الجزائر ترد على فرنسا بتعريب معاملاتها الوزارية

في إطار تداعيات إنكار ماكرون «وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال»

شرطيون إسبان يفتشون مسافرين بعد وصولهم إلى منطقة أليكانتي. وأعادت إسبانيا والجزائر أمس تشغيل خط النقل البحري بين وهران واليكانتي الذي كان مغلقاً منذ بدء جائحة {كورونا} (إ.ب.أ)
شرطيون إسبان يفتشون مسافرين بعد وصولهم إلى منطقة أليكانتي. وأعادت إسبانيا والجزائر أمس تشغيل خط النقل البحري بين وهران واليكانتي الذي كان مغلقاً منذ بدء جائحة {كورونا} (إ.ب.أ)
TT

الجزائر ترد على فرنسا بتعريب معاملاتها الوزارية

شرطيون إسبان يفتشون مسافرين بعد وصولهم إلى منطقة أليكانتي. وأعادت إسبانيا والجزائر أمس تشغيل خط النقل البحري بين وهران واليكانتي الذي كان مغلقاً منذ بدء جائحة {كورونا} (إ.ب.أ)
شرطيون إسبان يفتشون مسافرين بعد وصولهم إلى منطقة أليكانتي. وأعادت إسبانيا والجزائر أمس تشغيل خط النقل البحري بين وهران واليكانتي الذي كان مغلقاً منذ بدء جائحة {كورونا} (إ.ب.أ)

أعلنت هيئات حكومية جزائرية عن تعريب كل مراسلاتها ووثائقها الداخلية، ومنعت على كوادرها التعامل بلغة أخرى غير العربية، وحددت 01 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل أجلاً لبدء تنفيذ القرار، وهو تاريخ يصادف ذكرى اندلاع الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. وعد المراقبون هذه الخطوة شكلاً من الرد على فرنسا التي أثار رئيسها إيمانويل ماكرون غضباً كبيراً في الجزائر عندما أنكر وجود أمة جزائرية قبل الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830.
وتداول مسؤولون بالحكومة عبر شبكة التواصل الاجتماعي، قبل يومين، قرارين مكتوبين، أحدهما لوزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق، ووزير التكوين المهني ياسين مرابي، يأمران فيهما بفرض استخدام اللغة العربية في كافة المعاملات والوثائق، ومنع استخدام اللغة الفرنسية، بما في ذلك بحسابات الوزارتين في المنصات الرقمية الاجتماعية، وبخاصة «فيسبوك»، الذي يستعمل بشكل واسع في نشر أنشطة الوزيرين وأخبار الوزارتين.
وأكد سبقاق أن بدء تنفيذ القرار سيكون في الأول من الشهر المقبل بمناسبة الاحتفالات السنوية بذكرى حرب التحرير ضد الاحتلال الفرنسي (1954 - 1962).
وخلف هذا الإجراء ارتياحاً في أوساط المدافعين عن اللغة العربية، المعادين لاستعمال الفرنسية في التعاملات الرسمية للدولة. لكنه طرح، في الوقت ذاته، تساؤلات عما إذا كان الأمر ينسحب أيضاً على الوزارات التي لا تزال تستعمل الفرنسية كلغة أولى أساسية، وبخاصة الخارجية والمالية والصناعة وفي عشرات الأجهزة والهيئات الحكومية الأخرى. والعربية مستعملة بشكل حصري في الكثير من الوزارات، خاصةً العدل والتعليم. وفي العادة تطغى اللغة التي يتحكم فيها الوزير على وزارته.
ونقلت الصحيفة الإلكترونية «سبق برس» عن عبد الرزاق قسوم رئيس «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، أن «قرار تعميم استخدام اللغة العربية في وزارتي الرياضة والتكوين المهني لا يمكن إلا أن يكون إيجابياً، نحيي هذه المبادرة ونأمل أن تقتدي بها باقي القطاعات الأخرى»، داعياً إلى «اتخاذ قرارات صارمة ضد كل من يستطيع استخدام اللغة العربية هنا في الجزائر، ويستخدم لغة أخرى». كما طالب بغلق المتاجر التي تستعمل في واجهاتها لغة أخرى غير العربية.
وبحسب مهتمين بالقضية، جاء قرار الوزارتين بتشجيع من رئاسة الدولة التي أظهرت استياء بالغاً من تصريحات للرئيس الفرنسي، نهاية الشهر الماضي، قال فيها إنه «يتساءل إن كانت هناك أمة جزائرية» قبل الاحتلال الفرنسي. وصدر التصريح في سياق خلاف حاد بين البلدين، بشأن ترحيل عدد كبير من المهاجرين الجزائريين غير النظاميين. فباريس تقول إن عددهم يفوق 7 آلاف، فيما ترى الجزائر أنه لا يتعدى الـ90 وقد رفضت استقبالهم بحجة أنهم ضالعون في الإرهاب خارج أراضيها.
وعاد سفير الجزائر لدى فرنسا، الأربعاء الماضي، إلى منصبه، بعد أن تم سحبه على سبيل الاحتجاج. فيما بقي قرار منع الطيران الحربي في الأجواء الجزائرية سارياً. ويرجح بقوة بأن «قضية تعريب معاملات الوزارات» بمثابة أحد إجراءات الرد على ما يعتبره جزائريون «إساءة من فرنسا ضد الجزائر بلداً وشعباً».
وتداول ناشطون، أمس، مقالاً نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية الأسبوع الماضي، يتناول إقبال الدبلوماسيين الجزائريين على تدريس أبنائهم بالمدرسة الفرنسية بالعاصمة الجزائرية. وعد ذلك مفارقة بين الخطاب الرسمي الذي يعادي «فرنسة الجزائر» في الظاهر، فيما يثبت الواقع العكس.
وورد في المقال أنه مع كل دخول مدرسي «تتلقى المدرسة الثانوية الدولية ألكسندر دوما، بالجزائر العاصمة، طلبات ملحة من الأوساط الحاكمة بالجزائر، بتسجيل أبنائهم بها»، مبرزا أن وزارة الخارجية الجزائرية تقدم للسفارة الفرنسية سنوياً لائحة طويلة تضم دبلوماسيين ومسؤولين سامين يرغبون في تدريس أبنائهم بالمؤسسة التعليمية الفرنسية. كما أشار التقرير إلى أن «الضغط كبير على الثانوية، فالمقعد الواحد بها يشهد ما بين 10 إلى 20 طلباً». ويدرس بالثانوية الفرنسية 2005 تلاميذ، 906 فقط منهم فرنسيون والباقي كلهم جزائريون، حسب المقال.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».