الحكومة التونسية تواجه أول إضراب

شارك فيه عمال 174 مؤسسة للمطالبة بتحسين الأجور

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
TT

الحكومة التونسية تواجه أول إضراب

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)

شارك عمال 174 مؤسسة في القطاع الخاص بمدينة صفاقس التونسية (وسط شرقي)، أمس، في إضراب عن العمل، بدعوة من «الاتحاد الجهوي للشغل»، وهو أول إضراب عن العمل ينظم في تونس إثر إقرار الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو (تموز) الماضي التدابير الاستثنائية. كما نظمت بالمناسبة نفسها وقفة احتجاجية أمام مقر «الاتحاد الجهوي» للمطالبة برفع الأجور.
وشددت قيادات «الاتحاد الجهوي للشغل» في صفاقس بتدخلاتهم أمام النقابيين خلال هذا الإضراب على ضرورة الزيادة في الأجور، في ظل تراجع القدرة الشرائية لمعظم التونسيين. وطالبوا «اتحاد رجال الأعمال» بمراجعة حساباته، عادّين أن اتحاد الشّغل «لا يهاب البيانات» في إشارة إلى بيان أصدره «اتحاد رجال الأعمال»، عبر فيه عن استغرابه من قرار الإضراب العام، وعدّ أن «هذه التصرفات لا تراعي الظرف العام للبلاد»، وأن «من يسعى لإدخال شركاء الإنتاج في دوامة الصراعات الاجتماعية، عبر الإضرابات غير المبررة أو المعقولة، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة خانقة؛ إنما يدفع الجميع نحو حافة الانهيار، وتسريح مزيد من العمال، وغلق المؤسسات، والتأثير سلباً على الاستثمار الوطني، والاستثمار الأجنبي، اللذين تحتاجهما تونس».
ويرى مراقبون أن هذا الإضراب الجزئي، الذي لم يشمل عمال القطاع العام، «هو إنذار مبكر للسلطة القائمة حول أهمية دور (الاتحاد) في معادلة الحوار الوطني المزمع إجراؤه، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي المنشود، وهو أيضاً محاولة للضغط على رئاسة الجمهورية، التي استبعدت مشاركة الأحزاب والمنظمات الوطنية من المشاركة في هذا الحوار».
وكان نور الدين الطبوبي، رئيس «اتحاد الشغل»، قد عقد أول لقاء رسمي مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إثر تكليفها من قبل الرئيس سعيد تشكيل الحكومة الجديدة. وقال في تصريح إعلامي إن رئيسة الحكومة «تعول على (الاتحاد) في إطار التضامن الوطني من أجل إنقاذ البلاد من الوضع الصعب على المستويين الاجتماعي والاقتصادي»، عادّاً أن هذين المجالين لهما الأولوية المطلقة في تقدير «الاتحاد»، وأنه يجب ترك الخلافات السياسية جانباً، والاهتمام بما يصلح حال البلاد، من خلال إنقاذ الاقتصاد في علاقة بما هو اجتماعي؛ على حد قوله.
وشدّد الطبوبي على ضرورة متابعة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين «الاتحاد» والحكومة في إطار تواصل الدولة، وتوقع عقد لقاء بين المكتب التنفيذي الوطني والحكومة لضبط العلاقة، وتحديد طريقة العمل مع مختلف الأقسام، ومع القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تطرح في مختلف الوزارات، وذلك في موعد لاحق.
في غضون ذلك، قال معز اليوسفي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في سوسة (وسط شرقي)، إن قاضي التحقيق أصدر أمراً بسجن المدون الصحبي العمري، عميد «شبكة المدونين الأحرار» والقيادي السابق في «حركة النهضة»، بشبهة «الإساءة للغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونسبة أمور غير صحيحة، ونشر أخبار زائفة».
وأوضح اليوسفي أن إيداع المشتبه فيه السجن جرى على خلفية شكوى جرى تقديمها للنيابة العامة في سوسة من قبل قاضية بمحكمة سوسة، أثبتت تعرضها للإساءة والتشهير؛ على حد تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.