«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

عمالقة التقنية يسعون إلى بنائه

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي
TT

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

تدعي شركات مايكروسوفت وفيسبوك وغيرهما أن مستقبل الإنترنت سيكون عبارة عن عالم جديد مبني بتقنية الواقع الافتراضي. لذا فإنها تتحدث عن بناء عالم «ميتافيرس» Metaverse، الكلمة التي تتكون من شقين الأول «meta» (بمعنى ما وراء) والثاني Verse» » (مشتق من كلمة «الكون universe»).
ووفق الويكيبيديا فإن هذا المصطلح يستخدم عادةً لوصف مفهوم الإصدارات المستقبلية للإنترنت، المكون من مساحة ثلاثية الأبعاد ثابتة ومشتركة ومرتبطة مع كون افتراضي مدرك.
وقد أعلنت فيسبوك الأسبوع الماضي عن توظيف أكثر من 10 آلاف شخص في مشروع «ميتافيرس» الأوروبي. وكانت الشركة قد اقتربت من هذه الرؤية أكثر في الأسابيع الماضية بكشفها عن بيئة عمل افتراضية لموظفيها الذين يعملون عن بعد. وتعمل الشركة أيضاً على إنتاج سوار ذكي لليد ونظارات واقع افتراضي، وتستثمر حالياً مليارات الدولارات في هذه الجهود.
وكان فيلم الخيال العلمي «ريدي بلاير وان» (2018) قدم لمحة عما تتنبأ شركات التقنية أنه سيكون الخطوة العظيمة المقبلة للإنترنت.
تتحدث قصة الفيلم المستوحى من رواية لإيرنست كلاين (2011) عن طفل يتيم يهرب من وجوده الكئيب في العالم الحقيقي عبر الانغماس في خيال باهر في عالم افتراضي. ويضع بطل الفيلم على رأسه جهازاً يشبه نظارات غوغل ويهرب إلى كون افتراضي اسمه «أواسيس».
في الإعلان الترويجي للفيلم، يقول البطل: «يأتي الناس إلى أواسيس لوفرة الأشياء التي يمكنهم القيام بها، ولكنهم يبقون فيه لكثرة الأمور التي يمكنهم أن يصبحوا فيها».

- عالم تفاعلي
يقول عدد من الرؤساء التنفيذيين في الشركات المطورة لتقنيات تشبه الخيال العلمي إن البشر، وفي يوم قريب، سيمضون أوقاتهم في عالم تفاعلي من الواقع الافتراضي، مليء بالألعاب والمغامرات والتبضع والعروضات الفريدة القادمة من عالم آخر، كما الشخصيات التي نشاهدها في الأفلام.
ولكنهم يطلقون على هذا العالم اسم «ميتافيرس» أو «كون الواقع الافتراضي» عوضاً عن «أواسيس». ويختلف الميتافيرس عن الواقع الافتراضي الموجود اليوم الذي يقدم لمستخدمه تجارب معزولة وبعض فرص اللعب مع أشخاص آخرين بواسطة إكسسوارات ثقيلة للرأس وأجهزة أخرى.
ويأتي الميتافيرس على شكل فضاء رقمي هائل ومشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي ببعضهما، ويتيح للشخصيات الافتراضية القفز من نشاط إلى آخر دون أي عوائق.
اعتبر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، في حدث في يوليو (تموز) الماضي، أن فيسبوك يجب أن تسمى «شركة الميتافيرس»، لافتاً إلى أن هدف شركته هو زيادة رواد هذا العالم الافتراضي وجذب مستخدمين جدد عبر تقديم إكسسوارات زهيدة للرأس.
لم يصبح الميتافيرس حقيقةً بعد ولا يوجد تاريخ واضح لذلك خصوصاً وأن تقنيتي الواقعين الافتراضي والمعزز تحتاجان إلى توسيع جمهورهما، فضلاً عن أن سماعات الرأس لا تزال تفتقر إلى الشعبية رغم أن زوكربيرغ تعهد عام 2017 بجذب مليار مستخدم لنظارات «أوكيولوس».
ولكن فيسبوك ليست الشركة الوحيدة التي تراهن جدياً على «ميتافيرس». ففي مايو (أيار)، قالت شركة مايكروسوفت إنها «تتمتع بمكانة خاصة» لتقديمها مجموعة من أدوات الذكاء الصناعي والواقع المختلط لمساعدة الشركات على البدء بتطوير «تطبيقات الميتافيرس اليوم». بدورها، أطلقت مجموعة من الشركات المصنعة لألعاب الفيديو وفي طليعتها «إيبيك غيمز» المالكة للعبة «فورتنايت» الشهيرة، برامج محاكاة وخدمات واقع افتراضي للميتافيرس.

