السودان يترقّب مواكب مليونية باسم «الزلزال» لدعم الانتقال الديمقراطي

تطالب بتسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين وإكمال المؤسسات الإنتقالية... ودعم أميركي وفيلتمان إلى الخرطوم السبت

متظاهرون موالون للجيش أمام القصر الجمهوري أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون موالون للجيش أمام القصر الجمهوري أمس (أ.ف.ب)
TT

السودان يترقّب مواكب مليونية باسم «الزلزال» لدعم الانتقال الديمقراطي

متظاهرون موالون للجيش أمام القصر الجمهوري أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون موالون للجيش أمام القصر الجمهوري أمس (أ.ف.ب)

يخرج السودانيون إلى الشوارع، اليوم، في مظاهرات يعتقد أن تكون بحجم مليونية بالعاصمة (الخرطوم) وكل ولايات البلاد، تحت مسمى «الزلزال» لحماية الحكم المدني الديمقراطي، وقطع الطريق أمام أي محاولات لانقلاب عسكري يعود بالبلاد إلى حكم شمولي ديكتاتوري. وفي غضون ذلك، جددت الإدارة الأميركية دعمها القوي لعملية الانتقال في السودان، داعية شركاء الحكم المدنيين والعسكريين لتجاوز خلافتهما والالتزام بالوثيقة الدستورية.
وأعلنت لجان المقاومة والأجسام النقابية والكيانات السياسية المنضوية في قوى إعلان الحرية والتغيير، التحالف الحاكم، مشاركتها بقوة في المسيرة التي تصادف ذكرى ثورة 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964 التي أطاحت بحكومة الجنرال إبراهيم عبود.
وتأتي الدعوة لمسيرة مليونية في ظل أزمة سياسية حادة بين أطراف الحكم الانتقالي، (المدني والعسكري) وخلافات بين قوى (التغيير)، أدت إلى خروج حركات مسلحة وأحزاب واصطفافها إلى جانب «العسكريين» في مجلس السيادة الانتقالي.
وتدعو المجموعة المنشقة من التحالف الحاكم، التي تنظم هذه الأيام اعتصاماً أمام القصر الجمهوري بالخرطوم، إلى حل الحكومة الانتقالية، وتوسيع قاعدة المشاركة، وهي الدعوة التي يتبناها رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في إطار خلافتهما مع المجموعة الحاكمة من أحزاب قوى الحرية والتغيير.
وفي موازاة ذلك، دعت المجموعة المنشقة أنصارها للخروج اليوم، وسط مخاوف من اصطدام بين التيارين يؤدي إلى عنف يجر البلاد نحو الفوضى.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وصف الأزمة بالأسوأ والأخطر، وشكّل «خلية أزمة» مشتركة من أطراف قوى «الحرية التغيير» التحالف الحاكم، لتجاوز الخلافات بينهما من جهة، والخلافات بين المدنيين والمكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي من جهة أخرى، داعياً جميع الأطراف إلى وقف التصعيد والتصعيد المضاد.
وشهدت أحياء الخرطوم وعدد من الولايات خلال الأيام الماضية تعبئة حاشدة شارك فيها الآلاف، استعداداً للمشاركة في المسيرة المليونية، لحماية الانتقال الحكم المدني، رافضة أي دعوات لحل الحكومة الانتقالية الحالية.
وتترقب الخرطوم وصول مبعوث الخارجية الأميركية للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، (السبت) لمساعدة الأطراف السودانية لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد.
وأعلنت السفارة الأميركية بالخرطوم دعمها للمظاهرات السلمية بالسودان ليوم 21 أكتوبر، وقالت بصفحتها على «فيسبوك»، «نشجع المتظاهرين على السلمية وتذكيرهم بالدعم الأميركي القوي للانتقال الديمقراطي في السودان لتحقيق الحرية والسلام والعدالة».
وأوضحت السفارة، أنها «تشجع القادة المدنيين والعسكريين على العمل معاً في شراكة للتغلب على الخلافات واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المعايير الأساسية للإعلان الدستوري».
من جانبه، أكد نائب المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، بيتون نوف، لدى لقائه وزير العدل السوداني، نصر الدين عبد الباري، أمس، أن تجسير الهوة بين أطراف الانتقال هي الخطوة الأهم في الوقت الراهن.
وقال، تبادلت الرؤى مع عدد من المسؤولين السودانيين والفاعلين السياسيين بخصوص التحديات التي تواجه الانتقال، معتبراً أنهم كأصدقاء للانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدني الكامل، سيبذلون جهوداً للمساعدة في تجاوز الأزمة الراهنة، وحل الخلافات بين الأطراف المختلفة.
وأضاف، أن الخطوة تأتي في سياق المشاورات المستمرة حول مختلف القضايا، وتمهيداً لزيارة المبعوث جيفري فيلدمان المزمعة أواخر الأسبوع الحالي.
بدوره، قال وزير العدل السوداني، نصر الدين عبد الباري، إن المخرج من الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد حالياً، التزام الأطراف كافة بالوثيقة الدستورية.
وأضاف، أن الوثيقة الدستورية والالتزام بها يشكلان الضامن الأكبر للعبور بعملية الانتقال، وصولاً إلى الانتخابات المزمع تنظيمها بنهاية الفترة الانتقالية.
إلى ذلك، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، حرص القوات المسلحة والمكون المدني على إنجاح الفترة الانتقالية وصولاً إلى حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني.
وشدد لدى لقائه بمكتبه مساء أمس وزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية، فيكي فورد، على الالتزام بالوثيقة الدستورية والحفاظ على الشراكة بين المكونين العسكري والمدني.
من جانبها، أثنت فيكي فورد على الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الانتقالية، وعلى رأسها توقيع اتفاق جوبا للسلام وإعفاء وتخفيف الديون على السودان وعودة التعامل مع المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية. وأشادت وزيرة الشؤون الأفريقية بالقوانين التي تم سنّها وتلك التي تم تعديلها والقدر الكبير المتاح من الحريات للمواطنين.
وقدمت المسؤولة تنويراً لرئيس مجلس السيادة حول قضايا الحوار الاستراتيجي بين السودان والمملكة المتحدة والمتمثلة في التعاون العسكري في المجالات العسكرية كافة ودعم المملكة للاقتصاد السوداني ودخول الاستثمارات البريطانية المختلفة للبلاد وتبادل الخبرات وتقديم العون الفني وتحقيق العدالة الانتقالية والتعاون مع المحكمة الجنائية.
ومن أبرز المطالب التي أعلنت عنها المجموعات المنظمة للمسيرة المليونية، نقل رئاسة مجلس السيادة الانتقالي من العسكريين للمدنيين، والإسراع في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتعيين رئيس القضاء والنيابة العامة والمفوضيات المستقلة.
من جهتها، أكدت الغرفة المشتركة المنظمة للمسيرة المليونية دعمها للحكم المدني والانتقال الديمقراطي، داعية إلى الالتزام بالسلمية.
وشددت على أهمية الالتزام بالوثيقة الدستورية لإصلاح المنظومة العدلية وتكوين المحكمة الدستورية.
وتصاعد التوتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية في السودان، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي.‎
وأعلنت الأحزاب المنضوية في تحالف قوى التغيير، التحالف الحاكم، خروجها في المسيرة المليونية، داعية قواعدها الحزبية وقطاعات الشعب السوداني كافة للمشاركة الفاعلة للتصدي بقوة لأي تحركات لقطع الطريق أمام الانتقال المدني.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.