بيدرسن يحمّل دمشق مسؤولية فشل «الدستورية»

موسكو تدعو الغرب إلى «عدم تحريف الواقع»

TT

بيدرسن يحمّل دمشق مسؤولية فشل «الدستورية»

حمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن الحكومة السورية مسؤولية فشل الجولة السابعة من محادثات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية الأسبوع الماضي في جنيف، واصفاً المسار الراهن للتطورات على الأرض بأنه «مقلق للغاية»، في ظل شح الخدمات على أبواب «الشتاء القارس»، طبقاً أيضاً لتحذيرات وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث.
وعقد مجلس الأمن جلسة حول الأوضاع في سوريا استمع فيها إلى إحاطة من بيدرسن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف عرض في مستهلها لمجريات الجولة السادسة من محادثات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، معبراً عن «خيبة» لأنها أخفقت في إحراز أي تقدم يذكر. وشرح أن التفاعلات الأولية المباشرة بين الرئيسين المشاركين أحمد كزبري (ممثل السلطات السورية) وهادي البحرة (عن قوى المعارضة) كانت «صريحة ومنفتحة وعملية»، مشيراً إلى اتفاقهما على «كيفية اختيار العناوين ومتى ستتم مناقشتها خلال الأيام الأربعة الأولى» من المحادثات. غير أنهما «لم يتمكنا من الاتفاق على آلية لإحراز مزيد من التقدم في المناقشة خلال اليوم الأخير» من المحادثات التي عقدت الأسبوع الماضي. ولاحظ أنه «في الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى، قدمت كل الوفود مسودات لنصوص دستورية. وكشف أن الوفد الحكومي قدم نصاً دستورياً مقترحاً في شأن سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها في 18 أكتوبر (تشرين الأول)، وقدم ممثلو المعارضة في المنفى نصاً في شأن القوات المسلحة وأجهزة الأمن والمخابرات في اليوم التالي، بينما قدمت جماعات المجتمع المدني نصاً خاصاً بسيادة القانون في 20 أكتوبر (تشرين الأول). وقدمت الحكومة نصاً ثانياً بشأن الإرهاب والتطرف في اليوم التالي. غير أن الرئيسين المشاركين للحكومة والمعارضة لم يتمكنا من الاتفاق على كيفية تقدم المناقشات في اجتماع 22 أكتوبر (تشرين الأول)، علماً أنهما اتفقا على أن الأطراف، التي تضم ممثلين عن المجتمع المدني، يمكن أن تقدم المزيد من النصوص. وكشف أنه «في ذلك الاجتماع، ذكر الوفد الذي رشحته الحكومة أنه ليس لديه أي تعديلات لتقديم مسودات نصوصه الدستورية وأنه لا يرى أي أرضية مشتركة»، مشيراً إلى أن المعارضة قدمت تعديلات مقترحة على كل المقترحات في محاولة لبناء أرضية مشتركة، كما قدم بعض ممثلي المجتمع المدني نسخاً منقحة. ولاحظ أن النتيجة النهائية هي أن لجنة الصياغة المكونة من 45 عضواً «لم تكن قادرة على الانتقال من تقديم ومناقشة المسودات الأولية للنصوص الدستورية إلى تطوير عملية صياغة نصية مثمرة». ولكن رغم هذا الفشل، عبر بيدرسن عن قناعته بأن «التقدم في اللجنة الدستورية يمكن، إذا جرى بالطريقة الصحيحة، أن يساعد في بناء بعض الثقة»، مضيفاً أن «هذا يتطلب تصميماً حقيقياً وإرادة سياسية لمحاولة بناء أرضية مشتركة».
أما غريفيث الذي شارك شخصياً في الجلسة فطالب كل أطراف النزاع بـ«احترام المدنيين والبنية التحتية المدنية والحرص الدائم على تجنيبهم الأذى». وتحدث عن أزمة المياه وتدهور الأمن الغذائي، في وقت يواجه الناس عودة ظهور «كوفيد 19»، إذ «تتزايد الحالات، ووحدات العناية المركزة تعمل بكامل طاقتها، ومعدلات التطعيم لا تزال أقل من 2 في المائة». وقال: «بعد سنوات من النزاع، سيواجه السوريون قريباً شتاء قارساً آخر، فمع بدء درجات الحرارة في الانخفاض، سيؤدي هطول الأمطار والبرد والشتاء إلى تفاقم المصاعب التي يواجهها ملايين الأشخاص». وذكر بأن «نحو مليوني شخص في الشمال الغربي، معظمهم من النساء والأطفال، يعيشون في مخيمات، غالباً في ملاجئ مكتظة ومتهالكة، أو في وديان تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرضة للعوامل الجوية».
وكذلك استمع مجلس الأمن إلى منسقة الأمانة العامة للمؤتمر الوطني السوري منيرفا الباروكي التي تحدثت عن الأوضاع اليومية للسكان والتي «تزداد سوءاً»، بل هي «من أسوأ ما تعرفه المنطقة» سواء كان ذلك في الدخل الشهري للعائلة أو توفر الأساسيات كالماء والكهرباء والغذاء والدواء.
ولفت نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز إلى أن العقوبات الأميركية «تستهدف نظام الأسد وأولئك الذين ساهموا في استمرار هذا النزاع»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «ملتزمة العمل مع الأطراف لضمان أن العقوبات لا تعرقل الجهود الإنسانية والإنعاش المبكر».
واتهم نائب المندوب الروسي ديميتري بوليانسكي ممثلي الدول الغربية بزنهم «يبذلون قصارى جهدهم لتحريف الواقع، وتسييس الملف الإنساني البحت، وترهيب العائدين المحتملين، ونشر أخبار كاذبة»، فيما رأى نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة كنغ شوانغ أن «سوريا لا تزال تعاني من الاحتلال الأجنبي والإجراءات القسرية الأحادية والإرهاب».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).