هل يحمي «درع السليكون» تايوان من الصين؟ (تحليل)

مدمرة أميركية تمر بالقرب من جزيرة  تايوان (أ.ف.ب)
مدمرة أميركية تمر بالقرب من جزيرة تايوان (أ.ف.ب)
TT

هل يحمي «درع السليكون» تايوان من الصين؟ (تحليل)

مدمرة أميركية تمر بالقرب من جزيرة  تايوان (أ.ف.ب)
مدمرة أميركية تمر بالقرب من جزيرة تايوان (أ.ف.ب)

في منأى عن التفسيرات المختلفة التي أعطيت لتصريحات الرئيس جو بايدن عن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان في حال تعرضت إلى غزو صيني، وعن الارتباك في مسألة خوض واشنطن صراعاً مسلحاً ضد بكين إذا قررت هذه دفع قواتها إلى عبور مضيق فورموزا، يطرح امتلاك تايبيه بعض مكونات التكنولوجيا الأكثر تطوراً في العالم، إمكان ردع العملاق الصيني عن المضي في تهديداته بضم الجزيرة.
طُرحت فكرة «درع السليكون» أولاً في مقال لكريغ أديسون في «نيويورك تايمز» قبل 21 سنة. ويوضح فيه أن تايوان تحوز على درع يُضاف إلى الدرع الصاروخي الذي كانت أميركا تخطط لبنائه في شرق آسيا. قوام الدرع هذا هو حصة تايوان الكبيرة من منتجات تكنولوجيا المعلومات، حيث كانت تايوان ثالث منتج عالمي بعد الولايات المتحدة واليابان لهذه السلع التي تعاظمت أهميتها في العقود القليلة الماضية. يضيف أديسون أن أنصاف الموصلات ومكونات أجهزة الكومبيوتر التي تصنعها الجزيرة بالغة الأهمية إلى الحد الذي لا يستطيع العالم تحمل توقف إمداداتها أو تدمير مصانعها. وأن حدثاً كهذا قد يتسبب بخسائر تبلغ تريليونات الدولارات.
مجلة «كومن ويلث» الصادرة في تايبيه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أي منذ نحو السنة، أعادت تقييم ما ذهب إليه مقال الصحيفة الأميركية قبل واحد وعشرين عاماً. وذكرت المجلة أن الدرع ليس صامداً فحسب، بل إنه تطور خصوصاً مع النجاح الذي حققته شركة «تي إس إم سي» التايوانية في وصولها إلى ما يشبه الاحتكار لأنواع معينة من أنصاف الموصلات وشرائح الذاكرة والمعالجات الدقيقة.
الجديد في المسألة أن واشنطن اتخذت قراراً بجعل التفوق في أنصاف الموصلات والمعالجات الدقيقة هدفاً لها. وأبرمت في هذا الخصوص اتفاقاً مع «تي إس إم سي» لبناء مصنع في ولاية أريزونا بتكلفة 12 مليار دولار ضمن مشروع تبلغ قيمته مائة مليار دولار لنقل التكنولوجيا التايوانية إلى الأراضي الأميركية.
معروف أن إمدادات الشرائح المطبوعة وأنصاف الموصلات قد تقلصت في العامين الماضيين لأسباب عدة، من بينها ظاهرة انتقال العمل إلى المنازل والاعتماد على الحواسب لإنجاز مهمات كانت تجري في المكاتب التي أقفلها تفشي وباء كورونا الذي جعل قضاء أوقات الفراغ يتطلب استخدام ألعاب الفيديو والهواتف الذكية. يضاف إليها تبني صناعة السيارات المزيد من أجهزة التوجيه الإلكترونية كمساعد السائق وعناصر القيادة الآلية وما شابه. ضاعف كل ذلك الضغط على سوق الشرائح الدقيقة الذي تحتل تايوان فيه موقع الطليعة، إلى جانب منافستها كوريا الجنوبية، حيث يقول الخبراء إن شركتي «تي إس إم سي» و«سامسونغ» باتتا الرقمين الصعبين في عالم التقنيات المتقدمة وتوفير هذه المنتجات إلى الأسواق العالمية.
وتدخل المكونات الإلكترونية الدقيقة في جميع الصناعات تقريباً، من السيارات إلى الطائرات وأجهزة التكييف والعديد من الأسلحة. مما يجعل من أي نقص في توفر الشرائح وأنصاف الموصلات مشكلة اقتصادية كبرى.
حتى اليوم، لم تجد الصين - التي أقامت «تي إس إم سي» عدداً من المصانع على أراضيها لكنها احتفظت بالأكثر تطوراً على جزيرة تايوان - الرد المناسب على «درع السليكون». وثمة جدال واسع حول المدى الذي قد يبلغه الزعيم شي جيبينغ في سياسة توحيد الصين بعدما كان وجه تهديدات صريحة وقامت عشرات الطائرات الحربية الصينية بانتهاك مجال تايوان الجوي (الذي لا تعترف به بكين في جميع الأحوال).
وتايوان عنصر حاسم في طموح الزعيم شي أن يكون المؤسس الثالث للصين الحديثة بعد ماو تسي تونغ ودنغ شياو بنغ. وقد ذهب بعيداً في التصريحات الداعية إلى استعادة تايوان وتحذير العالم من التعاون معها. في المقابل، تمضي تايبيه في نهج التهدئة لإدراكها خطورة تحدي العملاق الصيني والعواقب الكارثية التي يمكن أن تسفر عنها أي مواجهة عسكرية، ولعلمها أن الوضع الحالي في البر الصيني من تزايد للأزمات الاقتصادية والتباطؤ في النمو واحتمال انهيار القطاع العقاري قد تشكل مغريات تدفع القيادة الصينية إلى البحث عن حلول مشكلاتها بالهروب إلى حرب مع تايوان التي لا تستطيع الاعتماد على حلفاء مترددين وتربطهم بالصين مصالح ضخمة من مثل واشنطن وطوكيو وسيول.
لعل «درع السليكون» عامل واحد من عوامل الدفاع عن تايوان، لكنه لا يبدو كافياً لوقف الاندفاعة الصينية متعددة الأبعاد والأوجه.



