«سد النهضة»: السيسي يحذر إثيوبيا من إهدار الوقت

طالب بالتوصل إلى اتفاق قانوني «بلا مزيد من الإبطاء»

السيسي يفتتح الدورة الرابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (الرئاسة المصرية)
السيسي يفتتح الدورة الرابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (الرئاسة المصرية)
TT

«سد النهضة»: السيسي يحذر إثيوبيا من إهدار الوقت

السيسي يفتتح الدورة الرابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (الرئاسة المصرية)
السيسي يفتتح الدورة الرابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه» (الرئاسة المصرية)

حذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إثيوبيا من إهدار مزيد من الوقت بشأن مفاوضات «سد النهضة» المتعثرة، مشدداً على أن بلاده «تتطلع للتوصل في أقرب وقت -وبلا مزيد من الإبطاء- لاتفاقية متوازنة وملزمة قانوناً، اتساقاً مع بيان مجلس الأمن الدولي الأخير».
وافتتح السيسي أمس «أسبوع القاهرة الرابع للمياه»، متناولاً أزمة مصر المائية، ونزاعها مع إثيوبيا حول «سد النهضة» على نهر النيل الذي ينتظر أن يشغل حيزاً رئيسياً في جدول أعمال المؤتمر الممتد حتى 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بحضور 20 وفداً وزارياً دولياً، و44 وفداً وزارياً بشكل افتراضي عن بعد، فضلاً عن ممثلي 50 منظمة دولية وإقليمية.
وأكد الرئيس المصري، في كلمته، أن «الشعب المصري يتابع من كثب تطورات ملف (سد النهضة) الإثيوبي»، مشدداً على «تطلع مصر للتوصل في أقرب وقت -وبلا مزيد من الإبطاء- لاتفاقية متوازنة وملزمة قانوناً في هذا الشأن، اتساقاً مع البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) الماضي».
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا بشكل متقطع منذ 10 سنوات، دون نتيجة، على أمل الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة».
وسعى السيسي، أمس، إلى طمأنة إثيوبيا، مؤكداً أن الاتفاق الذي تدعو إليه مصر «من شأنه تحقيق أهداف إثيوبيا التنموية»، وأن بلاده «تتفهم هذه الأهداف وتدعمها، بما يحد في الوقت ذاته من الأضرار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذا السد على مصر والسودان، على أساس من احترام قواعد القانون الدولي، وعلى النحو الذي يكرس التعاون والتنسيق».
وأضاف في كلمة مسجلة، خلال «أسبوع القاهرة للمياه»، أن «حضارات شعوب وادي النيل أسهمت -ولا تزال تساهم- بدور رئيسي في صياغة التراث الإنساني وصناعة الفكر البشري على مر العصور». وقال السيسي إن «مصر تؤمن إيماناً راسخاً بأن دفع جهود التنمية يعد شرطاً أساسياً لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وإقامة نظام عالمي مستقر»، لافتاً إلى أن بلاده وضعت خطة استراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037، بتكلفة تقديرية مبدئية 50 مليار دولار، قد تتضاعف نتيجة لمعدلات التنفيذ الحالية.
وترتكز الخطة المصرية على 4 محاور رئيسية، بحسب السيسي، وهي «تحسين نوعية المياه، ومنها إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية، وتنمية موارد مائية جديدة، حيث شهدت الفترة الماضية اتجاهاً متنامياً لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر، وترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة، ورفع كفاءة منظومة الري المصرية، والتحول لنظم الري الحديثة، بغرض تحقيق أقصى استفادة ممكنة من مواردنا المائية المحدودة، وتهيئة البيئة المناسبة، بما يتماشى مع برامج العمل والمشروعات المائية، وذلك من خلال التطوير التشريعي والمؤسسي، وزيادة وعي المواطنين بأهمية ترشيد المياه، والحفاظ عليها من أشكال الهدر والتلوث كافة».
ولا يتجاوز نصيب الفرد من المياه في مصر 560 متراً مكعباً سنوياً، في الوقت الذي عرفت الأمم المتحدة الفقر المائي بأنه 1000 متر مكعب من المياه للفرد في السنة.
وأشار السيسي إلى أن مصر هي «أكثر الدول جفافاً في العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول، مما يؤدي للاعتماد بشكل شبه حصري على مياه نهر النيل التي تأتي من خارج الحدود، لذا تضع هذه المعادلة المائية الصعبة حالة مصر نموذجاً مبكراً لما يمكن أن يصبح عليه الوضع في كثير من بلدان العالم خلال المستقبل القريب».
وأوضح الرئيس المصري أن اختيار موضوع «أسبوع القاهرة للمياه» في دورته الرابعة، وهو «المياه والسكان والتغيرات العالمية - الفرص والتحديات»، يأتي في وقت يشهد فيه العالم تغيرات سريعة «تؤثر على الموارد المائية، وتجعل الإدارة المثلى لها عملية غاية في التعقيد».
ودعا السيسي إلى إعلاء قيم التكامل والمشاركة، وتفعيل قواعد العدالة والإنصاف، وعدم الإضرار بمصالح جيرانها. وأكد أن مصر «لن تدخر جهداً في دفع أجندة المياه في الأمم المتحدة والمحافل متعددة الأطراف، وتأمين حصولها على الاهتمام اللازم الذي يتسق مع قيمة المياه». وكان وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، قد صرح بأن «مصر جاهزة من الغد للعودة إلى المفاوضات الرامية لحل أزمة (سد النهضة) الإثيوبي»، لكنه طالب بوجود «ضمانات ومراقبين دوليين».
وأضاف، في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس، أن مصر ترحب بحضور إثيوبيا مؤتمر أسبوع القاهرة للمياه، لكنه أشار إلى أن القاهرة دعت أديس أبابا في المرات السابقة «دون استجابة من الأخيرة».
ووصف عبد العاطي نتائج البحث العلمي الخاصة بـ«سد النهضة» بأنها «مقلقة»، وذكر أن مصر تريد الاطمئنان إلى «عدم وجود أي خطر عليها».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.