- «الميتافيرس»
• ما هو الميتافيرس؟ ابتكر هذا المصطلح الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992 في روايته الخيالية «سنو كراش». يرمز الميتافيرس في هذه الرواية إلى بيئة رقمية انغماسية يتفاعل الناس فيها على شكل شخصيات افتراضية. وسمى هذا الكون الجديد من كلمتين: الأولى هي «ميتا» وتعني ما وراء، والثانية هي «فيرس» وهي مشتقة من كلمة «الكون». وتستخدم شركات التقنية هذا المصطلح لتوصيف عالم ما بعد الإنترنت، والذي قد يعتمد أو لا يعتمد على نظارات الواقع الافتراضي.
يمكنكم أن تتخيلوه كتجسيد للإنترنت تعيشون داخله بدل النظر إليه من الخارج. ولكن هذا العالم الرقمي الجديد لن يكون محصوراً بالأجهزة، إذ أنه سيتيح للشخصيات الافتراضية التحرك في أرجاء فضاء سيبراني كما يتحرك الناس في العالم الحقيقي، وسيسمح لمستخدميه بالتفاعل مع أشخاص على الجانب الآخر من الكوكب وكأنهم في الغرفة نفسها.
يتطلب العالم الافتراضي المتمكن من الجميع أن يكون قادراً على استخدام وشراء إكسسوارات الواقع الافتراضي الخاصة بالرأس. ويجب أن تكون التقنية عصرية وصغيرة الحجم لجذب الناس، ومتطورة بما يكفي للعمل دون مشاكل... وهذا الأمر لم يحصل بعد.
حتى اليوم، اصطدمت إكسسوارات الرأس اللاسلكية المتطورة بالكثير من المشاكل. فقد تميزت نظارة «أوكيولوس كويست 2» من فيسبوك بتصميم جميل ولكن نوعية الصور التي تعرضها كانت رديئة جداً رغم أن سعرها (299 دولاراً) هو الأفضل في السوق؛ أما نظارة «فايف برو 2» من إتش.تي.سي.، فلم تنجح بسبب حجمها المزعج وافتقارها للكثير من قوتها الكومبيوترية دون أسلاكها، فضلاً عن أن سعرها يبدأ من 799 دولارا دون احتساب ثمن أداة التحكم.
• كيف يعمل الميتافيرس؟ نظرياً، يلج المستخدم إلى «الميتافيرس» كما يلج إلى الإنترنت، إلا أنه يجب أن يستخدم إكسسواراً يثبت على رأسه وليس شاشة لرؤية المحتوى، بالإضافة إلى أداة للتتبع الحركي تشبه سوار المعصم الذي تعمل فيسبوك عليه للإمساك بالأشياء.
للحصول على كون افتراضي كامل، لا يمكن لشركة واحدة أن تملك الميتافيرس، تماماً كما لم يمتلك أحد شبكة الإنترنت. ولكن الشركات قد تحاول احتكار زواياها الخاصة من الميتافيرس، كما يفعل بعض عمالقة التقنية اليوم في عالم المحتوى الرقمي عبر وسائل شبيهة بصناعة المال من خدمات الاشتراك بالتطبيقات وبطاقات التبضع والإعلانات.
دالفين براون الخبير الأميركي في التقنية في واشنطن، نقل عن دينيز وايت، مؤسسة شركة «بلاك إكس.آر». للتقنيات الانغماسية قولها: «سيكون هناك لاعبون أقوياء دون شك. فور وضع نظارات الواقع المعزز والبدء برؤية هذه الشخصيات الافتراضية تتجول في أرجاء هذا العالم، ستعرفون أنكم أصبحتم داخل الميتافيرس».
ولكن لم يتضح حتى اليوم كيف ستتحرك الشخصية الافتراضية الواحدة في ظل وجود الكثير من الأجهزة التي طورتها شركات عدة. تشير إحدى النظريات الناشئة إلى أن الميتافيرس سيعمل مثل محركات البحث. فكما يستطيع المستخدم التنقل بين مختلف المواقع الإلكترونية على هاتفه الذكي، سيكون بمقدور الشخصية الافتراضية القفز بين منصات مختلفة مطورة لتتوافق مع منتجات معظم الشركات، حسب ما أفاد دانيال ليبسكيند، الرئيس التنفيذي لمنصة «توبيا» للمحادثات عبر الفيديو.
ويضيف ليبسكيند: «يجب أن يتألف الميتافيرس من مجموعة من التقنيات والخلفيات والمقدمات التي تتفاعل جميعها بشكل جميل».

