اعتذار سويدي أنهى أزمة 16 يوما مع الرياض

تدخل ملك السويد وسعي رئيس الحكومة لتوضيح موقفه ساهم في قرار إعادة السفير السعودي إلى استوكهولم

اعتذار سويدي أنهى أزمة 16 يوما مع الرياض
TT

اعتذار سويدي أنهى أزمة 16 يوما مع الرياض

اعتذار سويدي أنهى أزمة 16 يوما مع الرياض

أثمرت جهود اللحظات الأخيرة التي سعت فيها السويد إلى استعادة علاقاتها الطبيعية مع السعودية بكل السبل والوسائل المتاحة والاستثنائية، في إعادة المياه إلى مجاريها بين الرياض واستوكهولم لتنهي أزمة 16 يوما زلزلت أركان العلاقات الثنائية. تدخل ملك السويد غوستاف السادس عشر ورئيس وزرائه، في الأزمة بإرسالهما مندوبا رفيع المستوى يمثل الدولة والحكومة الائتلافية إلى الرياض، لتدارك الظروف غير الطبيعية التي سادت بين البلدين في الفترة الأخيرة، وقد تكللت الزيارة والرسائل التي حملها إلى القيادة السعودية، بنتائج إيجابية قررت بعدها الرياض وفي ضوئها إعادة سفيرها المعتمد إلى العاصمة السويدية وإتاحة الفرصة مجددا لاستمرار العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين.