«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

«اعتقال نتنياهو وغالانت»: التزام أوروبي ورفض أميركي... ومجموعة السبع تدرس الأمر

بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو (يسار) ويوآف غالانت (أ.ب)

أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم (الجمعة)، أن وزراء خارجية مجموعة السبع سيناقشون خلال اجتماعهم يومي الاثنين والثلاثاء قرب روما، مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، والتي شملت خصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت ميلوني في بيان، إن «الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع تعتزم إدراج هذا الموضوع على جدول أعمال الاجتماع الوزاري المقبل الذي سيعقد في فيوجي بين 25 و26 نوفمبر (تشرين الثاني). وتستهدف مذكرات التوقيف الصادرة يوم الخميس، نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وقائد الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، محمد الضيف.

وأضافت ميلوني: «هناك نقطة واحدة ثابتة: لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين مسؤوليات دولة إسرائيل وحركة (حماس) الإرهابية».

رفض أميركي

وندَّد الرئيس الأميركي جو بايدن بشدة، أمس (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالات، وعدّ هذا الإجراء «أمراً شائناً».

وقال بايدن في بيان: «دعوني أكُن واضحاً مرة أخرى: أياً كان ما قد تعنيه ضمناً المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل و(حماس)». وأضاف: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

المجر

بدوره، أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي إلى المجر في تحدٍ لمذكرة التوقيف الصادرة في حقه.

وقال في مقابلة مع الإذاعة الرسمية: «لا خيار أمامنا سوى تحدي هذا القرار. سأدعو في وقت لاحق اليوم نتنياهو للمجيء إلى المجر، حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير».

وبحسب أوربان، فإن «القرار وقح ومقنّع بأغراض قضائية لكن له في الحقيقة أغراض سياسية»، ويؤدي إلى «الحط من صدقية القانون الدولي».

الأرجنتين

وعدّت الرئاسة الأرجنتينية أن مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، تتجاهلان «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها».

وذكر بيان نشره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي بحسابه على منصة «إكس»، أن «الأرجنتين تعرب عن معارضتها الشديدة لقرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير»، الذي يتجاهل «حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية مثل (حماس) و(حزب الله)».

وأضاف: «إسرائيل تواجه عدواناً وحشياً، واحتجاز رهائن غير إنساني، وشن هجمات عشوائية على سكانها. إن تجريم دفاع مشروع تمارسه دولة ما مع تجاهل هذه الفظائع هو عمل يشوه روح العدالة الدولية».

الصين

ودعت الصين، الجمعة، المحكمة الجنائية الدولية، إلى «موقف موضوعي وعادل» غداة إصدارها مذكرات التوقيف. وقال لين جيان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري: «تأمل الصين في أن تحافظ المحكمة الجنائية الدولية على موقف موضوعي وعادل وتمارس صلاحياتها وفقاً للقانون».

بريطانيا

ولمحت الحكومة البريطانية، الجمعة، إلى أن نتنياهو يمكن أن يتعرض للاعتقال إذا سافر إلى المملكة المتحدة.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر للصحافيين: «هناك آلية قانونية واضحة ينبغي اتباعها. الحكومة كانت دائمة واضحة لجهة أنها ستفي بالتزاماتها القانونية». وأضاف: «ستفي المملكة المتحدة دائماً بالتزاماتها القانونية كما هو منصوص عليه في القوانين المحلية والقانون الدولي»، لكنه رفض الإدلاء برأي محدد في شأن رئيس الوزراء الإسرائيلي.