- لاعبو الميدان الجديد
• من هم اللاعبون الأقوياء في الميتافيرس؟ تتعدد الشركات التقنية الكبرى التي تسعى لحجز مكان لها في الميتافيرس.
فقد أطلقت فيسبوك أخيراً مجموعة منتجات جديدة لبناء مساحة اجتماعية ثلاثية الأبعاد، داعيةً بذلك إلى «نسيج تواصلي» يصل مختلف الخدمات مع بعضها البعض.
وفي مايو (أيار)، قال رئيس مايكروسوفت التنفيذي ساتيا ناديلا إن شركته تعمل لبناء «مشروع ميتافيرس». وفي الشهر الذي سبقه، كشفت «إيبيك غيمز» أنها جمعت مليار دولار لإنفاقها على خططها المرتبطة بالميتافيرس.
وأيضاً، دخل عملاق الحوسبة نفيديا ومنصة الألعاب الإلكترونية «روبلوكس» في سباق المشاركة في هذا العالم. وكانت شركة «سبيشال» قد أطلقت العام الماضي تطبيق واقع افتراضي يتيح للشخصيات الافتراضية الظهور في بيئة المستخدم في العالم الحقيقي.
بدورها، تحركت سنابتشات في هذا الاتجاه لسنوات، مقدمة لزبائنها شخصيات افتراضية ومرشحات تغطي العالم الحقيقي بالمحتوى الرقمي. وطبعاً، لا ننسى آبل وطموحها القديم الجديد فيما يتعلق بالواقع المعزز.
وكانت شركة «ماجيك ليب» من أوائل الشركات التي جذبت الاهتمام لهذا الفضاء بعيد إطلاقها لتطبيق واقع معزز عام 2011، تبيع الحصة الأكبر منه اليوم للشركات التجارية، بحسب موقعها الإلكتروني.
ولكن المساحة لا تزال واسعة لانضمام المزيد من الشركات الناشئة على اعتبار أن العالم الرقمي سيتطلب كميات هائلة من المحتوى والأدوات والأماكن لرؤيته والتفاعل معه.
• هل سيصبح الميتافيرس حقيقةً فعلاً؟ هذا الأمر ليس واضحاً بعد. صحيح أن التطورات التقنية ساهمت في تخفيض وزن وسعر إكسسوارات الرأس المخصصة للواقع الافتراضي في السنوات القليلة الماضية، إلا أن هذه الأجهزة يستخدمها عدد محدد من الأشخاص أبرزهم محبو الألعاب الإلكترونية. ولكن معظم اللاعبين الإلكترونيين لا يملكون نظاماً للواقع الافتراضي، إذ كشفت أرقام جمعية البرامج الإلكترونية الترفيهية أن 29 في المائة فقط من 169 مليون لاعب إلكتروني في الولايات المتحدة يملكون واحداً منها.
وفي هذه اللحظة، لا تزال إكسسوارات الرأس للواقع الافتراضي تراوح مكانها كأدوات فرعية لمنصات الألعاب الإلكترونية ولا يوجد دليل مقنع على أنها ستتطور أكثر من ذلك. وتعد الألعاب الإلكترونية مجالاً تجارياً كبيراً، وهي تمثل مئات ملايين الأشخاص ولكن ليس المليارات منهم، وهذا يعني أنها ليست تجربة عالمية بعد.


مقالات ذات صلة

إشادة دولية بجهود الرياض السيبرانية وتنظيم «بلاك هات»

خاص جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)

إشادة دولية بجهود الرياض السيبرانية وتنظيم «بلاك هات»

معرض «بلاك هات» يحصد اهتماماً دبلوماسياً وسيبرانياً وإشادة باستضافة السعودية وتنظيمها الناجح.

