أول انتصار على الفرس وسقوط الإمبراطورية الفارسية في أيد عربية

أول انتصار على الفرس وسقوط الإمبراطورية الفارسية في أيد عربية
TT

أول انتصار على الفرس وسقوط الإمبراطورية الفارسية في أيد عربية

أول انتصار على الفرس وسقوط الإمبراطورية الفارسية في أيد عربية

يجب التأكيد على أن الصراع العربي - الإيراني ليس وليد اليوم، بل هو موغل في القدم، فقبل بزوغ شمس الإسلام، كان العداء العربي - الفارسي أو ما يسمى «العجمي»، آنذاك، على أشده، وكانت المناوشات بين العرب والفرس حاضرة، وكان الفرس يمثلون مع الروم قطبي القوة في العالم في تلك الفترة، في حين كانت الدولتان العربيتان آنذاك: المناذرة في الحيرة (العراق)، والغساسنة في الشام، تدوران في فلك هذين القطبين، فدولة المناذرة حليفة للفرس، ودولة الغساسنة حليفة للروم، وكان العراق يمثل المركز السياسي والاقتصادي للإمبراطورية الفارسية.
وسجل عام 609 ميلادية أول صراع مباشر ومسلح بين العرب والفرس شهدته أرض العراق أيام الجاهلية وفي زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل البعثة النبوية، وانتصر فيه العرب، وكان سببه أن كسرى برويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العبادي لأنه قتل أباه عدي بن زيد، فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه، ثم عاد فاستسلم لكسرى، فسجنه ثم قتله، وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه وديعة النعمان، فأبى هانئ دفعها إليه دفعا للمذمة، فغضب كسرى على بني شيبان وعزم على استئصالهم، فجهز لذلك جيشا ضخما من الأساورة الفرس يقودهم الهامرز وجلابزين، ومن قبائل العرب الموالية له، من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد، وولى قيادة هذه القبائل إياس بن قبيصة الطائي، وبعث معهم كتيبتيه الشهباء والدوسر، فلما بلغ النبأ بني شيبان استجاروا بقبائل بكر بن وائل، فوافتهم طوائف منهم، واستشاروا في أمرهم حنظلة بن سيار العجلي، واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء ذي قار، وهو ماء لبكر بن وائل قريب من موضع الكوفة، وذكر الأصفهاني في كتابه الأغاني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه ذلك قال إن هذا «أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا». ويعد الفتح الإسلامي لفارس سلسلة من الحملات العسكرية شنها المسلمون على الإمبراطورية الفارسية الساسانية المتاخمة لحدود دولة الخلافة الراشدة، وقد أفضت هذه الفتوح إلى انهيار الإمبراطورية وانحسار الديانة المجوسية في بلاد إيران وإقبال الفرس على اعتناق الإسلام.
بدأت تلك الفتوحات زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بغزو المسلمين العراق، المركز السياسي والاقتصادي للإمبراطورية، سنة 633 ميلادية، بقيادة خالد بن الوليد، فبقي حتى استكمل فتح العراق بالكامل، ثم نقل خالد بعد ذلك إلى الجبهة الرومية بالشام لاستكمال الفتوحات، فتعرض المسلمون في العراق لهجوم مضاد من قبل الفرس مما أفقدهم ما فتحوه مع خالد بن الوليد، فبدأت الموجة الثانية من الفتوحات تحت قيادة سعد بن أبي وقاص سنة 636، فكان النصر الحاسم في معركة القادسية التي أنهت سيطرة الساسانيين على الجبهة الغربية لفارس، فانتقلت الحدود الطبيعية ما بين الدولة الإسلامية الفتية والفرس من العراق إلى جبال زاجرس، ولكن بسبب الغارات المستمرة للفرس على العراق، أمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتجريد الجيوش لفتح سائر بلاد فارس سنة 642، ولم تمض سنة 644 ميلادية، حتى استكمل القضاء على تلك الإمبراطورية وفتح فارس برمتها.
هذا الفتح السريع لبلاد فارس من خلال سلسلة من الهجمات المنسقة تنسيقا جيدا، التي أدارها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة المنورة من على بعد آلاف الأميال من ميادين المعارك في فارس، كان له أعظم انتصار، وأكسبه سمعة بصفته أحد أعظم العباقرة الاستراتيجيين والسياسيين في التاريخ. معظم المؤرخين المسلمين قد قالوا إن المجتمع المدني في بلاد فارس عند بداية الفتوحات الإسلامية كان في حالة تدهور وانحطاط، وبالتالي فإنهم احتضنوا تلك الجيوش العربية الغازية بأذرع مفتوحة.



الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)
الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)
TT

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)
الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

أكد الدكتور عبد الله الربيعة، المستشار بالديوان الملكي السعودي المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الخميس، أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى الشعب السوداني منذ بداية الأزمة الإنسانية في بلادهم التي «ينبغي التعامل معها بعيداً عن الاعتبارات السياسية».

جاء ذلك خلال إلقائه كلمة السعودية في اجتماع حول الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال دورتها التاسعة والسبعين بمدينة نيويورك، وقال الربيعة: «الشعب السوداني يواجه تحديات هائلة، ويعمل على التغلب عليها، ويستحق منّا الكثير».

وأضاف: «السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى السودانيين، وأولها (إعلان جدة) الذي استهدف ضمان حماية المدنيين ووصول المساعدات الإغاثية العاجلة لهم، كما ساعدت جهود مجموعة (العمل من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام) مؤخراً في الوصول لآلاف المحتاجين بدارفور».

الربيعة خلال مشاركته في اجتماع حول الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

وأشار المشرف على «مركز الملك سلمان» إلى أن «التصعيد الأخير للعنف في بعض المناطق أدى إلى تفاقم الوضع المتدهور، الأمر الذي أجبر الملايين على الفرار من منازلهم تاركين وراءهم كل ما يملكون، حتى أفراداً من عائلاتهم أحياناً».

وأوضح أن «السعودية قدّمت دعماً للسودان بأكثر من 3 مليارات دولار أميركي، شمل مساعدات إنسانية بلغت قيمتها 132 مليون دولار موزعة على عدة مناطق جغرافية وقطاعات إنسانية»، متابعاً: «كما تحولت جهود (مركز الملك سلمان للإغاثة) قبل اندلاع الأزمة في أبريل (نيسان) 2023 نحو تنفيذ تدخلات أكثر استدامة، إلا أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة بسبب هذا الصراع بدّدت تلك المكاسب، الأمر الذي اضطرنا للعودة لتقديم المساعدة الفورية».

وأفاد الربيعة أن «المركز ضاعف جهوده في نطاقات الاحتياج بالسودان، حيث نفّذ منذ أبريل 2023 أكثر من 70 مشروعاً إنسانياً بتكلفة تجاوزت 73 مليون دولار، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى». ولفت إلى تتابع الجسور الإغاثية السعودية الجوية والبحرية عبر المركز لمواجهة التحديات الملحة، التي يتم تمويلها عبر الدعم الحكومي والشعبي من خلال إطلاق «الحملة الشعبية لإغاثة السودانيين» التي تجاوزت تبرعاتها 125 مليون دولار.

جانب من الاجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان في نيويورك (واس)

وأكد المشرف على المركز أنه «بالرغم من تلك الجهود المبذولة فإن التحديات ما زالت موجودة»، منوهاً أن «تبعات الأزمة تستوجب تضافر جهود الجميع لتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون قيود، مع تنفيذ استجابة مستدامة ومنسقة، ووصول آمن وغير مقيد إلى المناطق المتأثرة بالنزاع».

