محكمة إسرائيلية ترفض فصل دير وأراض عن بيت جالا لصالح جدار الفصل

ثاني قرار من نوعه خلال 3 أشهر واعتبر انتصارًا تاريخيًا ومفرحًا

منظر عام لأراضي الكريميزان المحيطة بالقرية التي تحمل اسمه والقريبة من بيت جالا (أ.ف.ب)
منظر عام لأراضي الكريميزان المحيطة بالقرية التي تحمل اسمه والقريبة من بيت جالا (أ.ف.ب)
TT

محكمة إسرائيلية ترفض فصل دير وأراض عن بيت جالا لصالح جدار الفصل

منظر عام لأراضي الكريميزان المحيطة بالقرية التي تحمل اسمه والقريبة من بيت جالا (أ.ف.ب)
منظر عام لأراضي الكريميزان المحيطة بالقرية التي تحمل اسمه والقريبة من بيت جالا (أ.ف.ب)

أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس، قرارا يمنع الجيش الإسرائيلي من مصادرة آلاف الدونمات المملوكة لأهالي بيت جالا الفلسطينية ودير الكريميزان لضمها إلى إسرائيل، بحجة استكمال بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة.
وقد صدر القرار بعد معركة قضائية استمرت 9 سنوات، طرفاها وزارة الدفاع الإسرائيلية التي أرادت مصادرة آلاف الدونمات الفلسطينية الخاصة، وفصل أراض تابعة للأديرة وضمها إلى الجانب الإسرائيلي من جهة، وبلدية بيت جالا ذات الغالبية المسيحية وأصحاب الأراضي وأديرة مسيحية للروم الكاثوليك على رأسها دير الكريميزان من الجهة الأخرى.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المحامي غياث ناصر، قوله للصحافيين في مؤتمر عقد في مدينة بيت جالا: «هذا قرار تاريخي، فقد رفضت المحكمة مخططات الجيش الإسرائيلي الذي قام بتقديم اقتراحات عدة بفصل الأديرة، وفصل الأراضي عن أصحابها». وأضاف ناصر: «قالت المحكمة إن مخططات الجيش لا تفي بالغرض المناسب لأنها لا تتوافق مع حقوق المواطنين والهدف الأمني».
واعتبر ناصر «إن هذا إنجاز قانوني ضخم أهميته في إنقاذ أراض شاسعة في المنطقة هي الأراضي التابعة للدير ونحو 3 آلاف دونم من الأراضي الزراعية التابعة لبلدية بيت جالا».
وكانت أراضي 58 عائلة ستتأثر من مسار جدار الفصل العنصري.
واعتبر بطريرك اللاتين، فؤاد طوال، قرار المحكمة هو فرحة للجميع. وقال طبال: «اليوم الجمعة الحزين والسبت قيام المسيح وفرحتنا في العيد ستكون فرحتين». وأضاف: «هي فرحة للجميع وانتصار للناس والشعب، فما يفرحكم يفرحنا وما يؤلمكم يؤلمنا، و(هو) انتصار لأصحاب الأراضي، وانتصار للإرادة الطيبة وانتصار للمحكمة الإسرائيلية التي تجرأت وأخذت هذا القرار».
وأكد أن «الضغوط المحلية والدولية جاءت بنتيجة. قام رؤساء البلديات المحلية بزيارة البابا فرنسيس الذي التقى في مايو (أيار) الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وطرح عليه موضوع دير الكريميزان. وقامت مجموعة الأساقفة الأميركيين بالضغط على الكونغرس للضغط على اللوبي اليهودي في هذا الموضوع، وبالطبع صلواتنا».
لم يترك سكان بيت جالا وسيلة إلا واتبعوها من تسليم رسائل احتجاج إلى البابا فرنسيس، ومراسلة البعثات الدينية والدبلوماسية وإقامة الصلوات العامة.
وخلال زيارة البابا فرنسيس العام الماضي إلى بيت لحم، صلى البابا في جزء من الجدار الفاصل ليس بعيدا عن كريميزان. ويقع وادي الكريميزان بين مدينتي القدس وبيت جالا، وفيه بني دير الكريميزان التابع للفرنسيسكيان في عام 1885 على أنقاض دير بيزنطي، كما بنيت قربه مدرسة للفتيات تتسع لأربعمائة تلميذة.
يذكر أنه تم حتى الآن، بناء كيلومترين من الجدار في المنطقة، في حين من المقرر أن يصل طوله هناك إلى 11 كيلومترا.
وبنيت على أراضي بيت جالا مستوطنة غيلو وهار غيلو التي تعتبرها بلدية القدس الإسرائيلية أحياء تابعة لمدينة «القدس الكبرى»، بشطريها الغربي والشرقي المحتل، بينما تعتبر مدينة بيت جالا تابعة للضفة الغربية. ويعد قرار المحكمة، بوقف مصادرة أراض لصالح بناء الجدار في الضفة الغربية، الثاني خلال 3 أشهر بعد قرار المحكمة العليا منع عبور الجدار قرية بتير الفلسطينية، المصنفة ضمن التراث العالمي المهدد لدى منظمة اليونيسكو، والشهيرة بأقنية الري الرومانية القديمة ومدرجاتها الزراعية التي تعود لأكثر من ألفي سنة ولا تزال مستخدمة.
يذكر أيضا أن إسرائيل بدأت في بناء الجدار الفاصل عام 2002 في بداية الانتفاضة الثانية، بحجة المحافظة على أمنها، على أن يبلغ طوله 700 كلم من الجدران الإسمنتية التي يصل ارتفاعها إلى سبعة أمتار وأكثر، في بعض الأماكن، وأسيجة إلكترونية. وأنجزت القسم الأكبر منه، وبقي عدد من المناطق التي ما تزال قضاياها تتداول في أروقة المحاكم.
ويوجد الجدار اليوم، في 85 في المائة في الأراضي الفلسطينية، ويعزل القدس عن الضفة الغربية. وفي 9 يوليو (تموز) 2004 اعتبرته محكمة العدل الدولية مخالفا للقانون الدولي، وطالبت بإزالته وبالمثل طالبت بذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.