لبنان يرفع عدد المستفيدين من «الأكثر فقراً» بعد تعثّر البطاقة التمويلية

TT

لبنان يرفع عدد المستفيدين من «الأكثر فقراً» بعد تعثّر البطاقة التمويلية

لم يعد كثير من اللبنانيين الذين هم بحاجة لدعم مادي لمواجهة الغلاء المستشري بعد رفع الدعم مقتنعين بأنهم سيحصلون قريباً على «البطاقة التمويلية» التي وعدتهم بها الحكومة اللبنانية السابقة، وجددت التزامها بها الحكومة الحالية، والتي كان من المفترض أن تؤمن العائلات الفقيرة من خلالها دخلاً قدره نحو 126 دولاراً؛ أي ما يعادل مليونين و520 ألف ليرة لبنانية، وفق سعر صرف السوق.
وبحسب مصادر وزارية، فإن ما يؤخر إطلاق منصة تسجيل الراغبين بالاستفادة من هذا البرنامج، وصولاً لتوزيع البطاقات عليهم، مجموعة عوامل، بعضها تقني مرتبط بالمنصة نفسها. أضف إليها، وبشكل أساسي، موضوع تمويل هذه البطاقة من دون إغفال التجاذبات السياسية المحيطة بالملف. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن الحديث عن مهل زمنية محددة لتوزيع البطاقات التمويلية، لذلك يتم العمل بالتوازي على رفع عدد المستفيدين من برامج تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وهي برامج قائمة منذ فترة، وتلحظ مساعدات مادية للفئات الفقيرة، خاصة (البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً - NPTP) و(المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كوفيد - 19 والأزمة الاقتصادية في لبنان ESSN)».
وكان وزير الشؤون الاجتماعية، هيكتور حجار، قد أعلن مؤخراً أن الوزارة تعمل، من خلال مشروع «دعم الأسر الأكثر فقراً»، على رفع عدد المستفيدين من 35 ألف عائلة لبنانية إلى 75 ألف عائلة، بشراكة مع برنامج الغذاء العالمي، آملاً في رفع الدعم للمستفيدين فيما بعد إلى ما يقارب 120 ألف عائلة، حيث يعد هؤلاء من ضمن الـ28 في المائة من اللبنانيين الذين يرزحون تحت خط الفقر المدقع.
وكشفت دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، وتم نشرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن تفاقم الفقر في لبنان «إلى حد هائل» في غضون عام واحد فقط، مشيرة إلى أن الفقر أصبح يطال 74 في المائة تقريباً من مجموع سكان البلاد.
وكانت الحكومة السابقة قد قدرت كلفة البطاقة التمويلية بـ556 مليون دولار على مدى عام، لافتة إلى أنه من المفترض أن تستفيد منها 500 ألف أسرة لبنانية، بقيمة 25 دولاراً لكل فرد من الأسرة، على ألا يتجاوز الحد الأقصى لمساعدة العائلة الواحدة شهرياً 126 دولاراً.
وعلى الرغم من العوائق السابق ذكرها، يبدو رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة النيابية، النائب فريد البستاني، متفائلاً بإبصار البطاقة التمويلية النور قريباً، مؤكداً أنه تم إنجاز الاستعدادات التقنية لإطلاق المنصة، وينحصر النقاش حالياً فيما إذا كان سيتم دفعها للمستفيدين بالدولار أو بالليرة اللبنانية. ويشير البستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن البنك الدولي الذي يمول البطاقة يصر على أن تدفع الأموال بالدولار، فيما يصر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على دفعها بالليرة اللبنانية، ويضيف: «التمويل مؤمن، على الرغم من كل ما يتردد؛ هناك قرض خاص بالبطاقة من البنك الدولي، قيمته 246 مليون دولار، وهو مبلغ كافٍ لإطلاق عملية توزيعها»، مرجحاً ألا يتجاوز عدد المستفيدين منها 350 ألفاً، في ضوء أن كثيرين يستفيدون من برامج أخرى للدعم. كما أنه تم ربطها برفع السرية المصرفية. ولا يستبعد البستاني إطلاق الاكتتاب للحصول على البطاقة منتصف الأسبوع، على أن تستمر العملية 6 أسابيع. ويوضح البستاني أنه يتم بالتوازي مع العمل على البطاقة التمويلية زيادة عدد المستفيدين من برامج أخرى (مثل ESSN)، بحيث يتم رفع العدد من 10 آلاف إلى 75 ألفاً.
وفي المقابل، تقول مصادر نيابية قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن البطاقة التمويلية لا تزال طور التنفيذ، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يؤخر توزيعها هو التمويل، خاصة أنه سيندرج بموازنة العامين (2021-2022) التي من المفترض أن يكون لصندوق النقد الدولي رأي فيهما مع انطلاق المفاوضات معه.
وكانت الحكومة السابقة تخطط لتمويل البطاقة من خلال إعادة توجيه مبلغ 300 مليون دولار من قرض البنك الدولي المخصص لمشروع الطرقات والعمالة، و300 مليون دولار الباقية من حقوق السحب الخاصة بلبنان التي يجيزها البنك الدولي للإنشاء والتعمير، إلا أنه مع انتقال الملف للحكومة الجديدة تم خلط كل الأوراق، ما ينعكس تأخيراً إضافياً في اعتماد البطاقة التي كان من المفترض توزيعها بالتزامن مع رفع الدعم، فإذا بالدعم يرفع عن كل المواد، ويترك المواطن الأشد حاجة ليواجه مصيره وحيداً.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.