كان واضحا خلال أسابيع، التوتر الشديد داخل المؤسسات الرسمية والدستورية السويدية طوال أيام الأزمة، وذلك من خلال تضارب التصريحات وسط عجز حكومي عن أية مبادرة للحل، كما أسهمت وسائل الإعلام السويدية المرئية والمقروءة ومواقع الرأي والصحف المتخصصة بالقضايا التجارية والصناعية في الحوار المفتوح حول الأزمة ونتائجها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السويدي وذلك إثر التصريحات التي تعرضت فيها وزيرة الخارجية مارغوت فالستروم للقضاء السعودي والنظم الاجتماعية السائدة خارج الأطر الدبلوماسية المعهودة والتي اعتبرت السعودية فيها تلك التصريحات مسيئة وغير ودّية.
وكانت التسريبات التي أحاطت بجهود الملك السويدي خلال فترة الأزمة تشير إلى اتصالاته الشخصية بعدد من الاستشاريين والخبراء العرب والسويديين لتدارك الأزمة وإيجاد الحلول الضرورية لها، حيث اختار الملك أخيرا إرسال شخصية رفيعة المستوى ممثلة في وزير الدفاع السويدي السابق البارون بيورن فون سيدو ممثلا فوق العادة يحمل رسالة الملك الشخصية ورسالة رئيس الحكومة استيفان لوفين تتضمن اعتذار الحكومة وتوضيحا من لوفين لموقف حكومته الإيجابي من الإسلام، مشيرا إلى أن السعودية تبذل كل جهد للحفاظ على قيم الإسلام الرفيعة والسمحة.
وقد أبدت المملكة العربية السعودية خلال استقبال خادم الحرمين الشريفين لمندوب الملك السويدي تفهما واضحا لموقف الحكومة السويدية الساعي إلى توضيح ملابسات الأزمة الدبلوماسية بين البلدين كما اتضحت مواقف المملكة أيضا خلال استقبال الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي للموفد السويدي خلال جلسة مباحثات تمهيدية أوضح من خلالها مبعوث ملك السويد رغبة السويد باستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين.
وكانت الأزمة الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والسويد، قد نشبت إثر تصريحات مسيئة للوزيرة السويدية، فالستروم حينما تحدثت في جلسة برلمانية مفتوحة يوم السادس من مارس (آذار) الماضي، طالبة عدم تجديد الاتفاق الثنائي مع السعودية وبخاصة الجوانب المتعلقة بالصناعة والإنتاج المشترك، كما تعرضت للنظم القضائية في المملكة بشكل كشف عن تفاوت في الفهم للخصوصية الثقافية والقانونية وقيم المجتمع في السعودية. لكن تداعيات الأزمة حدثت في التاسع من مارس، بمنعها من التحدث في الجامعة العربية، ثم تلا ذلك سحب الرياض لسفيرها المعتمد لدى السويد يوم 11 مارس، ثم قرار الرياض إيقاف منح وتأشيرات الدخول لرجال الأعمال السويديين، مما أضر بالمصالح السويدية التجارية والتي تبلغ وارداتها السنوية من السعودية قرابة 13 مليار دولار سنويا، ومن ثم إعلان السعودية أنها «تأمل ألا تضطر إلى إجراء مراجعة لجدوى الاستمرار في العديد من أوجه العلاقات التي تربطها» مع السويد. قبل أن تنتهي فصول الأزمة بقرار إعادة السفير السعودي في 26 مارس.
وكشفت تطورات الأزمة جوانب مثيرة للاهتمام في تداعياتها السياسية والاقتصادية داخل السويد وعلى مستوى رجال الأعمال والأوساط الدبلوماسية خصوصا. وكانت مجموعة من الشركات السويدية الكبرى العاملة في السعودية قد أصدرت بيانا عارضت فيه تصريحات وزيرة الخارجية كما طالبت تلك الشركات الحكومة السويدية بتجديد الاتفاقية الثنائية بين البلدين.
وشهدت استوكهولم تحركات داخلية بين وزارتي الخارجية والصناعة ومجموعة الشركات الصناعية الكبرى العاملة في السعودية، وتشكلت مجموعة لإدارة الأزمة في وزارة الصناعة مثلما شكل تجمع الشركات الكبرى النافذة مجموعة اتصال من أجل تسهيل عملية التواصل مع الأطراف الرسمية السعودية.
كما شهدت أروقة وسائل الإعلام ومعاهد الدراسات والبحوث المتخصصة بالسياسة الخارجية نشاطا مكثفا، شارك فيه صحافيون وخبراء ودبلوماسيون وأكاديميون سويديون متخصصون، تحدثوا عن الأزمة التي أضفت توترا غير مسبوق على العلاقات بين السويد والسعودية.
