الانتخابات العراقية... الانتهاء من الطعون يفتح الباب أمام المجهول

الفرز اليدوي أكد صدقية نتائج المفوضية

أحد موظفي مفوضية الانتخابات ينقل صناديق الاقتراع لعد وفرز الأصوات يدوياً في مقر المفوضية ببغداد أول من أمس (رويترز)
أحد موظفي مفوضية الانتخابات ينقل صناديق الاقتراع لعد وفرز الأصوات يدوياً في مقر المفوضية ببغداد أول من أمس (رويترز)
TT

الانتخابات العراقية... الانتهاء من الطعون يفتح الباب أمام المجهول

أحد موظفي مفوضية الانتخابات ينقل صناديق الاقتراع لعد وفرز الأصوات يدوياً في مقر المفوضية ببغداد أول من أمس (رويترز)
أحد موظفي مفوضية الانتخابات ينقل صناديق الاقتراع لعد وفرز الأصوات يدوياً في مقر المفوضية ببغداد أول من أمس (رويترز)

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية أن باب الطعون أغلق منذ يوم 19 - 10 - 2021، لكنها وتحت الضغط باشرت بفتح مئات المحطات المطعون بها. ومع أن الشكاوى التي تقدم بها المتضررون ممن يرون أن أصواتهم تم سرقتها لم ترتق إلى مستوى الشكاوى الحمراء التي تتطلب إعادة العد والفرز اليدوي، لكنها وافقت على إعادة فتحها وعدها يدوياً. عمليات من هذا النوع ومن باب الشفافية وطبقاً لقانون المفوضية تجري أمام الكيانات السياسية وبعثة الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين والمحليين. وفيما يحبس الخاسرون أنفاسهم على أمل أن تظهر عملية العد والفرز اليدوي خللاً في عمل المفوضية وأجهزتها، بما يمنحهم أملاً في الفوز، ومن ثم فتح بوابة الطعن بكل النتائج، فإن النتائج تأتي دائماً متطابقة 100 في المائة.
خلال اليومين الماضيين أعلنت المفوضية أنها أعادت عد وفرز مئات المحطات في محافظتي نينوى وبابل، وكانت أعادت عد وفرز محطات أخرى في بغداد العاصمة. وأظهرت العملية تطابق النتائج مما يضفي مزيداً من المصداقية على عمل المفوضية التي طالتها شتى أنواع الاتهامات.
في المقابل، فإن من شأن تكرار عمليات العد والفرز اليدوي لمحطات مختلفة ومحافظات مختلفة، وهو المطلب الرئيس للقوى الخاسرة، تقليص فرصهم في إمكانية تغيير النتيجة لصالحهم ولو نسبياً. مفوضية الانتخابات المؤلفة من القضاة هذه المرة لم يعد بيدها الحل المستحيل الذي تطالب به القوى الخاسرة، والذي يتمثل في عدم الاعتراف بالنتائج. فهذه القوى التي يقول خصومها إن جمهورها هو من عاقبها لا مفوضية الانتخابات هي ليست في وارد الاعتراف بالهزيمة، فيما ترى أن خصماً لدوداً لها مثل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحصد المركز الأول في الانتخابات، وبفارق كبير عمن حل بعده في المرتبة الثانية من القوى الشيعية التي باتت تسمي نفسها «الإطار التنسيقي».
ليس هذا فقط، فالصدر الذي حصل على 73 مقعداً، انضم إليه صدري سابق حقق فوزاً كبيراً في الانتخابات، وقرر العودة إلى الكتلة الصدرية، ليرتفع رصيد الصدر إلى 74 مقعداً. النائب السابق في البرلمان العراقي والفائز الحالي برهان المعموري، كتب رسالة اعتذار لزعيم التيار مقتدى الصدر، بعد أن قرر خوض الانتخابات منفرداً، طالباً السماح له بالعودة ثانية إلى الكتلة. الصدر الذي يهمه الآن الحصول على المزيد من المقاعد في سياق صراعه مع باقي مكونات الإطار التنسيقي، لا سيما «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، رحب في رسالة جوابية بعودة النائب.
