مجلس الأمن يمدد ولاية «مينورسو» في الصحراء

الدبلوماسية المغربية تحقق اختراقاً كبيراً في أميركا الجنوبية

الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو)
الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو)
TT

مجلس الأمن يمدد ولاية «مينورسو» في الصحراء

الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو)
الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو)

مدَّد مجلس الأمن مهمة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء (مينورسو) مدة عام، معبّراً عن «القلق» من احتمال انهيار وقف النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، وداعياً إلى إحياء المفاوضات بين الطرفين برعاية المنظمة الدولية. مؤكداً سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي، الهادفة إلى تسوية نزاع الصحراء.
وبعد مشاورات مكثفة صباح أمس، سعياً لتجاوز اعتراضات رئيسية من روسيا والجزائر، صوّت المجلس بغالبية 13 صوتاً لمصلحة القرار 2602، فيما امتنعت روسيا وتونس عن التصويت.
وفور التصويت، أشادت الولايات المتحدة بتجديد ولاية «مينورسو»، معلنةً الترحيب بتعيين ستيفان دي ميستورا مبعوثاً شخصياً إلى الصحراء. وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إن «أولويتنا إعادة بدء عملية سياسية ذات مصداقية، تؤدي إلى حل دائم وكريم، ومدعوم دولياً».
وتزايدت التعقيدات المتعلقة بهذا الملف بسبب التوتر الأخير بين المغرب والجزائر، التي تدعم «البوليساريو»، فضلاً عن التوتر في منطقة الكركرات على الحدود مع موريتانيا.
وبدأت الخلافات المستجدة بين أعضاء مجلس الأمن على هذا الملف، بعدما رأى البعض أن هذه العوامل ينبغي أن تشكل مصدراً لتعديل ولاية البعثة. وفي المقابل رفض آخرون هذه الفكرة في الوقت الراهن.
وأجرت الولايات المتحدة جولة مفاوضات واحدة جماعية حول مسودة أولية في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بالإضافة إلى مفاوضات ثنائية مع عدد من أعضاء المجلس لتضع على الأثر مسودة ثانية منقحة. غير أن روسيا وكينيا اقترحتا المزيد من التعديلات. وتضمنت المسودة الأميركية المعدلة ترحيب مجلس الأمن بتعيين دي ميستورا، مع الدعوة إلى «المعاودة البناءة للعملية السياسية، والبناء على التقدم الذي أحرزه المبعوث الشخصي السابق»، مع التعبير عن «القلق البالغ من احتمال انهيار وقف النار». وأشار النص إلى «نية المبعوث الشخصي السابق دعوة المغرب والجزائر وموريتانيا للقاء مرة أخرى». لكنّ الجزائر بعثت رسالة إلى مجلس الأمن لإبلاغه بأنها لن تشارك بعد الآن في محادثات المائدة المستديرة التي بدأها كولر. وأيّدت روسيا هذا المطلب، وطلبت حذف كلمة «واقعي» في الإشارة إلى إيجاد حل سياسي للمشكلة، بحجة أن «المصطلح لا يستند إلى القانون الدولي».
وفي اختراق كبير حققته الدبلوماسية المغربية، أعلنت نائبة الرئيس ووزيرة العلاقات الخارجية الكولومبية مارتا لوسيا راميريز، أول من أمس، أنه جرى إعطاء تعليمات لسفير بلادها الجديد في الرباط، لتمديد الإشراف القنصلي لسفارة كولومبيا لدى الرباط على كامل التراب المغربي، بما في ذلك الصحراء.
وذكر بيان مشترك صدر في أعقاب محادثات جرت في العاصمة المغربية بين وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، والمسؤولة الكولومبية، أن راميريز أحاطت الوزير بوريطة علماً «بالتعليمات التي أُعطيت للسفير الجديد لكولومبيا بالرباط، من أجل تمديد نطاق الإشراف القنصلي لسفارة كولومبيا في المملكة على كامل التراب المغربي، بما في ذلك الصحراء».
من جهته، أطلع بوريطة وزيرة العلاقات الخارجية الكولومبية على آخر التطورات المتعلقة بمبادرة الحكم الذاتي لجهة الصحراء، التي تقدم بها المغرب سنة 2007.
وشددت المسؤولة الكولومبية على «أهمية المبادرة المغربية في أفق التوصل إلى حل سياسي واقعي دائم وقائم على التوافق بين جميع الأطراف، بغية تسوية هذه القضية الحيوية بالنسبة إلى المغرب في إطار سيادته ووحدته الترابية».
من جانب آخر، أكدت كولومبيا والمغرب تطابق رؤيتهما بشأن سياسةٍ للهجرة تصون الحقوق المشروعة للمهاجرين وتضمن كرامتهم.
وجاء في البيان المشترك أن «كولومبيا والمغرب يتقاسمان نفس الرؤية بشأن سياسةٍ للهجرة تصون الحقوق المشروعة للمهاجرين وتضمن كرامتهم». موضحاً أن بوريطة وراميريز اتفقا على أن «هذه الأخيرة تمثل تحدياً حقيقياً للمجتمع الدولي».
وبشأن الوضع في فنزويلا، رحب بوريطة «بالعمل المكثف الذي تقوم به كولومبيا في مسعى لمعالجة الوضع الإنساني، الناجم عن الأعداد الكبيرة من المهاجرين الفنزويليين الذين يصلون إلى البلاد»، مشدداً على أهمية أن تتبنى كولومبيا وضع الحماية المؤقتة للمهاجرين الفنزويليين، ومنح بطاقة الحماية المؤقتة.


مقالات ذات صلة

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

المشرق العربي رجل يسير بالقرب من البنك المركزي السوري في دمشق (أ.ف.ب)

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

يجدد القرار 2254 الذي أقره مجلس الأمن الدولي في العام 2015 الالتزام «القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع يلتقي المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن (قناة القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

بيدرسن يشدد للشرع على «انتقال سياسي شامل» في سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.