العراق يحاصر «داعش» بساتر ترابي على الحدود السورية

سيارة شرطة أمس أمام فرع المصرف المركزي العراقي بالموصل... حيث تم العثور في خزينته المحترقة على أكياس تحتوي على أوراق نقدية تالفة علماً بأن «داعش» أعلن المدينة عاصمة لها منذ العام 2014 (أ.ف.ب)
سيارة شرطة أمس أمام فرع المصرف المركزي العراقي بالموصل... حيث تم العثور في خزينته المحترقة على أكياس تحتوي على أوراق نقدية تالفة علماً بأن «داعش» أعلن المدينة عاصمة لها منذ العام 2014 (أ.ف.ب)
TT

العراق يحاصر «داعش» بساتر ترابي على الحدود السورية

سيارة شرطة أمس أمام فرع المصرف المركزي العراقي بالموصل... حيث تم العثور في خزينته المحترقة على أكياس تحتوي على أوراق نقدية تالفة علماً بأن «داعش» أعلن المدينة عاصمة لها منذ العام 2014 (أ.ف.ب)
سيارة شرطة أمس أمام فرع المصرف المركزي العراقي بالموصل... حيث تم العثور في خزينته المحترقة على أكياس تحتوي على أوراق نقدية تالفة علماً بأن «داعش» أعلن المدينة عاصمة لها منذ العام 2014 (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة العراقية الانتهاء من إنجاز ساتر أمني يبلغ طوله أكثر من 650 كلم على الحدود الدولية مع سوريا؛ ما يعزز الحصار على نشاط فلول تنظيم «داعش».
وقال الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «الساتر الأمني المنجز مع الجانب السوري بطول 650 كلم يتضمن تحكيمات وتحصينات، من ضمنها خندق شقي، إضافة إلى أبراج المراقبة والكاميرات الحرارية والأسلاك الشائكة».
ولفت رسول إلى أن «الخطر لا يزال داخل الأراضي السورية، خاصة في مناطق شمال غربها التي تتواجد بها تنظيمات إرهابية». وبيّن أن «تأمين الحدود من الأولويات لدى القيادة العسكرية العراقية»، مؤكداً أن «الحدود مع دول الجوار مؤمّنة بشكل جيد بقوات من حرس الحدود، لكن ما يهمنا فرض السيطرة على كامل الحدود العراقية - السورية ومنع تسلل الإرهابيين باتجاه العراق». وأوضح، أن «القائد العام للقوات المسلحة متابع مهم ولدينا جهد استخباراتي كبير»، منوهاً بأن «العمليتين اللتين نفذتا من قبل جهاز المخابرات الوطني العراقي بإلقاء القبض على نائب المقبور أبو بكر البغدادي ومسؤول (الشؤون) الإدارية والمالية والمسؤول عن عمليات إرهابية عدة كانتا ضربة قاضية، إضافة إلى عملية إلقاء القبض على المجرم غزوان الزوبعي»، في إشارة إلى سلسلة إنجازات تمكن العراق من تحقيقها في الأسابيع الماضي.
وأشار المسؤول العسكري العراقي إلى أن «جهاز المخابرات العراقي يعمل بجد وسنصل إلى كل الإرهابيين وتسليمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل».
وفي هذا السياق، قال الدكتور معتز محيى الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية والأمنية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهد الاستخباري العراقي خلال الفترة الماضية كان بالفعل دقيقاً في ملاحقة القادة المهمين في هذا التنظيم (داعش)، سواء كان على مستوى المتابعة الميدانية أو جمع المعلومات أو رصد حركة تنقلاتهم». وأضاف، أن «القيادات الأمنية العراقية تمكنت أيضاً من قتل عناصر مهمة من هذا التنظيم، والأهم أن تلك العمليات قسم منها تم عبر تعاون دولي مع الجانب العراقي، وهذا بحد ذاته تطور مهم على صعيد ملاحقة عناصر هذا التنظيم، إن كان داخل العراق أو خارجه». وأكد، أن «تلك الضربات (التي تعرض لها «داعش»)، سواء كانت عمليات قتل لهذه العناصر القيادية المهمة أو إلقاء القبض عليها، إنما مثّلت رؤية ميدانية مهمة من خلال التوجه الحقيقي لمواجهة العناصر المهمة التي تؤثر كثيراً على واقع التنظيم». وأشار إلى أن «الأجهزة العراقية امتلكت القابلية على مواجهة أساليب هذا التنظيم الإرهابي، لا سيما أنه بدأ يعمل على إعادة هيكلة عمله وترتيب أوضاعه، لا سيما في المناطق النائية من البلاد».
ورأى محيى الدين، أن «ما قامت به الأجهزة العراقية أدى إلى كشف خطوط الإمدادات المالية، وأين تتواجد هذه الإمدادات، وأين يمكن أن تستثمر، حيث إن المعلومات تقول إن (داعش) استولى على ملايين الدولارات في الموصل واستثمرها في محافظات عديدة».
من جهته، يرى الخبير الأمني المستشار السابق لوزارة الدفاع العراقية، معن الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم الهزائم العسكرية التي مُني بها تنظيم (داعش) الإرهابي، لا سيما بعد تحرير المحافظات الغربية، إلا أنه عاد في الواقع إلى تكتيكه السابق ليس عبر احتلال المدن وإنما القيام بعمليات كرّ وفرّ والضرب هنا وهناك، فضلاً عن اتباع أسلوب الذئاب المنفردة والخلايا النائمة». وأضاف، أن «(داعش) يستغل الفراغات الأمنية والجغرافية، وكذلك الأوضاع المحلية المرتبكة، خصوصاً قبل الانتخابات وما نتج منها فيما بعد. وبالتالي فإن (داعش) لا يزال يعمل في حزام المدن، وأحياناً داخل المدن». ورأى، أن «العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مهمة، لكنها لا يمكن أن تصل إلى مستوى القضاء على (داعش)؛ كونه تنظيماً عالمياً يمتلك فكراً عقائدياً وآيدولوجياً، فضلاً عن الزخم المعنوي الذي حصل عليه بعد عودة (طالبان) إلى الحكم في أفغانستان، فضلاً عن أن الحراك في المنطقة يلقي بظلاله على الوضع في العراق، لا سيما ما يحدث في سوريا؛ كون الحدود بين العراق وسوريا لا تزال بها إشكالية كبيرة لجهة عمليات التسلل القائمة». وقال، إن «العراق في الواقع لا يزال يحتاج إلى الدعم الدولي في سياق محاربة (داعش)، حيث حصلت عمليات ترتبت عليها خسائر كبيرة رغم النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية».


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».