غالبية الرافضين لنتائج الانتخابات لا يزالون، رغم مطالبتهم الأسبوع الماضي رئيس الجمهورية بالتدخل بوصفه حامي الدستور، يتظاهرون أمام بوابة المنطقة الخضراء. المسار الدستوري الذي أعلن رئيس الجمهورية برهم صالح، اتخاذه سبيلاً لحل الأزمة هو اتباع الطرق القانونية المدعمة بالأدلة لمفوضية الانتخابات، ولا يوجد أي مسار آخر سوى الفوضى. وطالما أن المفوضية، التي تسلمت 1400 طعن ردت غالبيتها بعد ظهور النتائج متطابقة، أغلقت الباب نهائياً، فإن الذي بات قابلاً لأن يفتح هو باب المجهول. فالمعترضون الذين هدد خاسرون آخرون في مناطق أخرى من العراق بالانضمام إليهم بدأوا يطالبون بإعادة العد والفرز اليدوي الشامل لكل الانتخابات.
وفيما بدت عملية إعادة نحو 1400 طعن بدون شكاوى حمراء بمثابة تلبية لرغبات ومخاوف الخاسرين، وبالتالي ينبغي عليهم الاعتراف بالهزيمة، فإن الفائزين الذين باتوا يجرون تفاهمات معلنة حيناً، وتحت الطاولة حيناً آخر، من أجل تشكيل الحكومة لا يمكن أن يرضيهم طلب إعادة العد والفرز اليدوي الشامل. ودوافعهم متباينة حيال ذلك، فهناك ربما من يخشى تغيير نتيجته التي حصل عليها، ومنهم حتى وإن كان واثقاً من فوزه، فإن منطلقه في ذلك هو أنه لا ينبغي المضي مع كل خيارات المعترضين، حتى لو لوحوا بخطوات تصعيدية عن طريق التظاهرات.
يبقى الفيصل بأمر الانتخابات ونتائجها طرفان الأول المحكمة الاتحادية، والثاني المجتمع الدولي. فعلى صعيد المحكمة الاتحادية، وطبقاً لما يراه الخبير القانوني أمير الدعمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن المحكمة «هي وحدها تستطيع إبطال نتائج الانتخابات في حال ثبت لها عدم دستورية الانتخابات». وأضاف الدعمي أن «المحكمة الاتحادية يمكنها وفقاً للمادة 93 الفقرة 7 من الدستور العراقي أن تبطل نتائج الانتخابات». أما المجتمع الدولي فإنه وطبقاً لما يراه المراقبون السياسيون طالما أن العراق طلب رسمياً تدخلاً أممياً في الإشراف على الانتخابات، يمكن لهذا المجتمع عبر مجلس الأمن أن يتدخل في نتائجها.
الجميع يترقب ما يجري بحذر. الخاسرون أصبحوا نوعين؛ خاسرون فعلاً وهم «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري و«عصائب أهل الحق» وحركة «حقوق»، والنوع الثاني متواطئون معهم، في المقدمة منهم «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي، وهو ثاني أعلى فائز بين القوى الشيعية بعد الكتلة الصدرية، حيث حصل على 37 مقعداً.
ومع أن هناك خاسراً كبيراً أيضاً، وهو «تحالف قوى الدولة» الذي يتزعمه عمار الحكيم، ويضم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، حيث لم يحصلا سوى على 4 مقاعد، فإنه لا يزال يتبع المسار السياسي في محاولة حل الأزمة. أما المالكي، فإنه يعمل على المسارين معاً، مسار التصعيد ضمن قوى «الإطار التنسيقي» ومسار العمل السياسي في إطار البحث عن تفاهمات لتشكيل كتلة أكبر تتعدى مقاعد الكتلة الصدرية بهدف تشكيل الحكومة المقبلة وفقاً لمبدأ التوافق بالشراكة مع الكرد والسنة.
الكرد والسنة لا يزالون ينتظرون نتيجة مباريات الختام بين الفرق الشيعية المتنافسة المؤهلة للتصفيات النهائية في ماراثون تشكيل الحكومة المقبلة في العراق.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.