غازي الحارثي (الرياض)
خاص «بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

خاص «بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

من ابتكارات البطاريات الرائدة إلى المنصات المتطورة، تتماشى رؤية «بي واي دي» مع الأهداف العالمية للاستدامة، بما في ذلك «رؤية المملكة 2030».

نسيم رمضان (الصين)
تكنولوجيا «سيبراني» التابعة لـ«أرامكو» الرقمية كشفت عن منتجات تطلق لأول مرة لحماية القطاعات الحساسة (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:27

لحماية الأنظمة محلياً ودولياً... «أرامكو» تطلق لأول مرة منتجات سيبرانية سعودية

أعلنت شركة «سيبراني» إحدى شركات «أرامكو» الرقمية عن إطلاق 4 منتجات سعودية مخصّصة لعوالم الأمن السيبراني.

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا يبرز نجاح «أكوا بوت» الإمكانات التحويلية للجمع بين الأجهزة المتطورة والبرامج الذكية (أكوا بوت)

روبوت يسبح تحت الماء بشكل مستقل مستخدماً الذكاء الاصطناعي

الروبوت «أكوا بوت»، الذي طوّره باحثون في جامعة كولومبيا، قادر على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام تحت الماء بشكل مستقل.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تسعى المنصة لتحقيق قفزة نوعية كبيرة في سوق العملات الرقمية مع وضع مبادئ مبتكرة لاقتصاد تلك العملات (كونتس)

خاص رائدة أعمال سعودية تبتكر أول بروتوكول لعملة رقمية حصينة من الانخفاض

تهدف رائدة الأعمال السعودية رند الخراشي لإرساء معايير جديدة لعالم التمويل اللامركزي «DeFi».

نسيم رمضان (لندن)

«بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

«بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)
«بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)
TT

«بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

«بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)
«بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

في عالم الابتكار السريع بصناعة السيارات، تُعد شركة «بي واي دي (BYD)» الصينية رمزاً للتغيير والريادة. الشركة العملاقة التي يُترجم شعارها إلى «ابنِ أحلامَك (Build Your Dreams)»، واحتفلت بـ30 عاماً على تأسيسها، بدأت مصنعاً للبطاريات في عام 1995، وزودت كبرى شركات تصنيع الهواتف وقتها، مثل «نوكيا» و«موتورولا»، بالبطاريات. لكن سرعان ما أعادت تشكيل هويتها لتصبح رائدة عالمياً في مجال السيارات الجديدة للطاقة (NEVs). خلال رحلة إعلامية خاصة إلى الصين تلقتها «الشرق الأوسط»، أُتيح لها استكشاف ابتكارات «BYD» التقنية، من خلال زيارة مصانعها في مدينتي جوانزو وشنزن، والاطلاع على التزام الشركة بالاستدامة والتكنولوجيا والابتكار.

إرث متجذر في الابتكار

في صميم نجاح «بي واي دي» بطاريتها الرائدة «بلايد (Blade Battery)»، التي تم تطويرها وتصنيعها داخلياً. هذه البطارية القائمة على تقنية الليثيوم وفوسفات الحديد (LFP) تعيد تعريف معايير السلامة والكفاءة والاستدامة. على عكس البطاريات التقليدية التي قد تتعرض لمخاطر «الهروب الحراري»، وهو سبب شائع لاندلاع الحرائق في البطاريات التقليدية، صُممت بطارية «بلايد» لمقاومة مثل هذه المخاطر حتى في ظل أقسى الظروف.

خلال الاختبارات الصارمة للبطارية التي شهدتها «الشرق الأوسط» في مقر الشركة بالصين، تم ثقب البطارية بالمسامير، وسحقها، وثنيها، وتعريضها لدرجات حرارة عالية. وخلال تلك الاختبارات، أظهرت «بلايد (Blade)» مرونة لا مثيل لها مقارنة ببطاريات أخرى انفجرت تحت الظروف ذاتها. هذا المستوى من الأمان هو عامل تغيير، خصوصاً في صناعة تُعتبر سلامة البطارية فيها هي الأهم.

