اقتتال عنيف بين «تحرير الشام» و«أخواتها» شمال غربي سوريا

استخدام السلاح الثقيل في ريف إدلب وشرق اللاذقية

دخان يتصاعد من بناء غرب إدلب خلال تبادل قصف بين فصائل مقاتلة أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من بناء غرب إدلب خلال تبادل قصف بين فصائل مقاتلة أمس (الشرق الأوسط)
TT

اقتتال عنيف بين «تحرير الشام» و«أخواتها» شمال غربي سوريا

دخان يتصاعد من بناء غرب إدلب خلال تبادل قصف بين فصائل مقاتلة أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من بناء غرب إدلب خلال تبادل قصف بين فصائل مقاتلة أمس (الشرق الأوسط)

تشهد مناطق ريف اللاذقية الشرقي وغرب إدلب، شمال غربي سوريا، اشتباكات عنيفة بين «هيئة تحرير الشام»، وفصيل «جنود الشام» بقيادة «مسلم الشيشاني»، وفصيل «جند الله» بقيادة أبو فاطمة التركي، عقب فترة شهدت تبادل اتهامات وتوتراً بين الأطراف.
وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «اشتباكات عنيفة اندلعت صباح الاثنين 25 (أكتوبر) بين (هيئة تحرير الشام)؛ (جبهة النصرة سابقاً)، وفصائل (جنود الشام) و(جند الله) في منطقة اليمضية وجسر الشغور بريف إدلب الغربي، ومناطق التفاحية بجبل التركمان شرق محافظة اللاذقية، عقب إرسال (هيئة تحرير الشام) قوة عسكرية مدججة بأكثر من 100 آلية عسكرية وعربات مصفحة وسيارات مزودة بمدافع ورشاشات (23) إلى المنطقة، وقطع الطرق العامة وإقامة الحواجز ومحاصرة المناطق التي تنتشر فيها مقرات للفصائل».
وأضاف أنه «قُتل وجرح وأسر عدد من عناصر (هيئة تحرير الشام) في اشتباكات عنيفة مع مقاتلي فصيل (جند الله) الذي يتزعمه أبو فاطمة (تركي الجنسية) وأغلب عناصره أتراك، في منطقة جبل التركمان بريف اللاذقية الشرقي، فيما شهدت منطقتي جسر الشغور واليمضية بريف إدلب الغربي، اشتباكات عنيفة بين (هيئة تحرير الشام) وفصيل (جنود الشام) بقيادة مسلم الشيشاني، وسط أنباء عن وقوع قتلى في صفوف الطرفين».
وزاد أن «هجوم (هيئة تحرير الشام) على فصيلي (جنود الشام) و(جند الله) أتى عقب تبادل واسع للاتهامات بين الأطراف، ورفض الفصيلين الانصياع لمطالب (هيئة تحرير الشام) في تسليم قائمة من العناصر للقضاء بتهم أمنية وجنائية مختلفة»، فيما نفى زعيم فصيل «جنود الشام»، مسلم الشيشاني، «الاتهامات الموجهة له وللفصائل الجهادية الأجنبية الأخرى في المنطقة»، وعدّ قرار «قيادة (هيئة تحرير الشام) هدفه الرئيسي تفكيك الفصيل ومغادرته الأراضي السورية».
ونشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «قضية مسلم الشيشاني عادت إلى الواجهة من جديد، من خلال بثه تسجيلاً صوتياً اتهم فيه (هيئة تحرير الشام) بالكذب والخداع، في محاولة منها لتفكيك فصيله، بعد طلبها تسليم سلاحه ومغادرة إدلب في وقت سابق، وأبرز ما جاء في صوتية الشيشاني أنه لا يريد الدخول في إشكالات مع (المجاهدين) في (إشارة إلى عناصر هيئة تحرير الشام)، وأن الأخيرة تطالبه مراراً وتكراراً بمغادرة إدلب وتسليم سلاحه، بعد توجيه تهم باطلة له ولجماعته عن احتواء عناصر مجرمة من تنظيم (داعش)».
ودعا في التسجيل عناصر «هيئة تحرير الشام» إلى عدم تصديق قاداتهم حول الاتهامات الموجهة إليه، وأن «لا يقبلوا القتال ضد جماعته في حال طلب منهم»، مؤكداً أنه لن يرضخ لـ«مطالب (الهيئة)، وفي حال تعرض مقراته لهجوم على جبهات الساحل السوري فسيدافع عن نفسه ويموت بعزة على أن يموت ذليلاً في سجون (الهيئة) كما فعلت مع كثير من الذين سجنتهم وقتلتهم سابقاً». ولفت إلى أن «الهيئة تسعى للسيطرة على الساحة في إدلب بشكل كامل، وكل من لا يرضخ لها تقوم بتوجيه تهم باطلة له».
وكان تقي الدين عمر، وهو مسؤول التواصل والعلاقات الإعلامية في «هيئة تحرير الشام»، نشر في شهر يونيو (حزيران) الماضي بياناً إثر سجالات وتبادل للاتهامات بين الفصائل و«هيئة تحرير الشام»، قال فيه إن الأجهزة الأمنية التابعة لـ«الهيئة»، نجحت في «ضبط الأمن ومحاربة كل أنواع الجريمة على اختلافها، وأمام هذا التحدي لجأ بعض الجناة والمطلوبين إلى التستر والتخفي تحت أسماء مجاميع صغيرة للتغطية على جرائمهم»، بحسب البيان. وأشار البيان إلى أنه «طُلب من قادة هذه المجموعات التعاون لضبط المتجاوزين ومحاسبتهم أصولاً... إلا إن الأمر لم يواجَه بمسؤولية، ونُشرت إثره إشاعة مفادها إخراج المجموعة من إدلب»، لافتاً إلى أن «جبهات القتال مفتوحة للجميع»، بحسب تعبيره.
وكان مسلم الشيشاني قدم إلى سوريا عام 2013 وعمل على تشكيل فصيل «جنود الشام»، على أيدي مقاتلين أجانب أغلبهم من الشيشان.
وبسبب خبرته الكبيرة في التخطيط للمعارك في المناطق الجبلية الوعرة، اختار جبهات الساحل السوري، وقام بتشكيل فصيل قوامه نحو 300 مقاتل، مستقل تنظيمياً، وينسق عسكرياً مع باقي الفصائل من بينها «هيئة تحرير الشام» على جبهات القتال، ليتم تصنيفه عام 2014 من قبل وزارة الخارجية الأميركية على أنه جماعة إرهابية مسلحة في سوريا.
وشهدت المحافظات السورية الشمالية؛ حماة وإدلب وحلب، العديد من الخلافات بين «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى، بدأت مطلع عام 2014 بخلاف بينها وبين «جبهة ثوار سوريا» وفصائل أخرى من «الجيش الحر» و«حركة أحرار الشام الإسلامية»، وانتهت بحل العديد من الفصائل، وانفردت بحكم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، في إدلب وريفها ومناطق أخرى من أرياف حلب وحماة واللاذقية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.