وقد أشار كثيرون إلى العلاقات التاريخية التي أسست ثوابت التعامل والعمل المشتركين. ومع تعدد الأصوات التي ناقشت الأزمة والأصوات الداعية إلى تطبيع العلاقات ظهرت أصوات منصفة حاولت أيضا أن تضع الحوارات والآراء في حالة من التوازن الضروري وبخاصة الدكتورة ماريانا لاناتزا الأستاذة في جامعة لوند المتخصصة بشؤون دول الشرق الأوسط والعلاقات السياسية التي شاركت في الحوارات حين كتبت دراسة في هذا الشأن وكتبت تقول: «نحن هنا في السويد نطلق أحكاما ونحدد شكل علاقاتنا بالآخر بينما الآخر غائب يتلقى أحكامنا المسبقة. إن غياب الصوت السعودي الذي يمثل موقف الطرف الآخر في الحوار هو الذي يجعل قراءاتنا وأفكارنا مسبقة وربما مرتجلة وبخاصة حين تتم الدعوة لإيقاف اتفاقيات مشتركة أو وصف قوانين وإجراءات الآخر بأنها مدعاة للنقد وإني أرى أن مواقفنا وآراءنا في غياب الطرف الآخر غير محقة».
وكانت الدكتورة ماريانا لانتزا قد تحدثت عن التحولات الكبيرة في السعودية ومسيرة الإصلاح والتنمية في مجالات التعليم والتشريعات وبناء الجامعات وإشراك المرأة في المؤسسات التشريعية والتعليم حتى بلغت النسبة التي تمثلها المرأة في التعليم نسبة 30 في المائة من المشمولين بالتعليم في السعودية وطالبت الباحثة والأستاذة الأكاديمية بأن تمنح فرصة أوسع في الحوارات مع الآخرين قبل أن يتخذ أي قرار مرتجل.
وفي نفس السياق كتب الدكتور محمود الآغا رئيس تحرير جريدة «الكومبس» الصادرة في استوكهولم ونشرت أيضا على موقع الجريدة افتتاحية بعنوان «الأزمة بين السويد والسعودية أزمة في ثقافة معرفة الآخر»، يقول فيها: «التعرف على ثقافة الآخر وتفهم خصوصياته الاجتماعية والفكرية، من خلال الاطلاع على الحقائق التاريخية ومتابعة ما ينتجه حاليا ضمن المجالات الأدبية والفكرية والفنية وغيرها، يسهل ويساعد على تقوية بقية الجوانب ذات الطابع الاقتصادي ويضمن استمرارية العلاقات السياسية المبنية على الاحترام المتبادل. ومع أن الخلاف بين السعودية والسويد الذي بدأ يتسع ويكبر بعد أن تدحرجت عجلته ككرة الثلج، هو خلاف بين حكومتين لدولتين مستقلتين، فإن له أيضا جوانب قد تمتد إلى طبيعة الاختلاف بين الثقافات».
وتابع الكاتب يقول: «الاختلاف، وهو شيء واقعي، بل ضروري ومنطقي في الطبيعة البشرية، ظهر بين البلدين حول تفسير مفاهيم عديدة منها، الرأي السويدي في القضاء في السعودية وطريقة تنفيذ الأحكام فيها. هذا الانتقاد وصفته الرياض بالتدخل السافر بالشأن الداخلي، واعتبرت ربط هذا (التدخل) بمسائل حقوق الإنسان أكثر من تصريح (ساذج) لوزيرة تماهت بين مسؤوليات منصبها السياسي الحالي ومبادئ موقعها كناشطة نسوية في السابق».
من جهته، قدم الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ودول الخليج والسعودية ثورد يانسون من جامعة يوتبرغ تحليلا مميزا للغة الخطاب التي عالجت بها وسائل الإعلام السعودية أزمة الخلاف بين السويد والسعودية في مقالة تعيد قراءة الافتتاحيات والمقالات المتخصصة التي نشرتها الصحف اليومية الصادرة في الرياض.
وقال كاتب المقالة ثورد يانسون: «بعد قراءة متفحصة لما تنشره وسائل الإعلام السعودية لاحظت نبرة هادئة ومعتدلة في خطاب الصحافة السعودية اليومية التي تصدر في الرياض، خلال المقالات التي تنشرها الصحافة حول الأزمة الدبلوماسية ورأيت أن الاعتدال في لغة الصحافة اليومية السعودية التي تحدثت عن عمق العلاقة بين البلدين وعن إمكانيات حل إشكالات الأزمة عبر الحوار بين البلدين لا يأتي من مجرد تعبير عن تمنيات الصحافيين والكتاب، بل هي صورة لأجواء العلاقات الخارجية التي تشيعها الدبلوماسية الهادئة إزاء المشكلة والمشاكل المشابهة التي اختطتها وزارة الخارجية السعودية لزمن طويل».
وتحدث لـ«الشرق الأوسط» الخبير العسكري والسياسي السويدي ستيلان بويرود الذي سبق أن عمل ميدانيا مراسلا ومحللا مع راديو السويد خلال حرب الخليج عام 1991 السابقة قائلا: «كنت دائما أشير على الحكومة السويدية في حواراتي ومقالاتي إلى ضرورة الاستماع إلى الرأي السعودي قبل اتخاذ أي قرار يبدو وكأنه من طرف موجه إلى طرف آخر شريك دون درايته أو حضوره. وكنت قد أكدت بعد تطور الأحداث في اليمن ودور السعودية القيادي فيه إلى أن هناك 3 حقائق لا تستطيع التداعيات الإقليمية في المنطقة إخفاءها وهي، القلق الدولي على التوازنات السياسية، وتدفق النفط من الدول المصدرة إلى أوروبا وأميركا وكندا، واستمرار التجارة الدولية عبر الممرات البحرية، باب المندب والخليج وقناة السويس. وهذه الممرات هي رمز من رموز التفاهمات التاريخية الأساسية بين دول العالم حول العلاقات والمصالح والاحترام المتبادل للاتفاقات والتعاون المشترك. وأن أي تهديد لهذه الدلالة الرمزية للتفاهم الدولي إنما يعني تخريب أسس العلاقات الدولية واستقلالها. وأجد أن القرار السعودي بإعادة العلاقات السويدية السعودية إلى سياقها الطبيعي قرار حكيم».