قامت «BYD» بتعديل تركيبة بطارية «بلايد» لضمان أدائها في المناطق ذات درجات الحرارة العالية مثل الشرق الأوسط ( الشرق الأوسط)

لماذا «بلايد»؟

ميزة رئيسية أخرى في بطارية «بلايد (Blade)» هي عمرها الطويل، مما يجعلها اقتصادية وصديقة للبيئة. تدوم البطارية لأكثر من 1.2 مليون كيلومتر من القيادة أو 3000 دورة شحن، مما يزيد بشكل كبير من فائدة المركبات التي تعمل بها. وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» من الصين يشرح أي دي هوانغ المدير العام لشركة «BYD» في الشرق الأوسط وأفريقيا أن تصميم البطارية الرقيق والمعياري يعمل على تحسين كثافة الطاقة، مما يسمح ببطارية أكثر إحكاماً يمكنها تخزين قدر كبير من الطاقة.

ويضيف أن هذا التصميم لا يعمل على تعزيز مدى السيارة فحسب، بل يساهم أيضاً في كفاءتها بشكل عام، من خلال تقليل الوزن وتحسين استخدام المساحة.

أما من الناحية البيئية، تستخدم بطارية «بلايد» مواد أكثر استدامة من بدائل الليثيوم أيون التقليدية. ومن خلال التخلص من الحاجة إلى الكوبالت، إحدى أكثر المواد المثيرة للجدل والضارة بالبيئة المستخدمة في البطاريات التقليدية، تلتزم «BYD» بقوة بالطاقة الخضراء على حد وصفه.

أي دي هوانغ المدير العام لـ«بلايد» في الشرق الأوسط وأفريقيا متحدثا لـ«الشرق الأوسط» (BYD)

التنقل الكهربائي عبر منصة "e-Platform 3.0"

تعد « «e - Platform 3.0التي تم تطويرها داخلياً في «بي واي دي»، العمود الفقري لتصميم سيارات الشركة. تم تصميم هذه المنصة خصيصاً للسيارات الكهربائية؛ حيث تدمج بطارية «بلايد» مباشرة في هيكل السيارة، مما يعزز السلامة وراحة الركاب وكفاءة الطاقة. كما تمثل طرازات مثل «أتّو 3»(ATTO 3)، وهي سيارة دفع رباعي مدمجة تم تقديمها في الشرق الأوسط عام 2024.

قدرات هذه المنصة

تتميز سيارة «ATTO 3» بنظام الدفع الكهربائي المدمج (8 في 1) أي دمج 8 مكونات أساسية لتحسين كفاءة الطاقة واستخدام المساحة.

كما توفر الشاشة الدوارة بمقاس 15.6 بوصة اتصالاً سلساً عبر «Apple CarPlay» و«Android Auto لضمان الراحة والسلامة.

وخلال زيارة إحدى صالات العرض الكبرى للشركة في مدينة شينزن، اختبرت «الشرق الأوسط» كيف يمكن شحن سيارة «أتّو 3 (ATTO 3)»، من 30 في المائة إلى 80 في المائة في أقل من 30 دقيقة، مما يلبي احتياجات التنقل الحضري بسهولة.

دمج بطارية «بلايد» مباشرةً في هيكل السيارة يحسن توزيع الوزن واستخدام الطاقة ويدعم أنظمة القيادة الذكية (الشرق الأوسط)

سيارات «HAN» و«SEAL» و«QIN PLUS»

تعكس سيارات السيدان الفاخرة «HAN» وSEAL»» قدرة «بي واي دي» على دمج التكنولوجيا المتقدمة مع الاستدامة. واختبرت «الشرق الأوسط» قيادة سيارة «هان» التي تتميز بنظام دفع كهربائي رباعي العجلات يوفر تجربة قيادة تجمع بين الإثارة والرقي، مع تسارع من 0 إلى 100 كلم/ ساعة خلال 3.9 ثانية فقط. توجد في السيارة أيضاً ميزات تقنية عدة، منها تقنية أشباه الموصلات (SiC MOSFET). تحسّن هذه التقنية كفاءة المحرِّك وتمدد النطاق.

أيضاً تَبرز تقنية الشحن من السيارة إلى الأجهزة (V2L) التي تحوِّل السيارة إلى مصدر طاقة متنقل مثالي للأنشطة الخارجية أو الطوارئ. ويزيد نظام المضخة الحرارية المتقدم من كفاءة الطاقة عن طريق إعادة تدوير الحرارة المتبقية، مما يجعلها مناسبة للظروف المناخية المختلفة.

