جهود إسرائيلية لإقناع واشنطن بفتح القنصلية الأميركية في رام الله

مقر القنصلية الأميركية في القدس عام 2018 (غيتي)
مقر القنصلية الأميركية في القدس عام 2018 (غيتي)
TT

جهود إسرائيلية لإقناع واشنطن بفتح القنصلية الأميركية في رام الله

مقر القنصلية الأميركية في القدس عام 2018 (غيتي)
مقر القنصلية الأميركية في القدس عام 2018 (غيتي)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن نقاشات حادة تدور بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، بخصوص قرار الرئيس جو بايدن إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس لتسيير شؤون الفلسطينيين. ولكن الطرفين يسعيان لتسوية هذه القضية بحل وسط. وقد علمت «الشرق الأوسط» أن بين المقترحات التي تطرحها جهات إسرائيلية إقامة قنصلية أميركية داخل مناطق السلطة الفلسطينية في رام الله، أو حتى في مواقع بمحيط القدس الشرقية، مثل أبو ديس أو غيرها.
وقالت المصادر إن من يدير هذه النقاشات في إسرائيل هو رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، وليس رئيس الوزراء البديل وزير الخارجية، يائير لبيد، لكونهما مختلفين حول الموضوع. فقد أبلغ لبيد نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، بأن الاعتراض على فتح القنصلية الأميركية في القدس نابع من كونه محرجاً للحكومة بسبب التوقيت، وليس لدوافع مبدئية جوهرية. لذلك، وافق الأميركيون على تأجيل افتتاح القنصلية إلى ما بعد المصادقة على ميزانية الدولة في الكنيست، لضمان الاستقرار السياسي للحكومة. ومع أن لبيد نفى الأمر، فإن بنيت حرص على إبلاغ واشنطن بأنه يعارض فتح القنصلية مبدئياً لأنه يرى فيه تراجعاً عن الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونافذة يمكن أن تعيد السياسة الأميركية «القديمة» التي تسعى إلى تقسيم القدس، وإقامة عاصمة شرق المدينة لدولة فلسطينية مستقبلية.
وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن خطة الإدارة الأميركية الحالية تنص على أن يبدأ العمل على فتح القنصلية في غضون أسابيع قليلة بعد المصادقة على الميزانية الإسرائيلية المقررة في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ففي هذا الشهر، سيصل توماس نايدس، السفير الأميركي المعين لدى إسرائيل، ويمارس عمله من مقري السفارة في تل أبيب والقدس الغربية. وسيسعى إلى إعادة اللافتة التي أزالها السفير السابق في عهد الرئيس دونالد ترمب، ديفيد فريدمان، إلى مبنى القنصلية في شارع أغرون في القدس الغربية، وهو المبنى الذي استخدمه فريدمان مقراً رسمياً له. والمعروف أن هذا المبنى كان، إلى ما قبل قرابة عامين، مبنى القنصلية الأميركية الخاصة بالفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك المستوطنين اليهود في الضفة التي كانت تابعة لوزارة الخارجية الأميركية، وليس للسفارة في تل أبيب.
بالإضافة إلى ذلك، يشمل المخطط الأميركي إعادة فتح فرع القدس الشرقية في القنصلية الذي كان يعمل حتى عام 2010 في مبنى قائم على طريق نابلس في المدينة، ثم انتقل إلى شارع أرنونا، ولكنه بقي بحوزة الأميركيين. وأفاد مصدر سياسي في رام الله بأن حواراً بهذا الشأن بدأ بين مسؤولين في واشنطن ومكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول هذه الإمكانية. وقال هذا المصدر إن السلطة لا تمانع في إعادة فتح هذا الفرع، بشرط عدم التنازل عن إعادة فتح القنصلية في القدس.
بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيت، يعترض على ذلك بدافع آيديولوجي، إذ يقول إن فتح القنصلية يعني عملياً أن يكون هناك كيانان دبلوماسيان أميركيان في عاصمة إسرائيل: الأول السفارة التي ستتعامل مع الشؤون الإسرائيلية داخل الخط الأخضر، والثاني القنصلية التي ستعمل فعلياً بصفتها سفارة، وتتعامل مع الفلسطينيين من شرق المدينة والضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك مع المستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
وفي محيط رئيس الوزراء، يقولون إن مثل هذا الواقع ليس أقل من «مقدمة لتقسيم القدس»، ويشيرون إلى أن الفلسطينيين، على الأقل، يفهمون الأمر على هذا النحو. ويقتبسون تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، الذي قال مؤخراً إن «الرسالة من الإدارة الأميركية الجديدة هي أن القدس ليست مدينة إسرائيلية موحدة، وأن الإدارة الأميركية لا تعترف بضم القدس العربية إلى إسرائيل»، مضيفاً: «نريد من القنصلية الأميركية وضع الأساس للسفارة الأميركية المستقبلية في الدولة الفلسطينية».
وخلال النقاشات الإسرائيلية، يبرز القلق من أن تقدم الإدارة الأميركية على قرار أحادي الجانب في الموضوع، وتتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة افتتاح القنصلية. وينصح المدير العام السابق لوزارة الخارجية، د. دوري غولد، الذي يترأس اليوم «المركز الأورشليمي للشؤون العامة والدولة»، بأن تصر إسرائيل على موقفها الرافض، وتضع الأمور على الطاولة، وتوضح للولايات المتحدة ما يمكنها فعله، وما لا يجوز فعله، وما لا يحق لها فعله. ويقول: «إذا كنا واضحين بشأن مجال المناورة الحقيقي لدينا، فسوف يحترم الأميركيون ذلك. ولكن إذا لم يحترموا، فستكون هناك حاجة لرد إسرائيلي، على سبيل المثال توسيع القدس».
وسئل غولد: الولايات المتحدة تدعي أن القنصلية موجودة هنا منذ عقود، دون أن تطالب إسرائيل بإغلاقها، أليس كذلك؟ فأجاب: «نحن نحكم على الواقع الحالي. طوال عقود من الزمان، لم تكن السلطة الفلسطينية قائمة أيضاً، وهي قائمة اليوم. على مدى 19 عاماً، تم تقسيم القدس بواسطة أسلاك وحدود، ومنذ 54 عاماً أصبحت المدينة غير مقسمة. الأمور تتغير. لو فتحوا قنصلية في رام الله، لما كنت متحمساً، لكني كنت سأفهم. لو فتحوا قنصلية بعد أن توقفت السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب عائلات المخربين، ما كنت لأقبل القنصلية في القدس، لكني كنت سأفهم المطلب. لكن الفلسطينيين لم يغيروا سلوكهم، وهم يحصلون على مكافأة».
ولمح المركز الأورشليمي إلى خطوات يمكن أن تعلنها إسرائيل رداً على إعادة فتح القنصلية، مثل الإصرار على البناء في «عطروت» (أي مطار قلنديا الذي كان مخططاً أن يكون المطار الدولي للدولة الفلسطينية العتيدة، وتخطط إسرائيل لبناء حي استيطاني فيه يضم 7 آلاف وحدة سكن)، و«هار حوما» (جبل أبو غنيم)، و«جفعات همطوس» (الشارع الفاصل بين القدس الشرقية والقدس الغربية)، ومشروع «E1» (الذي يشق الضفة الغربية، ويقطع الامتداد الجغرافي لها ويقسمها إلى قسمين منفصلين).



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.