المالكي يحاصر الصدر بـ«الإطار الوطني»

وسط تململ بين حلفائه في «التنسيقي» الشيعي

نوري المالكي -  مقتدى الصدر
نوري المالكي - مقتدى الصدر
TT

المالكي يحاصر الصدر بـ«الإطار الوطني»

نوري المالكي -  مقتدى الصدر
نوري المالكي - مقتدى الصدر

كشف مصدر سياسي مقرب من ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي (رئيس الوزراء الأسبق)، أن الأخير سوف يستضيف اليوم اجتماعاً للقوى الفائرة بالانتخابات باستثناء التيار الصدري. وطبقاً لمصدر مقرب من ائتلاف «دولة القانون»، وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الاجتماع الذي دعا إليه (ائتلاف دولة القانون) اليوم سوف تحضره جميع القوى الفائزة في الانتخابات، وليس فقط القوى الشيعية، ويهدف إلى تشكيل إطار وطني عام».
وأضاف المصدر أن «الهدف من الاجتماع هو مناقشة مستجدات الأوضاع السياسية، فضلاً عن تدارس الخيارات المطروحة أمام الكتل والقوى السياسية بهدف الخروج من المأزق الراهن الذي تمر به العملية السياسية».
ولم يوضح المصدر ما إذا كان الهدف من الاجتماع هو تشكيل إطار وطني عام بديل لـ«الإطار التنسيقي»، الذي يضم القوى الشيعية التي خسرت الانتخابات، لكنه في النهاية، طبقاً لما يراه المراقبون للشأن السياسي العراقي، خطوة أخرى لمحاصرة زعيم التيار الصدري الفائز بأعلى المقاعد. ورغم التحركات التي قام بها خلال الفترة التي تلت نتائج الانتخابات خصوم الصدر من أجل محاصرته عبر «الإطار التنسيقي»، الذي يضم القوى الشيعية فقط، فإن الصدر لم يستجب لكل الضغوط التي مورست ضده، بالإضافة إلى وجود مؤشرات على إمكانية أن يحصد مقاعد جديدة، سواء من قبل صدريين سابقين فازوا كمستقلين أو نواب مستقلين جدد.
ويربط المراقبون السياسيون بين اجتماع اليوم في منزل المالكي وبيان حزب «الدعوة» الداعي إلى الاحتكام إلى الدستور والقانون في معالجة مسألة الاحتجاجات وبين مستقبل الاحتجاجات «الحشدية» أمام بوابات المنطقة الخضراء. كان حزب «الدعوة» الذي يتزعمه المالكي دعا إلى الاحتكام إلى الدستور والقانون في كل القضايا، بما فيها نتائج الانتخابات. وقال الحزب في بيان أمس، إن «العراق وفي هذا المقطع الزمني المعقد يحتاج إلى قيادة واعية وحكومة رشيدة تقدم خدمات للشعب، كل الشعب، دون هيمنة أو استئثار لفئة دون أخرى وتغليب مصالح ضيقة على الصالح العام، ودون تسلط مجموعة على رقاب الناس وتحكمهم بهم ومصادرة وقمع حرياتهم التي حصلوا عليها بالتضحيات الكبيرة».
ودعا البيان إلى ضرورة «الاحتكام إلى الدستور والقانون في كل القضايا، منها الاعتراض على الانتخابات، كما أنه يدعو إلى مراجعة الأخطاء والثغرات التي يمكن من خلالها مصادرة أصوات المواطنين، سواء كان ذلك عبر التقنيات، أم من خلال سلوكيات شائنة على الأرض، وإن منهجه هو الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بعد سقوط الطاغية، وهو لن يتخلى عن جماهيره التي وثقت به وصوتت له في الانتخابات الأخيرة».    
وفيما تستمر الاعتصامات أمام بوابات المنطقة الخضراء احتجاجاً على نتائج الانتخابات، فإن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي الداعم بقوة لإجراءات الحكومة العراقية ومفوضية الانتخابات أفرغ جانباً كبيراً من أهداف الاحتجاجات من محتواها. وفي هذا السياق، أعرب مقتدى الصدر عن أمله بأن يسهم تأييد مجلس الأمن للانتخابات العراقية في إذعان الأطراف الرافضة لنتائجها. وقال الصدر في تغريدة على «تويتر»، إن «تأييد مجلس الأمن لنتائج الانتخابات العراقية وتبني نزاهتها بل القول بأنها فاقت سابقاتها فنياً يعكس صورة جميلة عن الديمقراطية العراقية من جهة، ويعطي الأمل لإذعان الأطراف التي تدعي التزوير في تلك العملية الديمقراطية من جهة أخرى».
وأضاف الصدر أن «جر البلد إلى الفوضى وزعزعة السلم الأهلي بسبب عدم قناعتهم بنتائجهم الانتخابية لهو أمر معيب يزيد من تعقيد المشهد السياسي والوضع الأمني، بل يعطي تصوراً سلبياً عنهم، وهذا ما لا ينبغي تزايده وتكراره». وتابع الصدر: «من هنا فإنه لا ينبغي الضغط على مفوضية الانتخابات المستقلة، أو بعمل القضاء والمحكمة الاتحادية أو التدخل بعملها، بل لا بد من خلق أجواء هادئة لتتم المفوضية إجراءاتها بما يخص الطعون أو ما شاكل ذلك».



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.