مصر تعوّل على التعاون العربي المائي في مواجهة تحديات إقليمية

ضمن فعاليات «أسبوع القاهرة الرابع للمياه»

TT

مصر تعوّل على التعاون العربي المائي في مواجهة تحديات إقليمية

على هامش فعاليات أسبوع القاهرة الرابع للمياه، أجرى وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، سلسلة لقاءات وزارية عربية، بهدف تعزيز التعاون العربي في مواجهة تحديات تواجه المنطقة والعديد من الدول العربية فيما يتعلق بنقص الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية.
ويشارك في فعاليات الأسبوع، الذي افتتح أول من أمس، نحو ألف مشارك و300 متحدث دولي، و50 منظمة عاملة في مجال المياه، فضلاً عن الوفود الرسمية. وتتضمن الفعاليات تنظيم العديد من الجلسات رفيعة المستوى، منها «مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد المياه 2023»، والاجتماع المشترك لوزراء المياه والزراعة في الدول العربية، والاجتماع المشترك لكبار المسؤولين بوزارات المياه والزراعة لعدد من الدول العربية».
وعلى هامش الاجتماعات، التقى عبد العاطي، أمس، نظيره الأردني محمد النجار، حيث بحثا سبل تعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة التحديات المائية. وأكد الجانبان أهمية تحقيق أقصى درجات التعاون والتنسيق بين البلدين، لتحقيق أهداف البلدين في التنمية المستدامة، والوصول للإدارة المثلى للموارد المائية المحدودة في البلدين.
واستعرض النجار، وفق البيان المصري، جهود الحكومة الأردنية للحد من تحديات نقص المياه في الأردن وتنفيذ مشاريع مائية هامة، مشيداً بالجهود المصرية لإنجاح المؤتمر باعتباره أحد أهم المؤتمرات الدولية المعنية بقضايا المياه. كما عقد عبد العاطي، لقاءات ثنائية مع وزير المياه والطاقة اللبناني ونائب وزير المياه والبيئة والزراعة السعودي، لمناقشة الموقف المائي الإقليمي وسبل تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المائية التي تواجهها العديد من الدول العربية. وخلال لقائه وليد فياض وزير المياه والطاقة اللبناني، تم التباحث حول تعزيز التعاون بين البلدين، ومناقشة سبل تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في مجال الموارد المائية، والوصول إلى صياغة مشتركة لبرنامج عمل واضح بين الدولتين يعكس مجالات التعاون المنصوص عليها بمذكرة التفاهم وعلى رأسها الاستفادة من تجربة مصر الرائدة في مجال إعادة استخدام المياه.
كما تمت مناقشة تشكيل فريق فني من الجانبين لتحديد احتياجات الجانب اللبناني في مجال التدريب وبناء القدرات، وأشار عبد العاطي للإمكانيات العالية التي يمتلكها مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري التابع للوزارة، الذي يعد جهة معتمدة لدى اليونيسكو من الفئة الثانية كأحد المراكز المتميزة في تطبيق كل معايير الجودة العالمية في خطط التدريب والمواد العلمية المقدمة. كما التقى عبد العاطي عبد العزيز الشيباني نائب وزير المياه والبيئة والزراعة السعودي، حيث تم تأكيد العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وأشار عبد العاطي لزيارة الشيباني والوفد المرافق له للمركز القومي لبحوث المياه التابع للمياه، وأهمية دور المركز في إثراء المجالات البحثية المتعلقة بالمياه وتعظيم العائد من وحدة المياه.
من جهته، زار وزير الموارد المائية والري العراقي مهدي رشيد الحمداني، المركز القومي لبحوث المياه، أمس، كما زار مركز التدريب الإقليمي التابع لمعهد بحوث الهيدروليكا، الذي يدعم بناء وتنمية قدرات الباحثين والمتخصصين من أبناء دول حوض النيل. وضمن فعاليات اليوم الثاني لأسبوع القاهرة الرابع للمياه، عقدت جلسة، أمس، بعنوان «تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا النيل»، أكد خلالها وزير الموارد المائية محمد عبد العاطي أهمية مشروعات التأقلم مع التغيرات المناخية، مشيراً إلى مشروعات الحماية التي تنفذها الدولة المصرية. وقال إن التحدي الأكبر الذي يواجه تطبيق مشروعات التأقلم مع التغيرات المناخية هو توفير التمويل، مؤكداً ضرورة تعاون كل الدول لتوفير التمويل اللازم لتطبيق تلك المشروعات.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.