وخلال الأزمة سعت الأحزاب المنضوية تحت خيمة تحالف يمين الوسط السويدي المعارض (وهي حزب الشعب والحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الوسط والحزب الأكبر حزب المحافظين) إلى توخي الحذر في معالجة القضايا الثنائية مع دول العالم واعتبروا النموذج الذي عكسه قرار إيقاف الاتفاق الثنائي مع السعودية بأنه قرار من طرف واحد يجعل مصداقية السويد ووضوح خطابها بعيدا عن متطلبات إدامة الحوار مع الشركاء الدوليين مهما بلغت الاختلافات في الرأي والمواقف.
وقد تحدثت إلى «الشرق الأوسط» رئيسة كتلة المعارضة في البرلمان جيسكا بولفييرد، ردا على سؤال حول رؤيتها للقرار السعودي بإعادة السفير المعتمد إلى استوكهولم وإتاحة الفرصة لمراجعة إيجابية للعلاقات الثنائية، وقالت: «لا شك أنني أجد أن تلك بادرة مهمة في علاقاتنا الثنائية وكنا مجموعة قد أشرنا إلى استدعاء وزيرة الخارجية السويدية للمثول أمام البرلمان لكي نوضح نقدنا لما سببته تصريحاتها من إرباك للسياسة السويدية القائمة على التعاون المشترك وأكدنا أن احترام الخصوصية على الحفاظ بين ما يقال بين الشركاء خلف أبواب مغلقة أو في العلن من أجل احترام الطبيعة الحساسة للعلاقات الثنائية وعواملها الداخلية وعناصرها المضافة.. وأجد أن عودة العلاقات الطبيعية بين السويد والسعودية هو نتيجة منطقية لجهود مشتركة داخل البرلمان وخارجه من أجل تصحيح الأخطاء وإعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين السويد والسعودية».
ويبدو أن تداعيات الأزمة السياسية الداخلية جراء إيقاف الحكومة الاتفاقية الثنائية وتصريحات وزيرة الخارجية السويدية التي أحرجت السويد مع الرياض والقرارات الأخرى التي اتخذتها حكومة الأقلية البرلمانية الحاكمة من تحالف الحمر والخضر لا تزال مستمرة على الرغم من الجوانب الإيجابية التي انطوى عليها القرار السعودي بإعادة العلاقات الدبلوماسية وعودة السفير السعودي المعتمد إلى العاصمة السويدية استوكهولم واستئناف النشاط التجاري والاقتصادي المشترك بين البلدين، فقد أظهرت الأحداث طبيعة الانقسام العميق والواضح بين القوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع السويدي. حيث كشفت وسائل الإعلام السويدية بعد استعراض العناصر الإيجابية في إعادة العلاقات بين البلدين، عن وجود استياء متزايد داخل حزب المحافظين وبعض أحزاب يمين الوسط المؤتلفة معه كمجموعة للأغلبية البرلمانية المعارضة عن رغبتها في فك تفاهمات أحزاب الأغلبية التي أنقذت الحكومة الحالية من السقوط في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2014. وكان ذلك قد حدث على خلفية التصويت ضد مشروع الميزانية الذي تقدمت به حكومة الاشتراكيين وحزب البيئة ذات الأقلية البرلمانية والذي عرض على الحكومة خيار الاستقالة وإجراء انتخابات تكميلية في 22 مارس 2015 ولكن مشروع التسوية الذي تقدمت به كتلة المعارضة من أجل إنقاذ البلاد من فوضى سياسية تتيح ربما للحزب العنصري فرصا لتسلق سلم الصعود وتوسيع نفوذه البرلماني إلى الاتفاق مع الحكومة الحالية على إدارة البلاد باعتماد مشروع ميزانية الظل التي اعتمدها البرلمان بالأغلبية حيث نظم الاتفاق العلاقة بين أحزاب تحالف يمين الوسط المعارض وحزبي الحكومة المؤلفة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والبيئة. وأوضحت رئيسة كتلة المحافظين البرلمانية عن تزايد الرغبة في فك تلك التفاهمات مع أحزاب حكومة الأقلية مما يعرضها للسقوط والعودة إلى إجراء انتخابات تكميلية تكون خلالها هذه الحكومة حكومة تسيير أعمال، لأن اتفاق ديسمبر والتسوية بين الحكومة والأحزاب المعارضة، قد أضرا بحزب المحافظين.

