إدانات دولية لـ«انقلاب» السودان

واشنطن تهدد بقطع المساعدات... والاتحاد الأوروبي يطالب بإطلاق المعتقلين

متظاهرون أحرقوا إطارات سيارات في الخرطوم احتجاجاً على «الانقلاب» أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون أحرقوا إطارات سيارات في الخرطوم احتجاجاً على «الانقلاب» أمس (أ.ف.ب)
TT

إدانات دولية لـ«انقلاب» السودان

متظاهرون أحرقوا إطارات سيارات في الخرطوم احتجاجاً على «الانقلاب» أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون أحرقوا إطارات سيارات في الخرطوم احتجاجاً على «الانقلاب» أمس (أ.ف.ب)

تسارعت ردود الفعل الدولية المنددة بتولي الجيش السلطة في السودان، وتعطيل مسيرة التحول المدني الديمقراطي، وحل الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، واعتقاله مع عدد من وزرائه وقيادات سياسية في البلاد. وأعلن البيت الأبيض أن الحكومة الأميركية تشعر «بقلق عميق» من التقارير عن سيطرة الجيش على السلطة في السودان، وهو ما يتعارض مع إرادة شعب البلاد. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، «نرفض إجراءات الجيش، وندعو إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والآخرين الذين وضعوا قيد الإقامة الجبرية». وأكدت الولايات المتحدة أن ما يحصل «غير مقبول على الإطلاق»، محذرة من أنها ستقطع المساعدات الأميركية عن السودان في حال نجح الانقلابيون. وفي تغريدة على «تويتر»، دعت السفارة الأميركية في الخرطوم، كل الأطراف التي تعطل الانتقال المدني في السودان للتنحي.
وأكد المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، الذي غادر السودان عشية وقوع الانقلاب، قلق واشنطن الشديد، وذلك بعد أيام من اجتماعاته مع المسؤولين في الخرطوم في محاولة لحل الأزمة المتفاقمة بين القادة المدنيين والعسكريين. وقال إن ما حدث من قبل الجيش «مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، ولذلك فإنه غير مقبول على الإطلاق». وحذر من أن «أي تغييرات في الحكومة الانتقالية بالقوة تعرض المساعدة الأميركية للخطر».
كما هدد السيناتور الديمقراطي كريس كونز، بقطع المساعدات الأميركية إلى السودان إن لم يتم «إعادة بسط سلطة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك الكاملة بشكل تام»، مذكراً بدوره كرئيس للجنة المخصصات المالية في مجلس الشيوخ التي توافق على إقرار المساعدات الخارجية، فغرد قائلاً: «لقد كافحت لتقديم مساعدات جديدة للسودان لدعم العملية الانتقالية في البلاد باتجاه الديمقراطية والحكم المدني التام. المساعدات ستتوقف إن لم تتم إعادة بسط سلطة الحكومة الانتقالية». كما قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي ميننديز، إن سيطرة الجيش على السلطة ستكون لها عواقب طويلة الأمد على العلاقات الأميركية السودانية.

الأمم المتحدة
ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالانقلاب الذي ينفذه قادة الجيش ضد الحكومة المدنية الانتقالية في السودان، داعياً العسكريين إلى إطلاق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك «على الفور». وأكد أنه «يجب أن يكون هناك احترام كامل للميثاق الدستوري من أجل حماية عملية الانتقال السياسي الذي تحقق بشق الأنفس»، معلناً أن «الأمم المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب شعب السودان».
وكذلك عبر الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثيس، عن «القلق البالغ» من «الانقلاب الجاري ومحاولات تقويض عملية الانتقال السياسي في السودان». وقال في بيان إن «الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة»، داعياً قوات الأمن إلى «الإطلاق الفوري للذين جرى اعتقالهم بشكل غير قانوني أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية».

الاتحاد الأوروبي
أدان الاتحاد الأوروبي اعتقال رئيس الوزراء السوداني حمدوك وأعضاء بمجلس الوزراء، وحث على إطلاق سراحهم فوراً بعدما حل قائد الجيش الحكومة الانتقالية. وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في بيان، «ندعو قوات الأمن للإفراج فوراً عن الذين تحتجزهم بصورة غير قانونية».

الاتحاد الأفريقي
قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، إنه يجب إطلاق سراح القادة السياسيين السودانيين واحترام حقوق الإنسان. وأضاف في بيان أن «رئيس المفوضية يدعو إلى الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين... رئيس المفوضية يؤكد مجدداً أن الحوار والتوافق هما السبيل الوحيد المناسب لإنقاذ البلاد وانتقالها الديمقراطي». وأعرب عن «استيائه العميق» من التطورات التي يشهدها السودان.

بريطانيا
قالت بريطانيا إن الانقلاب العسكري الذي وقع في السودان «خيانة غير مقبولة للشعب السوداني»، ودعت قوات الأمن السودانية إلى الإفراج عن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك. وقالت كل من فيكي فورد وزيرة شؤون أفريقيا البريطانية وروبرت فيرويذر المبعوث البريطاني الخاص للسودان، على «تويتر»، «ستتم محاسبة من لا يحترمون حق الاحتجاج دون خوف من العنف».

فرنسا
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على «تويتر»، «فرنسا تندد بقوة بمحاولة الانقلاب في السودان. أعبر عن تأييدي للحكومة الانتقالية في السودان، وأدعو إلى الإفراج فوراً عن رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة المدنيين».

ألمانيا
أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن أي انقلاب جديد في السودان «يجب إدانته على نحو واضح». ودعا المسؤولين في السودان إلى «استكمال عملية الانتقال السياسي السلمية في السودان نحو تحقيق الديمقراطية وإلى احترام إرادة الشعب السوداني». وأغلقت السفارة الألمانية في الخرطوم أبوابها مؤقتاً.

روسيا
وصفت وزارة الخارجية الروسية الأحداث التي يشهدها السودان بأنها دليل على أزمة حادة ناجمة عن اتباع «سياسة فاشلة على مدى عامين، حيث تجاهلت السلطات الانتقالية ورعاتها ومستشاروها الأجانب حالة اليأس والبؤس التي عانت منها الغالبية العظمى من السكان»، وأكدت ثقتها بقدرة شعب السودان على حل المشاكل الداخلية بنفسه.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.