إسرائيل تضع على قوائم {الإرهاب} 6 منظمات مجتمع مدني فلسطينية

السلطة تدين و«هيومن رايتس ووتش» والعفو الدولية اعتبرتا القرار «تصعيداً خطيراً»

وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أصدر قرار الإيقاف (أ.ف.ب)
وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أصدر قرار الإيقاف (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تضع على قوائم {الإرهاب} 6 منظمات مجتمع مدني فلسطينية

وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أصدر قرار الإيقاف (أ.ف.ب)
وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أصدر قرار الإيقاف (أ.ف.ب)

صنفت إسرائيل أمس، ست منظمات فلسطينية للمجتمع المدني بأنها إرهابية واتهمتها بتحويل مساعدات المانحين إلى النشطاء وهو اتهام رفضته هيئات مراقبة حقوق الإنسان التي قالت إن هذه الخطوة ستخنق مراقبة الانتهاكات المحتملة.
وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، الذي أصدر القرار، قال إنها خارجة عن القانون، وحظر العمل فيها، ومعها، واعتبر العضوية فيها جناية يعاقب عليها القانون. وجاء قراره هذا صادما لتلك الجمعيات، إذ أنها جميعا تدافع عن حقوق الإنسان. وردت بأنها لن تسكت على ذلك وستتوجه إلى كشف ما وراء هذا القرار من دوس لحقوق الإنسان. ورفضت التوجه إلى القضاء الإسرائيلي ضد غانتس لأنه قضاء غير نزيه.
وكان غانتس قد اتخذ قراره بحسب قائمة نشرتها وزارة القضاء الإسرائيلية، وعلله بالقول إن «هذه المؤسسات مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد حصلت بين عامي 2014 و2021 على أكثر من 200 مليون يورو من عدة دول أوروبية صرفتها على هذا النشاط. وأرفق قرار غانتس بوجهة نظر من وزارة القضاء الإسرائيلية وفيها جاء أن «عشرات المسؤولين في هذه المؤسسات مرتبطون بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بطرق مختلفة، حتى أن بعضهم كان متورطاً في قتل الشابة رينا شنراف. ومع ذلك، الحكومات المانحة تجاهلت لسنوات الوقائع».
والمنظمات المحظورة هي: «الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان» و«الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين»، و«الحق» و«اتحاد لجان العمل الزراعي»، و«اتحاد لجان المرأة العربية»، و«مركز بيسان للبحوث والإنماء». وتبين أن الوزارتين الإسرائيليتين استندتا في قرارهما هذا على تقارير قدمتها جمعية يهودية يمينية «مراقب الجمعيات غير الحكومية» (NGO Monitor)، المعروفة بمواقفها العدائية لمنظمات العمل المدني الفلسطينية، وملاحقة ما تسميه «التحريض والإرهاب». وتحاول الضغط على الاتحاد الأوروبي لقطع تمويل هذه المنظمات، من خلال اتهامه بتمويل حركة المقاطعة لإسرائيل.
وقد طالب وزير الأمن الداخلي الأسبق في الحكومة الإسرائيلية، غلعاد إردان، الاتحاد الأوروبي، بقطع التمويل عن 14 جمعية فلسطينية ادعى أنها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر، بمنظمات إرهابية مثل حماس والجبهة الشعبية. وفي حينه، ردت على إردان مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، تقول إن «الاتهامات حول دعم الاتحاد الأوروبي للتحريض أو الإرهاب لا أساس لها من الصحة وغير مقبولة، والتقرير نفسه غير مناسب ومضلل. إنه يمزج الإرهاب مع قضية المقاطعة، ويخلق حالة من الارتباك غير المقبول في نظر الجمهور». وأضافت أن «المنظمة تعارض بشدة أي إشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي متورط في دعم الإرهاب، وأن الاتهامات غامضة وغير مثبتة ولا تخدم سوى حملات التضليل». لكن المحاولات الإسرائيلية لم تتوقف. وجاء قرار غانتس، أمس الجمعة، خطوة بعيدة المدى في هذه المعركة.
وقد عقب مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، عضو اللجنة الوطنية للمتابعة مع الجنائية الدولية شعوان جبارين، على قرار غانتس قائلا إن إعلان سلطات الاحتلال وضع 6 مؤسسات فلسطينية على ما تسمى «قائمتها الإرهابية»، تطور خطير. إن الاحتلال يمتلك السلطة والعصا وكل مقومات القتل والتدمير، لكنه لا يحق له أن يوزع شهادات ويقتل هذه المؤسسات، ولن نسمح له بأن يدمر ما نؤمن به من عدالة ومساءلة. وأضاف: «نحن بصدد دراسة الموضوع مع شركاء مهمين عالميا وواثقين بهم، بالتعاون مع القيادة الفلسطينية التي تدافع عن مؤسسات المجتمع المدني المسجلة لدى دولة فلسطين بشكل قانوني، ولن نتوجه للقضاء الإسرائيلي لأنه لن يكون منصفا حينما يتعلق الأمر بالفلسطيني».
وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد أبو قطيش، «إن هذا القرار استمرار لحملات تقودها مؤسسات الحرب الإسرائيلية ضد المؤسسات الفلسطينية، التي تسلط الضوء على انتهاكات الاحتلال بحق الإنسان الفلسطيني، لتشويهها ونزع الشرعية عنها وتجفيف منابع تمويلها». وأضاف قطيش أن شكل الهجوم على هذه المؤسسات تغير خلال العام الجاري والأعوام الماضية، إلى هجوم على أفرادها وهو ما يؤكد أن دولة الاحتلال هي الإرهابية، باعتقالها مجموعة من موظفي «لجان العمل الصحي» بعد اقتحام مقرهم، وإغلاق مقر لجان «العمل الزراعي» بأمر عسكري، واقتحام مقر الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
وقال قطيش عن جمعيته: «عمل الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال يقوم بشكل أساسي على تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية باستخدام كل الآليات الدولية من إدانة الجرائم الإسرائيلية، وأي منفذ قانوني يمكن أن يسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية سنتوجه له».
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين بأقسى العبارات قرار غانتس، واعتبرته «اعتداء مسعورا على المجتمع المدني الفلسطيني ومؤسساته من طرف سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وقالت إن تصنيف ست منظمات حقوقية على لائحة الإرهاب هو افتراء عدائي، وتشهير واعتداء استراتيجي على المجتمع المدني الفلسطيني، والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، غير الشرعي، وعلى العمل الهادف لفضح جرائمه المستمرة».
وقالت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية في بيان مشترك يدين هذه الخطوة إن هذا التصنيف يسمح للسلطات الإسرائيلية بإغلاق مكاتب هذه المنظمات ومصادرة أصولها واعتقال موظفيها في الضفة الغربية المحتلة. وقالتا أيضاً، إن القرار «تصعيد ينذر بالخطر ويهدد بوقف عمل أبرز منظمات المجتمع المدني الفلسطينية». وأضافت المنظمتان أن «تقاعس المجتمع الدولي منذ عشرات السنين في التصدي للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان... شجع السلطات الإسرائيلية على التصرف بهذه الطريقة الفجة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.