أما سيارة «SEAL» فتجمع بين التصميم المستقبلي والأداء المتميز. وخلال قيادة السيارة، تمكنت «الشرق الأوسط» من تجربة قدرة نظام الدفع المزدوج في «SEAL» على المساعدة في تسجيل تسارع يصل إلى 3.8 ثانية. كما توفر السيارة نظام معلومات وترفيه متطوراً يدمج التحكم الصوتي واتصال الهواتف الذكية، مما يجعلها خياراً مثالياً لعُشَّاق التكنولوجيا والأناقة. وقد حققت هذه الطرازات اعترافاً عالمياً بفضل أدائها؛ حيث فازت بجوائز متعددة في مجالات التصميم والهندسة.

تمثل سيارات «BYD» تنوُّعاً يلبي مجموعة واسعة من الاحتياجات، منها: «QIN PLUS» سيارة سيدان مدمجة تمزج بين العملية والتكنولوجيا المتقدمة. بفضل نظامها الهجين الذي يوفر مدى يصل إلى 1200 كيلومتر، تُعد خياراً مثالياً للمسافرين في المدن. وتضيف «QIN PLUS» ميزات مثل نظام الكبح المتجدد وشاشة لمس بحجم 10.1 بوصة إلى جاذبيتها.

من أعلى اليمن: تقنية مبتكرة من داخل سيارات «أتو» و«سونغ» و«هان» و«سيل» (الشرق الأوسط)

ميزات مخصصة للشرق الأوسط

تظهر «بي واي دي» التزاماً استثنائياً بتكييف سياراتها مع الظروف الإقليمية والمناخية خاصة في الشرق الأوسط. يقول هوانغ خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه على مدى 15 عاماً، أجرت الشركة اختبارات الطقس الحار، بما في ذلك في الشرق الأوسط، أدَّت هذه الجهود إلى تحسينات، مثل أنظمة تبريد البطاريات والتكييف، مما يضمن الأداء الأمثل في درجات الحرارة العالية.

تمثل «سونغ بلس (SONG PLUS)»، سيارة الدفع الرباعي الهجينة واسعة الهيكل، هذا التكيف الإقليمي. بفضل تقنية DM - i الهجينة، تحقق السيارة استهلاكاً منخفضاً جداً للوقود، مع توفير مدى ممتد للقيادة الكهربائية. يجمع تصميمها الواسع وميزاتها المتقدمة، مثل الكاميرا بزاوية 360 درجة والشاشة الدوارة، بين العملية والابتكار. كما يضمن نظام التعليق الخلفي متعدد الوصلات تجربة قيادة سلسة؛ سواء في شوارع المدينة أو على الطرق السريعة.

من أمان بطارية «بلايد» إلى تنوع السيارات الهجينة القابلة للشحن، تسعى «بي واي دي» لتمهيد الطريق لمستقبل مستدام (BYD)

قيادة «رؤية المملكة 2030»

تقول «بي واي دي» إن توسعاتها في الشرق الأوسط تتماشى بسلاسة مع «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060. كما تسعى المملكة إلى جعل 30 في المائة على الأقل من السيارات في الرياض كهربائية بحلول عام 2030، بحسب ما قاله فهد الرشيد، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للرياض عام 2021.

ومن خلال تقنياتها المبتكرة، تدعم «بي واي دي»، هذه الأهداف عبر بطارية «بلايد» وتقنية «DM - i» الهجينة، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري. تُعد «بي واي دي» أن سياراتها توفر كثيراً في التكاليف التشغيلية؛ حيث تحقق انخفاضاً يتراوح بين 20 و45 في المائة مقارنة بالمركبات التقليدية، مما يجعل الاستدامة في متناول شريحة أوسع من المستهلكين.

ويشرح هوانغ لـ«الشرق الأوسط» أن شركته تقدم في الصين سيارات هجينة بنفس سعر السيارات العاملة بالوقود التقليدي. ويضيف: «هذا ما نسعى لتطبيقه في السعودية، مما يسمح للعملاء بالاستمتاع بتجربة قيادة صديقة للبيئة مع توفير التكاليف».

