ألمانيا وفرنسا تحذّران من «تبعات خطيرة» لانقلاب السودان

بيان أوروبي يتمسك بـ«حكومة حمدوك الشرعية»

TT

ألمانيا وفرنسا تحذّران من «تبعات خطيرة» لانقلاب السودان

وجّهت ألمانيا تحذيراً شديد اللهجة للجيش في السودان بعد الانقلاب الذي نفذه يوم الاثنين، وقالت الخارجية الألمانية، إنه في حال إكمال الانقلاب العسكري، فسيكون لذلك «تبعات خطيرة لجهة المساعدات الدولية التي كانت ألمانيا أساسية في تنسيقها ودعمها في السنوات الماضية». وحذرت من أن دعم ألمانيا للسودان سيتوقف في حال استمر العمل بالانقلاب في الخرطوم.
وانتقد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان بشكل قاس الجيش السوداني والجنرال عبد الفتاح البرهان، واصفاً الانقلاب بأنه «تطور كارثي»، وأنه يضع «البلاد في موقف محفوف بالمخاطر ويعرّض مستقبل السودان الديمقراطي والآمن للتساؤل، خاصة أن المجتمع الدولي عمل طويلاً لتحقيق ذلك». ولم يكتفِ ماس بإدانة الجيش السوداني لتنفيذه الانقلاب واعتقاله رئيس الحكومة عبد الله حمدوك وآخرين «بشكل غير قانوني»، بل انتقد كذلك «الخطوات العنيفة التي اتخذها المجلس العسكري ضد المتظاهرين الذين خرجوا يطالبون بالديمقراطية» في بلادهم. ودعا ماس البرهان إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وإعادة العمل بالحكومة التي تم الإطاحة بها، مشيراً إلى أن حمدوك ما زال يتمتع بالدعم الشعبي.
وصدرت تصريحات مشابهة من الخارجية الفرنسية التي عبّرت عن «القلق الشديد من زعزعة استقرار السودان»، مطالبة بالإفراج «الفوري وغير المشروط» عن حمدوك والمعتقلين الآخرين. ودعت باريس إلى استئناف الحوار «على الفور» بين القوى السياسية في السودان وإلى «احترام توازنات الانتقال السياسي». ولوّحت باريس مثل برلين بوقف الدعم الدولي عن السودان في حال استمر الانقلاب قائماً، وقالت، إن الوثيقة الدستورية «هي الإطار الوحيد الذي يسمح بالمحافظة على الدعم الدولي».
وبعد إطلاق سراح حمدوك، صدر بيان مشترك عن البعثات الغربية في الخرطوم، من بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أوروبية أخرى، طالبت فيه بالسماح للسفراء بلقاء رئيس الحكومة عبد الله حمدوك. ودعا البيان إلى «إطلاق سراح كل من بقي معتقلاً من دون تأخير»، مضيفاً بأن الدول الغربية «ما زالت تعترف برئيس الوزراء وحكومته ممثلين شرعيين للحكومة الانتقالية»، وبأنه «في غاية الأهمية أن يتمكن السفراء الموجودون في الخرطوم من التواصل مع رئيس الحكومة؛ ولذلك ندعو إلى السماح للسفراء بشكل طارئ بعقد اجتماعات معه».
وكررت الدول الغربية الدعوة للعودة إلى خريطة الطريق للانتقال الديمقراطي بحسب الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام، كما شددت على ضرورة الإبقاء على الممرات الإنسانية مفتوحة، وعلى ضرورة احترام حقوق المتظاهرين من دون اللجوء للعنف في صدهم.
وكانت ألمانيا قد نظمت مؤتمراً لدعم السودان في يونيو (حزيران) العام الماضي بمشاركة أكثر من 50 دولة ومنظمة، أعلن في ختامه عن دعم الخرطوم سياسياً واقتصادياً، وتم تقديم ما يزيد على مليار و800 مليون دولار أميركي مساعدات لدعم الانتقال السياسي في البلاد. وتلعب ألمانيا دوراً محورياً في تطبيق مقررات «مؤتمر أصدقاء السودان» الذي نتج منه تأسيس برلين مبادرة سياسية في يونيو من العام 2019، بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي؛ بهدف تأمين دعم مادي كافٍ للسودان لمساعدته على الانتقال إلى مرحلة استقرار دائم.
ورغم تهديد وزير الخارجية الألمانية بوقف المساعدات عن السودان في حال استمر الانقلاب، فإن ألمانيا ما زالت تتمهل في إعلان قطع المساعدات، وهي تقول إنها تتشاور مع الحلفاء الغربيين لاتخاذ قرار مشترك حول المضي قدماً. وقبل يومين، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية «الوقت ما زال مبكراً» للحديث عن عواقب «وإن الوضع ما زال مربكاً ويجب الانتظار لكي نرى كيف ستتطور الأمور».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».