عبر المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي، عن مخاوف «عميقة متنامية» بشأن عودة إيران إلى محادثات فيينا غير المباشرة مع الولايات المتحدة، وبقية الأطراف في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، مؤكداً أن «الصبر ينفد» دولياً من «المماطلة» الإيرانية، وأن هناك «أدوات أخرى» يمكن استخدامها جماعياً إذا فشل المسار الدبلوماسي.
ويعتقد محللون أن الخيار العسكري مستبعد، لكن ربما تلجأ الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية وعزلة دولية على إيران، مع غض النظر عن تحركات قد تقوم بها إسرائيل لعرقلة وتعطيل البرنامج النووي الإيراني.
وكان مالي يتحدث مع صحافيين من الشرق الأوسط في مؤتمر عبر الهاتف، وكرر أن هناك مخاوف «عميقة متنامية» من استمرار تعنت إيران ورفضها التزام موعد لمعاودة محادثات فيينا. وقال: «نحن في وضع حرج» لأن محادثات فيينا التي عُلقت بعد الجولة السادسة في يونيو (حزيران) الماضي بسبب الانتخابات الإيرانية لم تعاود بعد انتخاب إبراهيم رئيسي وتوليه الحكم في أغسطس (آب) لاتخاذ قرار.
وأضاف: «في هذه المرحلة، من الصعب العثور على تفسير بريء لسبب استغراق هذا الوقت الطويل»، معتبراً أن «الخطة التي يجري تنفيذها الآن يبدو أنها الخطة الإيرانية، وهذا شيء يجب أن نكون مستعدين له».
وأشار إلى أنه «نحن في مرحلة حرجة من الجهود لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة»، موضحاً أنه بعد 6 جولات من محادثات فيينا غير المباشرة بين واشنطن وطهران، في إطار «مجموعة 5 + 1» للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، برعاية الاتحاد الأوروبي، اتخذ المسؤولون الإيرانيون «خطوات لتوسيع برنامجهم النووي»، فضلاً عن «وضع عقبات إضافية» أمام عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران.
ولاحظ أن هذا «يتعارض مع ما يدعون أنه رغبتهم في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة». وقال إن الدبلوماسية الأميركية المكثفة رمت إلى تحديد كيفية التعامل مع إيران، مشيراً إلى أنه سافر إلى روسيا قبل التوجه إلى فرنسا لعقد اجتماع مع المديرين السياسيين للدول المشاركة في محادثات فيينا، ودعا إلى ترقب النتائج «في الأيام والأسابيع المقبلة».
وأوضح أنه خلص بعد هذه المشاورات الدبلوماسية المكثفة إلى أن «جميع محاورينا يتقاسمون قلقاً عميقاً متزايداً» حيال وتيرة التقدم في البرنامج النووي الإيراني، إذ إن إيران «استأنفت نشاطاتها النووية بطرق تثير تساؤلات جدية حول نياتها». ولفت إلى أن الجولة السابعة لم تعقد بسبب الانتخابات الإيرانية، غير أنه أضاف: «لكن في هذه المرحلة، من الصعب العثور على تفسير بريء لسبب طلبهم وقتاً طويلاً» للعودة إلى محادثات فيينا. ونقل «رغبة مشتركة» من الجميع في «العمل معاً للتنسيق من كثب لمعالجة برنامج إيران النووي، وأيضاً نشاطاتها الإقليمية» مع «تفضيل قوي» للدبلوماسية من أجل إحياء خطة العمل، بما في ذلك عبر «إيجاد طرق لمشاركة إيران اقتصادياً، بما يتفق مع رفع العقوبات الذي يمكن أن يحدث».
ودعا إلى «حلول عملية» تمكن إيران من «العيش في ظل القيود المفروضة على برنامجها النووي»، على أن «ترفع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية التي تتعارض مع الاتفاق الذي جرى التوصل إليه عام 2015». وعد أن هذا «المسار واحد، وهو يسمح لدول المنطقة بتطوير علاقات أوثق اقتصادياً مع إيران، وأيضاً مع الدول الأوروبية»
وإذ حذر مالي من اتخاذ إيران «اتجاهاً مختلفاً»، ذكر بما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير الخارجية أنطوني بلينكن، من أنه «إذا فشلت الدبلوماسية، فنحن لدينا أدوات أخرى سنستخدمها لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي». وحول ما تقوله الحكومة الإيرانية عن أنها «تريد تحقيق نتائج عملية»، قال إن «هذا هو استعدادنا وعزمنا، ولدينا اختبار جيد الآن، هل هم مستعدون للعودة إلى فيينا، في محاولة لإغلاق الفجوات المتبقية التي بقيت بعد الجولة السادسة في فيينا»، مشدداً على أن «الوقت ليس في مصلحتنا».
ومن جهته، شدد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على أن باب المفاوضات مع إيران لن يبقي مفتوحاً إلى الأبد، مؤكداً أن الولايات المتحدة تتشاور مع الحلفاء والشركاء للتوصل إلى موقف دولي موحد.
وقال سوليفان، خلال المؤتمر الصحافي للبيت الأبيض أمس: «إننا نرسل رسائل واضحة إلى الإيرانيين، كما كنا نفعل على مدار الأشهر القليلة الماضية، بأن نافذة المفاوضات لن تبقى مفتوحة إلى الأبد لأننا بحاجة للعودة إلى الدبلوماسية».
وأضاف: «إننا بالطبع نحتفظ بالخيارات الأخرى كافة، لنتمكن من التعامل مع برنامج إيران النووي حسب الضرورة، لكننا نعتقد أنه لا تزال هناك فرصة لحل الوضع دبلوماسياً».
وتواجه الولايات المتحدة معضلة حقيقية في جهودها لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، مع تجنب طهران استئناف المحادثات، وقيامها بتوسيع تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز عتبة التخصيب العالية البالغة 20 في المائة في منشأة نطنز. وتلوح إدارة بايدن بالفوائد الاقتصادية التي قد تنتج عن عودة إيران إلى الاتفاق، خاصة ما يتعلق برفع بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على البرنامج النووي الإيراني.
مالي يلوّح لإيران بـ«أدوات أخرى» غير الدبلوماسية ومحادثات فيينا
سوليفان: لا تزال هناك فرصة أمام طهران
مالي يلوّح لإيران بـ«أدوات أخرى» غير الدبلوماسية ومحادثات فيينا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة