جدل واسع في أميركا بعد قانون محلي للحريات الدينية

شركات تهدد بوقف خططها للتوسع في إنديانا بسبب «استهداف التشريع الجديد للمثليين»

مايك بانس حاكم ولاية إنديانا يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في إنديانا بوليس أمس (أ.ف.ب)
مايك بانس حاكم ولاية إنديانا يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في إنديانا بوليس أمس (أ.ف.ب)
TT

جدل واسع في أميركا بعد قانون محلي للحريات الدينية

مايك بانس حاكم ولاية إنديانا يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في إنديانا بوليس أمس (أ.ف.ب)
مايك بانس حاكم ولاية إنديانا يتحدث خلال المؤتمر الصحافي في إنديانا بوليس أمس (أ.ف.ب)

أثار قانون سنته ولاية إنديانا يتعلق بحرية العبادة، جدلا واسعا في الولايات المتحدة، بعدما رأى عدد كبير من المنظمات والمواطنين أن القانون يتضمن «تمييزا ضد المثليين» لأنه يسمح لأصحاب المتاجر والشركات بالامتناع عن تقديم خدمات إلى الناس بسبب معتقداتهم الدينية. وشهدت ولاية إنديانا خلال الأيام الماضية مسيرات شارك فيها آلاف الأشخاص احتجاجا على «قانون حرية العبادة الدينية» الذي وقعه حاكم ولاية إنديانا مايك بانس الأسبوع الماضي. ويسمح القانون المذكور لأصحاب المتاجر والشركات والمطاعم وغيرها من الأماكن العامة، بالعمل وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم ومعتقداتهم الدينية، ويشدد على أن أصحاب هذه الأماكن العامة لن يتعرضوا لعقوبات بسب ممارستهم معتقداتهم الدينية.
وتظاهر أكثر من 3 آلاف شخص في وسط مدينة إنديانا بوليس عاصمة ولاية إنديانا للتعبير عن رفضهم للقانون، مشيرين إلى أنه يسمح بالتمييز ضد المثليين. وخرج المتظاهرون حاملين لافتات تطالب بتعديل القانون وشعارات تقول: «لا مكان للكراهية في ولايتنا». وانتقد كثير من المتظاهرين حاكم الولاية الجمهوري مايك بانس.
وأثار القانون موجه كبيرة من الجدل داخل المجتمع الأميركي، بين مؤيد ومعارض، كما أثار انتقادات من قبل المثليين والمدافعين عن الحريات المدنية الذين اتهموا القانون بأنه يكرس العنصرية من خلال الاحتكام للمعتقدات الدينية الرافضة للمثلية الجنسية.
وهاجم تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» القانون. كما أدانت شركة «ستاربكس» العلامة التجارية الكبيرة للقهوة، القانون علنا، وتبعتها منظمات رياضية مثل الرابطة الوطنية لكرة السلة NBA. كذلك، هددت شركات تكنولوجية بوقف خططها للتوسع داخل الولاية. وكتب مجموعة من المديرين التنفيذيين لتسع شركات كبرى رسالة إلى حاكم إنديانا يعربون فيها عن قلقهم من الآثار المترتبة على تطبيق القانون على سمعة الولاية.
ويتخوف منتقدو القانون من إمكانية استغلاله من قبل المتدينين الرافضين لتقديم خدمات للمثليين، وبالتالي إسقاط أي دعاوى قضائية مرفوعة من جانب المثليين ضد أصحاب أعمال يرفضون التعامل معهم. وتشهد محكمة إنديانا أمثلة على ذلك؛ حيث رفض صاحب مخبز صنع كعكة زفاف لحفل زواج مثليين لأن العقيدة المسيحية تحرم المثلية الجنسية، وهناك دعوى أخرى ضد رجل وزوجته رفضا تأجير حديقة منزلهما لحفل زفاف لمثليين.
في المقابل، يدافع المحافظون وتيار كبير من الجمهوريين عن القانون. وأعرب عدد من المرشحين الجمهوريين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة، عن تأييدهم لقرار حاكم ولاية إنديانا وقانون الحريات الدينية. وتحدث حاكم فلوريدا السابق جيب بوش والسيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز وسيناتور فلوريدا ماركو روبيو، لصالح قانون الحرية الدينية، مما يشير إلى أن القضية يمكن أن تأخذ اهتماما كبيرا في سباق الرئاسة الأميركية عام 2016.
وبعد انتقادات لاذعة ومسيرات غاضبة، وتهديدات من كبار رؤساء الشركات العالمية، خرج حاكم ولاية إنديانا الجمهوري مايك بانس في مؤتمر صحافي صباح أمس مدافعا عن قانون الحرية الدينية، وأكد أن القانون لا يكرس العنصرية وأنه سيعمل على توضيح القانون، مشددا على أن القانون لا يعطي أحدا رخصة للتمييز أو منع تقديم خدمات. وقال الحاكم إنه فخور بالتوقيع على هذا القانون. وأوضح بانس أن هناك فهما خاطئا للقانون، مشيرا إلى أن «الإيمان والدين يشكلان القيم الأساسية للملايين من سكان إنديانا، وإنديانا ستبقى المكان الذي يحترم معتقدات كل شخص».
وكانت الحكومة الفيدرالية في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون قد سنت قانونا لحماية الحرية الدينية بهدف حماية الأقليات الدينية من التمييز بسبب معتقداتهم، وكان الهدف في ذلك الوقت يتعلق بالهنود الحمر الذين منعوا من الحصول على إعانات بطالة. وأقرت 20 ولاية أميركية منذ ذلك الوقت النسخ الخاصة بها لقوانين الحرية الدينية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.