وواصل: «إننا كمجتمع إنساني ينبغي أن نتعامل مع الأزمة الإنسانية التي يشهدها السودان بعيداً عن الاعتبارات السياسية؛ فهي مأساة إنسانية تستوجب تجاوز الانقسامات»، مضيفاً: «يمكننا معاً إحداث تغيير حقيقي يضمن تمتع جميع الشعب السوداني بفرص متساوية لإعادة بناء حياتهم». وبيّن أن «السعودية مستمرة في بذل ما بوسعها لإنهاء الأزمة، والوصول إلى استقرار وأمن السودان وشعبه، ليعيش حياة كريمة».

من جانب آخر، شارك المشرف العام على المركز في الحدث الجانبي رفيع المستوى الذي نظّمته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تحت عنوان «دور العمل الخيري الإسلامي في الاستجابة لأزمة اللاجئين العالمية»، حيث أكد أن هذا الموضوع «يعد من الركائز الأساسية لديننا الذي يحثّ على الصدقة والزكاة والوقف الخيري لمساعدة المحتاجين». وقال الربيعة: «إنه ترجمة لذلك كانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالامتثال لتلك المبادئ».

الربيعة خلال كلمته في الحدث الذي نظّمته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بنيويورك (واس)

وأضاف أن السعودية من أوائل الدول التي انضمّت إلى الصندوق الإسلامي العالمي للاجئين، الذي أطلق بالشراكة بين المفوضية وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية، التابع للبنك الإسلامي للتنمية، بصفتها عضواً باللجنة التوجيهية للصندوق الإسلامي العالمي للاجئين، الذي تأسس في سبتمبر (أيلول) 2022، وقدّمت حينها السعودية مساهمة قدرها 10 ملايين دولار لحساب الصندوق الوقفي.

وأوضح الربيعة أن «أزمات اللاجئين من القضايا التي تسترعي اهتمام السعودية، ولذلك لم تدخر جهداً في دعم تلك الفئة، بالتعاون والشراكة مع الجهات المعنية بمعالجة أزمات اللاجئين»، مشيراً إلى تطلع السعودية لأن «تسهم الإجراءات التي نتخذها اليوم في استحداث آليات مستدامة تضمن تلبية الاحتياجات الأساسية لجميع اللاجئين؛ ليتمكنوا من العيش بأمان وكرامة في الدول المستضيفة حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بأمان».

وأهاب بالدول الشقيقة والصديقة أن تتقاسم معنا الأعباء في تقديم التمويل اللازم لتوفير الموارد المستدامة لبثّ الأمل بنفوس ملايين اللاجئين والنازحين، والمجتمعات المضيفة، حيث يحتاجون بشدة إلى دعمنا.

الربيعة أوضح أن أزمات اللاجئين من القضايا التي تسترعي اهتمام السعودية (واس)

إلى ذلك، بحث المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، الأمور ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالمشاريع الإغاثية والإنسانية المنفذة بين الجانبين في المجال الصحي، وآلية إيصال المساعدات الطبية للمرضى والمصابين حول العالم.

كما بحث الربيعة مع نانسي أويسي، المديرة التنفيذية للهيئة الطبية الدولية، الموضوعات ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالشؤون الإنسانية والإغاثية، وسبل تعزيز آفاق التعاون والتنسيق المشترك في العمل الإنساني، وتقديم المساعدات الطبية للمحتاجين حول العالم.

وأشاد أدهانوم وأويسي بالبرامج الطبية التي تنفذها السعودية لتحسين الوضع الصحي للمحتاجين والمتضررين في مختلف أنحاء العالم.

المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة لدى لقائه مدير منظمة الصحة العالمية (واس)

وناقش المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» مع كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، مستجدات المشاريع الإنسانية والإغاثية المشتركة بينهما لدعم فئة الأطفال حول العالم، وتقديم شتى أنواع العون الإنساني الأساسي لهم.

وأعربت راسل عن امتنان واعتزاز المنظمة بالشراكة المثمرة مع المركز، التي ساعدتهم في الوصول إلى ملايين الأطفال المتضررين في العالم ورعايتهم.

الربيعة وراسل ناقشا المشاريع المشتركة بين مركز الملك سلمان للإغاثة و«اليونيسيف» (واس)