غلاسكو وسط تدابير أمنية وصحية صارمة

«كوب 26»... أمل العالم «الأخير» لتحقيق أهداف المناخ
TT

«كوب 26»... أمل العالم «الأخير» لتحقيق أهداف المناخ

«كوب 26»... أمل العالم «الأخير» لتحقيق أهداف المناخ

بتحذيرات من «انهيار» الحضارة البشرية والفشل في تفادي «كارثة مناخية»، مهّد قادة العالم المجتمعون في روما لأعمال مؤتمر الأطراف السادس والعشرين حول المناخ (كوب 26)، الذي انطلق أمس في غلاسكو. وأقرّ قادة دول «مجموعة العشرين»، الذين اجتمعوا على مدى يومين في العاصمة الإيطالية قبل أن ينضمّوا إلى أكثر من 100 زعيم دولة وحكومة في غلاسكو اليوم، بضرورة مواجهة «التهديد الوجودي» للتغير المناخي، وحصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ويتوافد ممثلون عن قرابة مائتي دولة، بينهم 25 ألف مندوب ومفاوض وناشط وصحافي، إلى غلاسكو، وسط إجراءات أمنية وصحية صارمة. وتنطلق أعمال المؤتمر بـ«قمة القادة»، التي تنعقد اليوم وغداً، وتشهد إلقاء زعماء دول وحكومات خطابات تعكس مساهماتهم الوطنية والدولية لمكافحة الاحترار المناخي وحماية البيئة. وبعد مغادرة القادة، يعقد المفاوضون والوفود الرفيعة الممثلة للدولة المشاركة والمنظمات الأممية سلسلة اجتماعات تقنية تتواصل حتى 12 نوفمبر (تشرين الثاني). وتنقسم هذه الاجتماعات وفق عدة محاور تشمل: التمويل، والطاقة، وتمكين الشباب، والبحار والمحيطات والمنطق الساحلية، والبيئة، واستغلال الأراضي، والتأقلم مع تغير المناخ، والصناعة، والمساواة بين الجنسية، والمدن والمناطق الحضرية.

- الرقم السحري
يتكرّر رقم 1.5 على لسان المسؤولين الأمميين، والعلماء والناشطين البيئيين، منذ اتفاق باريس للمناخ. ويشير هذا «الرقم السحري» إلى مستوى ارتفاع درجة حرارة الأرض بالمقارنة مع مستويات ما قبل العصر الصناعي، والذي تسعى دول العالم المجتمعة في «كوب 26» إلى عدم تجاوزه لتجنب أنماط مناخ كارثية جديدة. وقال مصدر بريطاني رسمي مُطّلع، إن الهدف الأساسي من مؤتمر غلاسكو هو «الإبقاء على هدف 1.5 درجة ممكناً، عبر اعتماد سياسات هادفة في قطاعات محورية، مثل الفحم والسيارات والأشجار»، إلى جانب ضمان «التمويل اللازم لتسريع اعتماد وتطبيق السياسات المناخية في هذا العقد الحاسم». ويأخذ مؤتمر الأطراف في غلاسكو هدفه من اتفاق باريس التاريخي الذي أُبرم في عام 2015 والذي شهد موافقة الدول على وضع حد للاحترار العالمي عند «أقل بكثير» من درجتين مئويتين مقارنةً بمستويات ما قبل العصر الصناعي، و1.5 درجة مئوية «إذا أمكن».
وانعكس تمسّك المجتمع الدولي بهدف 1.5 درجة في مسوّدة قمة العشرين، التي جاء فيها وفق وكالة «رويترز»: «ندرك أن تأثيرات تغير المناخ عند 1.5 درجة أقل بكثير من تأثيراته عند درجتين مئويتين، وأنه من الواجب اتخاذ إجراءات فورية كي يظل مستوى 1.5 درجة ممكناً».

- الأمل الأخير
ويدفع رئيس الدورة الـ26 من مؤتمر الأطراف للمناخ، البريطاني ألوك شارما، باتّجاه إجراءات عاجلة لخفض الانبعاثات الكربونية في العالم والحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية. وقال في افتتاح أعمال «كوب 26»، أمس، إنها «الأمل الأخير والأفضل» لحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية.
وتابع شارما: «نعلم أن كوكبنا يتغير نحو الأسوأ»، مشيراً إلى أن تغير المناخ استمر خلال وباء «كوفيد - 19» الذي تسبب في إرجاء المؤتمر لمدة عام. وقال: «إذا عملنا الآن وعملنا معاً، سيكون بإمكاننا حماية كوكبنا الثمين».

- خيارات صعبة
بدورها، رأت المنسقة الأممية لشؤون المناخ باتريشيا إسبينوزا، أن الإنسانية تقف عند نقطة محورية، وتواجه عدة «خيارات صعبة، لكنها واضحة». ودعت إسبينوزا في افتتاح أعمال «كوب 26»، الدول إلى تغيير طريقة عملها، عبر تحقيق تخفيضات سريعة وواسعة النطاق للانبعاثات للحفاظ على هدف الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، أو قبول فكرة أن البشرية تواجه مستقبلاً قاتماً.
إلى ذلك، شدّدت المسؤولة الأممية على ضرورة تعزيز جهود التكيف للتعامل مع الكوارث المناخية، وبناء القدرة على الصمود لمواجهة آثارها المستقبلية، محذّرة من أن الفشل في ذلك يهدد حياة المزيد من الناس، وسيكبّد العالم المزيد من الأضرار الاقتصادية.