صندوق الاستثمارات العامة

تثمّن «بي واي دي» الدور المحوري الذي يلعبه صندوق الاستثمارات العامة (PIF) في تشكيل نظام السيارات الكهربائية بالمملكة. تشمل الاستثمارات حصصاً كبيرة في شركات مثل «لوسيد»، وإطلاق علامة «سير» التجارية، وهي أول علامة سعودية للسيارات الكهربائية. وتهدف «سير» إلى جذب الاستثمارات الدولية، وتعزيز التصنيع المحلي، والمساهمة في النمو الاقتصادي، بما يتماشى مع الأهداف الأوسع لـ«رؤية 2030».

وتُبرز شراكة BYD مع شركة الفطيم للتنقل الكهربائي التزامها بجعل السيارات الكهربائية متاحة في المنطقة مع خطط لتقديم 10 طرازات جديدة بحلول عام 2025. كما تستعد الشركة لتلبية احتياجات المستهلكين المتنوعة في السعودية والإمارات وخارجها. يعكس الاهتمام المتزايد من المستهلكين، الذي يظهر في زيارات صالات العرض وحجوزات قيادة السيارات، تأثير العلامة التجارية المتنامي.

وتشيد «بي واي دي» أيضاً بمشروع البحر الأحمر الذي يضم أكبر شبكة شحن خارج الشبكة تضم 150 محطة لخدمة أسطول مبدئي من 80 سيارة كهربائية من المشاريع البارزة في السعودية. وتُعدّ هذا الاستثمار تعزيزاً للثقة في استخدام السيارات الكهربائية، ويوفر تجربة سلسة للمستخدمين.

تأخذ «BYD» شعار «Build Your Dream» أي «ابنِ أحلامك» (BYD)

علامة تجارية موثوقة عالمياً

تمتد تأثيرات «بي واي دي» إلى ما وراء الشرق الأوسط كأكبر علامة تجارية للسيارات الجديدة للطاقة عالمياً متفوقة على منافسيها في المبيعات العالمية. في الصين، تمتلك «بي واي دي» أكثر من 35 في المائة من سوق السيارات الكهربائية، مما يعكس هيمنتها في أكبر سوق سيارات في العالم. وتعزز شراكاتها مع أبرز شركات السيارات مكانتها التكنولوجية؛ حيث تستخدم بطاريات «بي واي دي» في سيارات حول العالم.

ويعرب أي دي هوانغ عن طموحات «بي واي دي» لتصبح شركة رائدة في جميع الفئات، مع هدف استحواذ على حصة سوقية تتراوح بين 15 في المائة و20 في المائة. ويصرح لـ«الشرق الأوسط» بأن شركته تعمل على تحقيق هذا الهدف، عبر إطلاق 5 طرازات تم اختبارها في منطقة الشرق الأوسط على مدار أكثر من عامين لضمان الجودة والأداء في الظروف المناخية القاسية.

الابتكار المدعوم بالخبرة

بفضل فريق بحث وتطوير يضم أكثر من 110000 متخصص، تواصل «بي واي دي» دفع حدود الممكن. ورغم إنجازاتها، تعترف الشركة بالتحديات التي تواجهها خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط. من تلك التحديات، بحسب هوانغ هو، عدم إدراك كثير من الناس الفرق بين السيارات الكهربائية والهجينة التقليدية. يُذكر أن تكنولوجيا السيارات الهجينة القابلة للشحن (PHEV) تقدم مدى قيادة كهربائياً كاملاً يصل إلى 120 كيلومتراً، قبل أن يبدأ المحرك في العمل، مما يوفر تجربة قيادة تجمع بين المزايا الكهربائية والوقود التقليدي.

ويضيف أن شركته تعمل على تثقيف المستهلكين حول فوائد السيارات الكهربائية والتعامل مع قلق النطاق.

يرى كثيرون أن رحلة «بي واي دي» من تصنيع البطاريات إلى الريادة العالمية في السيارات الكهربائية هي شهادة على مرونتها وابتكارها. من خلال مواءمة رؤيتها مع أهداف الاستدامة العالمية، لا تقوم الشركة بإعادة تشكيل مستقبل النقل فحسب، بل تساهم أيضاً في كوكب أكثر نظافة واخضراراً. وتؤكد الشركة أن سياراتها في الشرق الأوسط، خصوصاً في السوق السعودية، تمثل مزيجاً متناغماً من التكنولوجيا والقدرة على تحمل التكاليف والاستدامة.