أيام الأزمة بين السويد والسعودية

* 6 مارس 2015: وزيرة الخارجية السويدية تضمنت كلمتها في جلسة البرلمان السويدي تصريحات ضد القضاء السعودي والدعوة إلى إيقاف اتفاقية التعاون المشترك.
* 7 مارس: إصدار الشركات السويدية الكبرى المعروفة بمجموعة الثلاثين بيانا يعترضون فيه على التصريحات غير الدبلوماسية لوزيرة الخارجية ويطالبون الحكومة بتجديد الاتفاقية مع السعودية مدة 5 سنوات أخرى من أجل استكمال المشاريع والاتفاقات بين البلدين.
* 9 مارس 2015: الوزيرة ضيفة شرف على مجلس الجامعة العربية لكنها تبلغ برغبة المندوبين الممثلين للجامعة العربية بإلغاء الفقرة الخاصة بإلقاء خطابها.
* 10 مارس: إعلان الحكومة السويدية إلغاء اتفاقية التعاون المشترك بين السويد والسعودية من طرف واحد.
* 11 مارس: السعودية تستدعي سفيرها المعتمد السيد إبراهيم بن سعد الإبراهيم.
* 12 مارس: موجة اعتراضات رجال الأعمال السويديين واجتماعات متواصلة مع المسؤولين ومع رئيس الحكومة.
* 13 مارس: رئيسة كتلة الأغلبية المعارضة تقدم بلاغا برلمانيا تطلب فيه حضور وزيرة الخارجية لجلسة استجواب جراء الارتباك الذي تسببت فيه للسياسة الخارجية السويدية.
* 14 - 16 مارس: السفراء العرب المعتمدون في السويد يبلغون وزارة الخارجية السويدية اعتراضهم على تصريحات وزيرة الخارجية التي تسببت في الأزمة.
* 17 مارس: بلغ عدد الدول العربية والإسلامية التي اعترضت على تصريحات وزيرة الخارجية السويدية 60 دولة.
* 18 مارس: دولة الإمارات العربية تستدعي سفيرها السيد سلطان راشد الكيتوب النعيمي المعتمد في السويد.
* 19 مارس: الحكومة السعودية توقف منح تأشيرات الدخول لرجال الأعمال السويديين.
* 20 مارس: مثول وزيرة الخارجية أمام جلسة استجواب في البرلمان قالت فيها إن السعودية دولة محورية مهمة ودولة مانحة في إطار مواجهة الإرهاب واجتماع موسع لرجال الأعمال مع وزير الصناعة السويدي بحضور وزيرة الخارجية وتشكيل مجموعة لإدارة الأزمة.
* 21 مارس: ملك السويد يعرض على الحكومة المساعدة في حل الأزمة مع السعودية.
* 23 مارس: ملك السويد يلتقي مع وزيرة الخارجية في قلعة استوكهولم للبحث عن حلول للأزمة.
* 24 مارس: وزير خارجية السويد السابق يعلن عن خسارة السويد للآلاف من فرص العمل بسبب إيقاف اتفاقية العمل المشترك مع السعودية.
* 25 مارس: استمرار التنديدات العربية والدول الإسلامية والصديقة.
* 26 مارس: استقبال خادم الحرمين الشريفين لمندوب ملك السويد وتسلمه رسالتين من ملك السويد ورئيس الحكومة السويدية الذي استقبله وزير الدفاع مستشار الملك، من قبل، وقرار المملكة بعودة سفيرها إلى استوكهولم ووضع الأسس لمراجعة إيجابية للعلاقة ووضع حد للأزمة.



بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها
TT

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية الحبيسة، بفضل نموذجها الديمقراطي النادر في قارتها، وأدائها الاقتصادي الصاعد.

قد يكون هذا الإعجاب سجل خفوتاً في مؤشراته، خصوصاً مع موجة ركود وبطالة اجتاحت البلاد منذ سنوات قليلة، إلا أنه يبحث عن استعادة البريق مع رئيس جديد منتخب ديمقراطياً.

على عكس الكثير من دول «القارة السمراء»، لم تودّع بوتسوانا حقبة الاستعمار عام 1966 بمتوالية ديكتاتوريات وانقلابات عسكرية، بل اختارت صندوق الاقتراع ليفرز برلماناً تختار أغلبيته الرئيس. وأظهر أربعة من زعماء بوتسوانا التزاماً نادراً بالتنحي عن السلطة بمجرد استكمال مدّد ولايتهم المنصوص عليها دستورياً، بدءاً من كيتوميلي ماسيري، الذي خلف «السير» سيريتسي خاما عند وفاته في منصبه بصفته أول رئيس لبوتسوانا. وهذا التقليد الذي يصفه «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» بأنه «مثير للإعجاب»، جنت بوتسوانا ثماره أخيراً بانتقال سلمي للسلطة إلى الحقوقي والمحامي اليساري المعارض دوما بوكو.