هولندا

بدورها، نقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي)، الخميس، عن وزير الخارجية، كاسبار فيلدكامب، قوله إن هولندا مستعدة للتحرّك بناءً على أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحقّ نتنياهو، إذا لزم الأمر.

الاتحاد الأوروبي

وقال مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، كلها ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة. وأضاف بوريل: «هذا ليس قراراً سياسياً، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ».

وكتب بوريل، في وقت لاحق على منصة «إكس»: «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».

آيرلندا

كذلك قال رئيس الوزراء الآيرلندي، سيمون هاريس، في بيان: «القرار... خطوة بالغة الأهمية. هذه الاتهامات على أقصى درجة من الخطورة». وأضاف: «آيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية. ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في أداء عملها الحيوي أن يفعل ذلك الآن على وجه السرعة»، مؤكداً أنه سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى آيرلندا.

إيطاليا

وقال أنطونيو تاياني، وزير الخارجية الإيطالي، إن روما ستدرس مع حلفاء كيفية تفسير القرار واتخاذ إجراء مشترك. وأضاف: «ندعم المحكمة الجنائية الدولية... لا بد أن تؤدي المحكمة دوراً قانونياً، وليس دوراً سياسياً». بينما أكد وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو، أن روما سيتعين عليها اعتقال نتنياهو إذا زار البلاد.

النرويج

أما وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيدي، فقال إنه «من المهم أن تنفذ المحكمة الجنائية الدولية تفويضها بطريقة حكيمة. لديّ ثقة في أن المحكمة ستمضي قدماً في القضية على أساس أعلى معايير المحاكمة العادلة».

السويد

وقالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن استوكهولم تدعم «عمل المحكمة» وتحمي «استقلالها ونزاهتها». وأضافت أن سلطات إنفاذ القانون السويدية هي التي تبتّ في أمر اعتقال الأشخاص الذين أصدرت المحكمة بحقّهم مذكرات اعتقال على أراضٍ سويدية.

كندا

بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن بلاده ستلتزم بكل أحكام المحاكم الدولية، وذلك رداً على سؤال عن أمري الاعتقال بحقّ نتنياهو وغالانت. وأضاف، في مؤتمر صحافي، بثّه التلفزيون: «من المهم حقاً أن يلتزم الجميع بالقانون الدولي... نحن ندافع عن القانون الدولي، وسنلتزم بكل لوائح وأحكام المحاكم الدولية».

تركيا

ووصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي التوقيف، بأنه «مرحلة بالغة الأهمية».

وكتب فيدان على منصة «إكس»: «هذا القرار مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء».

ألمانيا

قال شتيفن هيبشترايت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، الجمعة، إن الحكومة ستدرس بعناية مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت، لكنها لن تخطو خطوات أخرى حتى تكون هناك بالفعل زيارة لألمانيا.

وأضاف هيبشترايت: «أجد صعوبة في تخيل أننا سنجري اعتقالات على هذا الأساس»، مشيراً إلى أنه كان من الضروري توضيح المسائل القانونية المتعلقة بمذكرتي الاعتقال. ولم يحدد ما هي هذه المسائل. ولم يرد على سؤال عما إذا كان نتنياهو محل ترحيب في ألمانيا.

وقال المتحدث إن موقف الحكومة الألمانية بشأن تسليم أسلحة إلى إسرائيل لم يتغير بعد إصدار مذكرتي الاعتقال، ولا يزال خاضعاً لتقييم كل حالة على حدة.

فرنسا

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، إن ردّ فعل باريس على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو، سيكون متوافقاً مع مبادئ المحكمة، لكنه رفض الإدلاء بتعليق حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إليها.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو، قال كريستوف لوموان إن السؤال معقد من الناحية القانونية، مضيفاً: «إنها نقطة معقّدة من الناحية القانونية، لذا لن أعلّق بشأنها اليوم».

أمل فلسطيني

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بياناً ترحب فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة. ووصفت القرار بأنه «يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس (الخميس)، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بخصوص «جرائم حرب في غزة»، وكذلك القيادي في حركة «حماس» محمد الضيف.

وقالت المحكمة، في بيان، إن هناك «أسباباً منطقية» لاعتقاد أن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم، موضحة أن «الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصبّ في مصلحة الضحايا».

وأضاف بيان المحكمة الجنائية الدولية أن «قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري». وأشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أن «جرائم الحرب ضد نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب... وكذلك تشمل القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية».