«حزب الله» يربط استقرار الوضع السياسي في لبنان بتنحي المحقق العدلي

لا مؤشرات حاسمة على اجتماع الحكومة قبل معالجة أزمة البيطار

مسلح يطلق النار خلال الاشتباكات في منطقة الطيونة الأسبوع الماضي فيما يسعف آخرون أحد الجرحى (أ.ب)
مسلح يطلق النار خلال الاشتباكات في منطقة الطيونة الأسبوع الماضي فيما يسعف آخرون أحد الجرحى (أ.ب)
TT

«حزب الله» يربط استقرار الوضع السياسي في لبنان بتنحي المحقق العدلي

مسلح يطلق النار خلال الاشتباكات في منطقة الطيونة الأسبوع الماضي فيما يسعف آخرون أحد الجرحى (أ.ب)
مسلح يطلق النار خلال الاشتباكات في منطقة الطيونة الأسبوع الماضي فيما يسعف آخرون أحد الجرحى (أ.ب)

ربط «حزب الله»، أمس، استقرار الوضع السياسي في لبنان، بتنحي المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، إذ وصفه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، بأنه «بات مشكلة حقيقية في لبنان»، بموازاة هجوم الحزب المستمر على «القوات اللبنانية» على خلفية أحداث الطيونة في الأسبوع الماضي.
يأتي ذلك في ظل انغلاق الأفق السياسي الذي عطل اجتماع الحكومة منذ عشرة أيام. وقالت مصادر نيابية مواكبة لعمل الحكومة، إنه «لا مؤشرات حاسمة بعد على اجتماع الحكومة في القريب العاجل، كونه لم تتبلور بعد أي صيغة حل للأزمة التي أدت إلى عدم اجتماعها»، في إشارة إلى الانقسام على إجراءات القاضي البيطار، والخلاف حول بقائه في منصبه، من غير أن تنفي أن هناك اتصالات متواصلة بين المعنيين لحل الأزمة.
وصعد «حزب الله» من لهجته باتجاه البيطار، إذ قال نائب أمينه العام في احتفال طلابي إن القاضي طارق البيطار «تحول إلى مشكلة حقيقية في لبنان»، مضيفاً: «أردنا أن يكون هناك محقق حقيقي من أجل أن يكشف ما الذي حصل في مرفأ بيروت، من أجل أن يحقق العدالة في كل الأدلة».
وتابع قاسم: «لم يعد مأموناً على العدالة، وهو يستنسب ويسيس التحقيقات بطريقة مكشوفة ومفضوحة، وآخر ما سمعنا أن أهالي الضحايا أصبحوا يرتابون منه، وأنه بسببه كادت تحصل فتنة كبيرة في الطيونة، وفي المنطقة». وسأل قاسم: «ما هذا المحقق الذي جاءنا بالمشاكل والمصائب، ولا أمل منه بأن يحقق العدالة؟»، مضيفاً: «الأفضل أن يرحل من أجل أن يستقر الوضع، ومن أجل أن يحصل الناس على عدالة موصوفة لمعرفة الحقائق».
وواصل قاسم مهاجمة حزب «القوات اللبنانية» على خلفية أحداث الطيونة التي أسفرت عن مقتل 7 أشخاص في الأسبوع الماضي. واتهم «القوات» بأنها «كانت مستعدة بدليل القنص الذي افتتحت به عدوانها على المسيرة السلمية التي كانت تريد أن تعترض على المحقق العدلي». وأضاف: «نحن أيضاً نجحنا في هذه المواجهة، لأننا وأدنا الفتنة في مهدها بالصبر والحكمة، مع العلم أننا سنتابع التحقيق ونتائجه والاقتصاص من المرتكبين بحسب النظام اللبناني المعتمد لنضع في نهاية المطاف حداً لأولئك الذين يعبثون بحياة الناس».
بدوره، دعا عضو كتلة الحزب النيابية النائب علي فياض، الدولة والحكومة والقضاء والأجهزة الأمنية، إلى «وضع يدها على ملف قضية جريمة الطيونة». وقال خلال لقاء سياسي: «نريد معرفة من أمر بهذه الجريمة ومن ارتكبها، ومن يتحمل المسؤولية، فعلى الجاني أن ينال العقاب». وشدد على «ضرورة وضع هذا الملف في يد القضاء والأجهزة الأمنية، وعلى المسؤول أن يتحمل مسؤوليته والجاني أن يعاقب على فعلته».
ويتوجس حزب «القوات» في المقابل من استخدام القضاء لاستهدافه سياسياً، وقال أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم، «العودة إلى استخدام النظام الأمني لإخضاع المعارضين مرفوضة وسيسقطها الشعب، ومحاولات حرف الأنظار عن جريمة انفجار المرفأ لهروب أفرقاء محور (حزب الله) من مسؤوليتهم لن تمر، والتعدي على اللبنانيين وتلفيق الأكاذيب وشوق البعض للعودة إلى (الزمن العضومي) (نسبة إلى مدعي عام التمييز السابق عدنان عضوم) سيجرهم إلى المحاسبة».
ويرى البعض أن هناك ضغوطاً تُمارس على القضاء، وهو ما عبر عنه الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، حيث حذر من «خطورة الكيل بمكيالين من خلال الضغط السياسي الهائل الذي يمارس على الجسم القضائي في تفجير المرفأ، وأخيراً في حادثة الطيونة المؤسفة، التي أتت كاستكمال لمحاولة تمييع التحقيق في تفجير مرفأ بيروت».
وفي المقابل، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، في تصريح، أن «بعض المواقف تحاول تحريف قضية مجزرة الطيونة عن حقيقتها ورمي التهم جزافاً، بهدف طمس الحقيقة، بل قلبها لخدمة أهداف سياسية وبناء شعبوية على حساب دماء الأبرياء».
وقال: «أما وأن القضية أخذت مسارها في التحقيق والتدقيق، فلتترك الجهات المختصة تقوم بواجبها بعيداً من محاولات التهويل السياسي، وإنزال أشد العقوبات بكل مرتكب أكان معتدياً أو محرضاً أو داعماً، وأياً كان موقعه ودوره السياسي، ولا يمكن أن تذهب القضية في بازار سياسي يحاول بعض المحرضين أقله الاستمرار في اعتماد لغة التحريض والإثارة لتمرير سياستهم خدمة لمشاريع وارتباطاً ببعض الخارج والاستثمار عليها».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».