أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس (الأربعاء)، أن الهجوم الإلكتروني الذي عطل بيع البنزين المدعوم بشدة في البلاد كان يهدف إلى الإخلال بالنظام وإثارة غضب المواطنين، في وقت ردت فيه طهران على الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي بنشر قائمة تفاصيل عن حياة وزير الأمن بيني غانتس، وتفاصيل شخصية لمئات الجنود في أحد ألوية الجيش الإسرائيلي.
وقال رئيسي، في تصريحات لوسائل إعلام رسمية: «علينا أن نكون مستعدين بجدية في مجال الحرب السيبرانية». وأضاف أن الهجوم الإلكتروني كان «محاولة للتضييق على المواطنين». وجاء تعطل خدمات الوقود، أول من أمس (الثلاثاء)، قبيل الذكرى الثانية لاحتجاجات دامية في إيران بسبب زيادة كبيرة في أسعار الوقود في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، تحولت إلى احتجاجات سياسية طالب المتظاهرون فيها بتنحي كبار حكام البلاد.
ونقل التلفزيون الرسمي عن السلطات الإيرانية قولها إن توزيع البنزين سيعود لطبيعته خلال ساعات. وأكد وزير النفط جواد أوجي أن 3 آلاف محطة استأنفت نشاطها بشكل طبيعي من بين 4300 محطة وقود في البلاد تأثرت بالهجوم.
وأعلن أمين المجلس الأعلى للأجواء الافتراضية في إيران السيطرة على الهجوم السيبراني واسع النطاق. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن أبو الحسن فيروز آبادي القول إن «الخلل الذي حصل في منظومات 4300 محطة وقود في البلاد الناجم عن هجوم سيبراني واسع النطاق قد تمت السيطرة عليه الآن، ونأمل في أن تعود جميع محطات الوقود إلى العمل الطبيعي» خلال يوم الأربعاء.
وأوضح أن تقريراً حول هذا الهجوم السيبراني سيتم الإعلان عنه في غضون 7 إلى 10 أيام. وأضاف أنه «من المحتمل أن يكون قد تم شن هذا الهجوم من الخارج»، واستطرد بالقول: «على الرغم من أنه تمت السيطرة على هذا الهجوم السيبراني، فإنه خلق كثيراً من المشكلات».
- اعتراف إسرائيلي
واعترفت إسرائيل بأنها، في أعقاب هجمة السايبر التي شلت عمل محطات تعبئة الوقود في إيران، تعرضت لهجمة من قراصنة إنترنت في طهران، شملت نشر تفاصيل شخصية عن حياة وزير الأمن بيني غانتس، وتفاصيل شخصية لمئات الجنود في أحد ألوية الجيش الإسرائيلي. وقالت مصادر في تل أبيب، أمس (الأربعاء)، إن القراصنة الإيرانيين هم أعضاء في المجموعة التي تُطلق على نفسها اسم «عصا موسى»، وقد اخترقوا أجهزة تخزين إلكترونية تابعة لأحد ألوية تضم عدة وحدات قتالية، ونشروا عدداً من ملفاتها التي تحوي بيانات مئات الجنود، بما في ذلك أسماؤهم ورتبهم وتدريباتهم وأرقام هواتفهم وعناوينهم البريدية وأماكن سكنهم، وتفاصيل أخرى عن أوضاعهم الاجتماعية والشخصية.وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن هذه المجموعة كانت قد نشرت يوم الاثنين الماضي صوراً شخصية خاصة ومعلومات شخصية عن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس. وتم هذا النشر في مواقع تابعة للمجموعة في الشبكة المظلمة «دارك نت»، وفي مجموعات عبر تطبيق «تلغرام».
وقالت مصادر إسرائيلية إن كثيراً من الملفات تحوي تفاصيل عن آلاف الشبان ومرشحين للالتحاق بالأجهزة الأمنية، وتفاصيل تتعلق بجنود شاركوا أو يشاركون حالياً في مشروع لتشجيع التجنيد.
وقد جاء الهجوم المذكور عن الجنود بعيد ساعات من هجوم سيبراني نسب لإسرائيل، واستهدف محطات الوقود في إيران أول من أمس (الثلاثاء)، وأدى إلى تعطل توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد.
وقال الخبير الأمني الإسرائيلي في الشأن الإيراني أمير منشيه، إنه على الرغم من إعلان إيران عن عودة تشغيل نحو ألف محطة، فإن العطل ما زال قائماً، وإن ما حصل هو أن مخابرات «الحرس الثوري» الإيراني فرضت تعتيماً على نشر الحقائق، واعتقلت عدداً من الصحافيين الذين ينشرون التقارير والصور.
يذكر أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتبنى في الآونة الأخرة عقيدة جديدة تجاه إيران، تضع في صلبها «الشعب الإيراني، أو على الأقل الجمهور المدني المتعلم فيه»، بحسب ما ذكره المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» يوناثان ليس، أمس (الأربعاء).
ولفتت الصحيفة إلى أن إيران تنظر إلى هذه الفئة على أنها «الخاصرة الرخوة»، وأن الهدف من هذه الفئة «التي تتصعّب التعامل مع الإضرار بجودة حياتها أن تمارس ضغوطاً كبيرة على النظام».
وتابعت الصحيفة: «حتى لو لم تقف إسرائيل وراء الهجوم السيبراني الأخير على إيران الذي أضر بسائقين إيرانيين أبرياء كثر طوال اليوم، فإن ذلك يتلاءم مع العقيدة الجديدة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية».
- استنزاف النظام
وقال مصدر سياسي إسرائيلي للصحيفة إن إسرائيل قررت استغلال «الطابع المدلل» لـ«جماهير واسعة لدى الشعب الإيراني، في إطار محاولاتها لاستنزاف النظام في إيران، وثنيه عن جهوده لإنتاج سلاح نووي».
وتابع المصدر أن إسرائيل رصدت أن هذه الفئة المستهدفة «لا تخشى التعبير عن مواقفها، وحتى الاحتجاج بطرق مختلفة، أو التعبير عن استيائها بالأفعال، عندما يشعر بالتهديد على حياته». واستنتجت إسرائيل، وفق الصحيفة، أنه بالإمكان استغلال هذا التصرف أيضاً من أجل التأثير على إيران في الموضوع النووي.
وتأتي هذه العقيدة الجديدة على خلاف التصريحات العلنية لرئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت الذي فصل في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بين «النظام الفاسد» في إيران و«الشعب الإيراني البسيط».
وفي المقابل، لمح المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، إلى وقوف إسرائيل خلف الهجوم السيبراني، قائلاً: «على ما يبدو أن المسؤولين عن الهجوم السيبراني لا ينوون الاكتفاء بالغارات الجوية في سوريا ودول إضافية ضد أهداف إيرانية، وبالأساس عدم الانتظار حتى يصل الأميركيون إلى تفاهمات حول النووي، في الوقت الذي تحاول فيه إيران تعميق سيطرتها على العراق وسوريا».
وفي السياق، توقع الجنرال أهرون زئيفي فركش، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أن تتصاعد حرب السايبر بين إسرائيل وإيران. وقال في حديث للإذاعة الرسمية «كان»، أمس، إنه على الرغم من أنه لا توجد مقارنة بين قدرات إسرائيل وقدرات إيران في هذه الحرب، فإن طهران تتمتع بقدرات غير قليلة بإمكانها أن تلحق أضراراً بالمؤسسات الإسرائيلية العسكرية والمدنية. لكن هذه الحرب تظل محدودة التأثير، والقضية الكبرى هي في المجال العسكري والنووي.