متطلبات جديدة بخصوص المنتجات المعاد استيرادها في السعودية

«هيئة الغذاء والدواء» طالبت القطاع الخاص بضرورة تطبيق الشروط

هيئة الغذاء والدواء السعودية تعيد متطلبات فسح المنتجات المعاد استيرادها (الشرق الأوسط)
هيئة الغذاء والدواء السعودية تعيد متطلبات فسح المنتجات المعاد استيرادها (الشرق الأوسط)
TT

متطلبات جديدة بخصوص المنتجات المعاد استيرادها في السعودية

هيئة الغذاء والدواء السعودية تعيد متطلبات فسح المنتجات المعاد استيرادها (الشرق الأوسط)
هيئة الغذاء والدواء السعودية تعيد متطلبات فسح المنتجات المعاد استيرادها (الشرق الأوسط)

أكدت معلومات رسمية أن الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية قامت بإعداد متطلبات جديدة لفسح المنتجات المعاد استيرادها، مطالبة الشركات والمصانع العاملة في القطاع بضرورة التقيد وتطبيق الشروط لتسريع وتسهيل الإجراءات الخاصة بهذا المجال في المرحلة المقبلة.
ووفقاً للمعلومات، فإن الخطوة الجديدة جاءت انطلاقاً من دور الهيئة العامة للغذاء والدواء الرقابي على المنتجات المستوردة للتحقق من سلامتها ومطابقتها للمتطلبات والاشتراطات واللوائح الفنية المعتمدة، بالإضافة إلى تنظيم عملية فسح المنتجات الغذائية والطبية والتجميل والدواء والأجهزة المعاد استيرادها ووضع الضوابط والإجراءات المنظمة لها.
وتهدف الوثيقة إلى توضيح اشتراطات ومتطلبات فسح المنتجات المصدرة من المملكة (سواء المصنعة محلياً أو المعاد تصديرها) والتي تمت إعادتها للمملكة للأغراض التجارية، أو بسبب رفض فسحها وتسويقها من الدول المستوردة أو لغرض الصيانة.
وبحسب الشروط الجديدة (اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها)، فإنه لا يسمح بإعادة استيراد المنتجات التالفة أو التي تعرضت لسوء نقل وتخزين ومنتهية الصلاحية إلا في حالة أنها مصنعة في المملكة وسوف تقوم المنشأة المحلية بإتلافها، وللهيئة حق سحب عينات ممثلة لجميع المنتجات الواردة بكل إرسالية وإحالتها للفحوصات المخبرية الروتينية للتأكد من مطابقتها للوائح الفنية المعتمدة والاشتراطات، على أن يتحمل المستورد تكاليف تلك الفحوصات في المختبرات المعتمدة الحاصلة على تعيين.
وتوضح الاشتراطات أنه يجب على المستوردين الاحتفاظ بأصول المستندات لمدة خمسة أعوام من تاريخ الفسح، وكذلك الالتزام بجميع الإجراءات والمتطلبات والتعاميم التي تصدرها الهيئة.
وبخصوص الإرساليات المعاد استيرادها لمخالفتها شروط ومتطلبات البلد المصدر إليه، فيجب إرفاق خطاب من المستورد مع مستندات الفسح الخاصة بنظام الجمارك، موضحاً فيه سبب الرفض ومدعماً بما يثبت ذلك والتعهد بعدم تسويق المنتج في السوق المحلية في حال مخالفته للوائح الفنية والمواصفات القياسية للمملكة أو اشتراطات وتعاميم خاصة بتسويق المنتجات في السعودية.
وبالنسبة للإرساليات التي يتم استيرادها بغرض الصيانة، تؤكد المتطلبات أن الأجهزة الطبية المستعملة بغرض صيانتها أو تجديدها بالمملكة ثم إعادة تصديرها يتطلب الحصول على إذن تسويق لاستيرادها أو موافقة مسبقة من الهيئة وعدم تداولها في المملكة.
أما الأجهزة الطبية المستعملة بغرض صيانتها ومعايرتها أو عرضها كعينات تسويقية أو تصحيحها، وفقاً لإشعار إنذار سلامة يقتضي ذلك أو اختبارها خارج المملكة، فتشترط المتطلبات الجديدة أن تتم إعادة استيرادها خلال 6 أشهر من تاريخ تصديرها ووفقاً للغرض الذي يتم تصديرها من أجله والحصول على إذن بالتسويق سارٍ وإقرار من المصنع بمسؤوليته عن العمليات التي تمت على تلك الأجهزة.
وكانت الهيئة العامة للغذاء والدواء قد أجرت مؤخراً ما يزيد على 8 آلاف تحليل مخبري على أكثر من 3.8 ألف عينة في مختبراتها خلال شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، وتصدرت العينات التي شملها التحليل مياه الشرب ولحوم الدواجن والأقراص والكبسولات ومستحضرات التجميل أكثر العينات التي شملها التحليل.
وأوضحت الهيئة أن عدد العينات الغذائية الواردة للمختبرات بلغ 3.2 ألف عينة أُجريَ عليها 7.7 ألف تحليل مخبري، شملت المياه المعبأة للشرب واللحوم والدواجن والفواكه والخضراوات وأغذية الأطفال والعسل والأغذية الخاصة بالطيور والدواجن، كما استقبلت 544 عينة من المستحضرات الدوائية أُجريَ عليها 618 تحليلاً مخبرياً، تضمنت أقراصاً وكبسولات ومستحضرات تجميل وفيتامينات ولقاحات ومكملات غذائية ومنتجات عشبية ومعقمات.
وتسعى «الهيئة» من خلال جميع مختبراتها إلى التأكد من سلامة المنتجات الخاضعة لإشرافها وخلوها من المواد الضارة بصحة وسلامة المستهلك من خلال فحص تلك العينات معملياً في المختبرات التابعة لها.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.