دراسة: الزلازل تعزز نمو الأشجار

الاكتشاف الجديد يسهم في تأريخ الزلازل القديمة بصورة أدق (أرشيفية - أ.ف.ب)
الاكتشاف الجديد يسهم في تأريخ الزلازل القديمة بصورة أدق (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

دراسة: الزلازل تعزز نمو الأشجار

الاكتشاف الجديد يسهم في تأريخ الزلازل القديمة بصورة أدق (أرشيفية - أ.ف.ب)
الاكتشاف الجديد يسهم في تأريخ الزلازل القديمة بصورة أدق (أرشيفية - أ.ف.ب)

أظهرت دراسة جديدة أن الزلازل القوية يمكن أن تساعد الأشجار على النمو عن طريق دفع المياه الزائدة إلى التربة المحيطة لجذورها. ويمكن استخدام طفرات النمو العابرة أيضاً لاكتشاف الزلازل القديمة وتأريخها بشكل أفضل، حسبما أفاد موقع «ساينس».
وقالت إيرينا بانيوشكينا، خبيرة حلقات الأشجار بجامعة أريزونا التي لم تشارك في الدراسة: «هذا حقاً اكتشاف مهم لمعرفة (توقيت الزلازل) بمقياس أكثر دقة».
وأشار موقع «ساينس» إلى أن عالم الهيدرولوجيا بجامعة بوتسدام، كريستيان موهر، لم يجد صلة بين الزلازل ونمو الأشجار. لكن بحثه أخذ منعطفاً بعد زلزال «مولي» الذي بلغت قوته 8.8 ريختر في تشيلي في عام 2010.
فعندما عاد موهر وزملاؤه إلى أحد وديان الأنهار بعد الزلزال، وجدوا أن الجداول هناك تتدفق بشكل أسرع.
يشتبه موهر في أن زلزال «مولي» قد هز التربة وجعلها أكثر نفاذاً، ما سمح للمياه الجوفية بالتدفق بسهولة أكبر من التلال إلى الوديان. وبدا من الطبيعي أن الزلازل قد تساعد أيضاً في نمو أشجار الوادي على حساب تلك الموجودة على منحدرات التلال.
ولمعرفة ما إذا كان هذا يحدث أم لا، حفر موهر وزملاؤه عشرين سدادة من الخشب من جذوع 6 أشجار صنوبر في مونتيري، تنمو على طول أرضيات الوادي وخطوط التلال في مزرعتين في نطاق الساحل التشيلي. كان كل قابس أرق من القلم الرصاص، وعند العودة إلى المختبر في ألمانيا، وضعوا أقساماً رفيعة من النوى تحت المجهر وتتبعوا كيف تغير حجم وشكل الخلايا داخل حلقات الأشجار بسبب توافر المزيد من المياه.
قام الباحثون أيضاً بقياس كيفية تغير نسبة نظائر الكربون الثقيلة إلى الخفيفة في هذه الخلايا.
ووجدوا أن الأشجار امتصت كمية من الكربون - 12 أكثر من الكربون - 13 أثناء عملية التمثيل الضوئي، لذا فإن التغيير في النسبة يمكن أن يشير إلى طفرة في النمو الضوئي.
ووجدوا أن الأشجار الموجودة في قاع الوادي شهدت طفرة نمو بطيئة ولكنها ملحوظة استمرت من أسابيع إلى شهور بعد زلزال مولي – مشابه للنمو الذي تسببه العواصف والأمطار الغزيرة. وكما كان متوقعاً، نمت الأشجار على التلال بشكل أبطأ بعد الزلزال، حسبما أفادوا الشهر الماضي في مجلة «Geophysical Research Biogeosciences».
قالت بانيوشكينا: «إنه يمكن استخدام هذه التقنية لتحديد الزلازل والأحداث الأخرى التي تسبب تأثيرات نمو قصيرة المدى، نظراً لأن حلقات الأشجار تعكس متوسط النمو على مدار كل عام، فإن الدراسات التي تستخدمها لتحديد الزلازل والانفجارات البركانية وأمواج تسونامي يمكنها فقط تأريخ الأحداث إلى أقرب عام، في أحسن الأحوال، من خلال الجمع بين القياسات على مستوى الخلية وبيانات نظائر الكربون».
لذا تمكن موهر وزملاؤه من تحديد زلزال مولي في غضون شهر واحد من وقت حدوثه.
وأضافت بانيوشكينا: «إن هذه الطريقة يمكن أن تساعد العلماء أيضاً في النظر إلى الماضي».
وتتوقع بانيوشكينا أن هذه الطريقة قد تساعد الباحثين يوماً ما على تحديد الاضطرابات قصيرة المدى مثل الزلازل التي حدثت منذ آلاف السنين. وتقول إن إعادة بناء سجل أكثر دقة للزلازل القديمة والأحداث الأخرى التي تؤثر على المياه الجوفية ستكون «مهمة للأغراض الجيولوجية، وللمجتمع».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.