انتصار بوكو جاء بعد معركة شرسة مع الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه الحزب الديمقراطي... الذي حكم البلاد لمدة قاربت ستة عقود.

ويبدو أن تجربة تأسيس الحزب الديمقراطي من زعماء قبائل ونُخَب أوروبية كانت العلامة الأهم في رسم المسار الديمقراطي لبوتسوانا، عبر ما يعرف بـ«الإدماج الناعم» لهؤلاء الزعماء القبليين في بنية الدولة. لكن المفارقة كانت «الدور الإيجابي للاستعمار في هذا الشأن»، وفق كلام كايلو موليفي مُستشار الديمقراطية في مكتب رئيس بوتسوانا السابق للإذاعة السويسرية. وتكمن كلمة السر هنا في «كغوتلا»، فبحسب موليفي، اختار البريطانيون الحُكم غير المُباشر، عبر تَرك السلطة للقادة القبليين لتسيير شؤون شعبهم، من دون التدخل بهياكل الحكم التقليدية القائمة.

نظام «كغوتلا» يقوم على «مجلس اجتماعي»، ويحق بموجبه لكل فرد التعبير عن نفسه، بينما يناط إلى زعيم القبيلة مسؤولية التوصل إلى القرارات المُجتمعية بتوافق الآراء. ووفق هذا التقدير، قاد التحالف البلاد إلى استقرار سياسي، مع أنه تعيش في بوتسوانا 4 قبائل أكبرها «التسوانا» - التي تشكل 80 في المائة من السكان وهي التي أعطت البلاد اسمها -، بجانب «الكالانغا» و«الباسار» و«الهرو».

وإلى جانب البنية الديمقراطية ودور القبيلة، كان للنشأة الحديثة للجيش البوتسواني في حضن الديمقراطية دور مؤثر في قطع الطريق أمام شهوة السلطة ورغباتها الانقلابية، بفضل تأسيسه في عام 1977 وإفلاته من صراعات مع الجيران في جنوب أفريقيا وزيمبابوي وناميبيا.

على الصعيد الاقتصادي، كان الاستعمار البريطاني سخياً – على نحو غير مقصود – مع بوتسوانا في تجربة الحكم، إلا أنه تركها 1966 سابع أفقر دولة بناتج محلي ضئيل وبنية تحتية متهالكة، أو قل شبه معدومة في بعض القطاعات.

مع هذا، انعكس التأسيس الديمقراطي، وفق محللين، على تجربة رئيسها الأول «السير» سيريتسي خاما؛ إذ مضى عكس اتجاه الرياح الأفريقية، منتهجاً نظام «رأسمالية الدولة»، واقتصاد السوق، إلى جانب حرب شنَّها ضد الفساد الإداري.

على صعيد موازٍ، أنعشت التجربة البوتسوانية تصدير اللحوم، كما عزّز اكتشاف احتياطيات مهمة من المعادن - لا سيما النحاس والماس - الاقتصاد البوتسواني؛ إذ تحتضن بلدة أورابا أكبر منجم للماس في العالم.

ثم إنه، خلال العقدين الأخيرين، جنت بوتسوانا - التي تغطي صحرء كالاهاري 70 في المائة من أرضها - ثمار سياسات اقتصادية واعدة؛ إذ قفز متوسط الدخل السنوي للمواطن البوتسواني إلى 16 ألف دولار أميركي مقابل 20 دولاراً، بإجمالي ناتج محلي بلغ 19.3 مليار دولار، وفق أرقام البنك الدولي. كذلك حازت مراكز متقدمة في محاربة الفساد بشهادة «منظمة الشفافية العالمية». ومع أن الرئيس البوتسواني المنتخب تسلم مهام منصبه هذا الأسبوع في ظل مستويات بطالة مرتفعة، وانكماش النشاط الاقتصادي المدفوع بانخفاض الطلب الخارجي على الماس، إلا أن رهان المتابعين يبقى قائماً على استعادة الماسة البوتسوانية بريقها.