- إشراف أممي
فيما تستعد دول العالم لأسبوعين من المفاوضات المعقّدة، يواجه المنظّمون تحديات من نوع آخر. ويطرح مؤتمر «كوب 26» تحديات أمنية وصحية وتنظيمية عدة، فهو أول فعالية دولية بهذا الحجم تنعقد منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، كما أنه يُنظّم على خلفية سلسلة مظاهرات تُهدّد بعرقلة الحركة في غلاسكو ومحيطها. وكما جرت العادة في مؤتمرات المناخ السابقة، تمّ تسليم إدارة مقرّ انعقاد المؤتمر رسمياً للأمم المتحدة (الجمعة). وأصبح أكبر مركز مؤتمرات اسكوتلندا يُعرف رسمياً بـ«المنطقة الزرقاء»، وسيبقى تحت تصرف وإشراف الأمم المتحدة حتى انتهاء أعمال «كوب 26». ويقوم ضباط مسلحون تابعون للأمم المتحدة بدوريات متواصلة في المقر، لضمان أعلى مستويات الأمن.

- فحوصات يومية
أما فيما يتعلّق بالترتيبات الصحية، فقد اعتمد منظّمو «كوب 26» تدابير صارمة لمنع تفشي فيروس «كوفيد - 19» بين المشاركين الذين توافدوا إلى غلاسكو من قرابة 200 دولة. وشُجّع المشاركون على الحصول على التلقيح الكامل ضد «كورونا» قبل التوجه إلى اسكوتلندا، كما سيُطالب جميع المشاركين بإجراء فحص سريع يومي قبل دخول «المنطقة الزرقاء». وتسمح سلطات المملكة المتحدة استثنائياً بدخول المشاركين في «كوب 26»، المحصنين بكل أنواع اللقاحات ضد «كوفيد - 19»، حتى تلك التي لا تعترف بها في إطار القيود الصحية الحالية. كما عملت بريطانيا، بالتعاون مع الأمم المتحدة، على تقديم لقاحات لمندوبي «كوب 26» الوافدين من دول لم تستطع إتاحة التطعيم لممثليها. وأكّد مصدر بريطاني تلقي مندوبين من نحو 70 دولة الجرعات الأولى من اللقاحات، من خلال إدارة الدعم العملياتي التابعة للأمم المتحدة. إلى ذلك، تمّ اتّباع قواعد الحجر الإجباري المعتمدة من طرف الحكومة البريطانية، والمفروضة على الوافدين غير الملقحين من الدول المصنّفة في اللائحة الحمراء.

- «فندق عائم»
بالإضافة إلى الجانبين الأمني والصحي، طرح مؤتمر «كوب 26» تحديات تنظيمية، في ظلّ ما وصفه أحد المشاركين بـ«شح» في الغرف الفندقية. وتستعد كل من غلاسكو وإدنبره المجاورة لاستضافة عشرات القادة والزعماء ووفودهم، بالإضافة إلى آلاف المندوبين والمفاوضين والصحافيين ومسؤولي الأمن وغيرهم. وشهدت أسعار الخدمات الفندقية بمختلف أنواعها ارتفاعاً مذهلاً، سواء منها التقليدية أو الخاصّة. فيما حذّرت سلطات النقل الاسكوتلندية من التأخير والاكتظاظ على متن خدماتها. وأفادت تقارير محلية بأن آلاف المندوبين كانوا لا يزالون يبحثون عن أماكن إقامة قبل أيام من انطلاق أعمال المؤتمر، إذ إن سعة غلاسكو الفندقية لا تتجاوز 15 ألف غرفة. كما علمت «الشرق الأوسط» أنه تمت الاستعانة بسفينة سياحية تعمل كـ«فندق عائم» لإيواء بعض عناصر الأمن وموظفين آخرين. ويُرجع البعض هذا النقص في أماكن الإقامة جزئياً إلى تأخر بعض الوفود في تأكيد مشاركتها حضورياً، خصوصاً منها التي كانت على لائحة بريطانيا الحمراء للسفر. فيما يشير آخرون إلى الحجم الكبير لبعض الوفود، إذ نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن أشخاص مطّلعين عن التخطيط أن أكثر من ألف شخص سيرافقون الرئيس الأميركي جو بايدن وأعضاء حكومته.


مقالات ذات صلة

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)

مقاتلتان روسيتان تعترضان قاذفتين أميركيتين قرب مدينة كالينينغراد الروسية

طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)
طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)
TT

مقاتلتان روسيتان تعترضان قاذفتين أميركيتين قرب مدينة كالينينغراد الروسية

طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)
طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ - 31» تابعتان للقوات الجوية الروسية تحلّقان في تشكيل خلال عرض فوق الساحة الحمراء في موسكو بروسيا في 9 مايو 2018 (رويترز)

قال مسؤول أميركي، الثلاثاء، إن مقاتلتين روسيتين من طراز «سوخوي 27» اعترضتا قاذفتين أميركيتين من طراز «بي - 52 ستراتوفورتريس» بالقرب من مدينة كالينينغراد الروسية الواقعة على بحر البلطيق.

وكانت القاذفتان الأميركيتان في منطقة بحر البلطيق في إطار تدريب للولايات المتحدة مع حليفتها في حلف شمال الأطلسي فنلندا، التي تشترك في حدود بطول 1340 كيلومتراً مع روسيا، وسط تصاعد التوتر الناجم عن الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وجاء اعتراض القاذفتين الأميركيتين بعد أيام فقط من إطلاق روسيا صاروخاً باليستياً فرط صوتي متوسط المدى على أوكرانيا، يوم الخميس الماضي، رداً على قرار الولايات المتحدة وبريطانيا السماح لكييف بضرب الأراضي الروسية بأسلحة غربية متقدمة.

وقال المسؤول الأميركي لوكالة «رويترز»، إن القاذفتين الأميركيتين لم تغيرا خط سيرهما المخطط له مسبقاً خلال ما عُدَّ اعتراضاً آمناً واحترافياً من المقاتلتين الروسيتين.