الكشف عن إدانة ضابط إسرائيلي باغتصاب فلسطينية

بعد 7 سنوات من التعتيم

عامل فلسطيني من الضفة يعبر حاجزاً أمنياً باتجاه إسرائيل (رويترز)
عامل فلسطيني من الضفة يعبر حاجزاً أمنياً باتجاه إسرائيل (رويترز)
TT

الكشف عن إدانة ضابط إسرائيلي باغتصاب فلسطينية

عامل فلسطيني من الضفة يعبر حاجزاً أمنياً باتجاه إسرائيل (رويترز)
عامل فلسطيني من الضفة يعبر حاجزاً أمنياً باتجاه إسرائيل (رويترز)

بعد تعتيم فرضته الرقابة العسكرية طيلة 7 سنوات، كُشف، أمس (الأربعاء)، عن تفاصيل جريمة اغتصاب ارتكبها ضابط برتبة رائد في الجيش الإسرائيلي، بحق امرأة فلسطينية من إحدى بلدات الضفة الغربية.
وحسب بروتوكولات المحكمة، تمت إدانة الضابط، الذي كان يعمل في جهاز «الإدارة المدنية» المسؤولة عن المناطق الفلسطينية المحتلة، بتهم عديدة، منها اغتصاب سيدة فلسطينية، وتلقي رشوة جنسية، وتحرش جنسي بفلسطينيين وفلسطينيات كثيرين في مناطق خدمته في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك تهم الاحتيال وخيانة الأمانة وتجاوز صلاحيات إلى درجة تشكيل خطر على أمن إسرائيل.
وارتكب الضابط جرائمه بين عامي 2013 و2014. وفي عام 2016 انتهت المحاكمة بإدانته، وفرض عليه حكم بعقوبة السجن الفعلي 11 عاماً، وطرده من صفوف الجيش. واستأنف الضابط المدان، ووافقت محكمة الاستئنافات العسكرية، بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، على إلغاء طرده من صفوف الجيش، والاكتفاء بخفض رتبته إلى نفر.
وحسب قرار الحكم، ارتكب الضابط الاحتلالي جريمة الاغتصاب في حالتين منفصلتين بحق السيدة الفلسطينية المذكورة، عندما تقدمت بطلب تصريح لدخول إسرائيل بهدف العمل. وكان يتصل بها لغرض تكرار الجريمة، وعندما أصرت على رفض طلبه، هددها بأنه سيسحب منها التصاريح التي أصدرها لها إذا تحدثت عن جرائمه. وقد نفى الضابط التهمة، وعرض روايات أخرى، وقررت المحكمة أن رواياته مليئة بالتناقضات ولم تثبت مصداقيتها، وقبلت رواية المرأة الفلسطينية، خصوصاً بعد كشف ثلاث نساء فلسطينيات أخريات عن التحرش، واكتشاف حالة أخرى أقام فيها علاقات جنسية مع سيدة فلسطينية، كرشوة جنسية مقابل تصاريح للدخول إلى إسرائيل.
وجاء في قرار المحكمة، أن الضابط نفسه قام بالتحرش جنسياً برجل فلسطيني، لقاء إصدار تصريح. كما أدين الضابط في قضية أخرى تطرقت إلى أدائه أثناء خدمته العسكرية، بتسليم معلومات استخباراتية سرية حصل عليها من الشاباك إلى سيدتين فلسطينيتين اعتنى بطلبهما للحصول على تصاريح. اللافت أن قيادة الجيش الإسرائيلي فرضت تعتيماً مطبقاً على هذه القضايا، رغم صدور حكم بشأنها، وقد اضطرت إلى كشف التفاصيل، بعدما تقدمت هيئة تحرير موقع «واينت» الإلكتروني، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، بطلب لمحكمة الاستئناف العسكرية في مقر وزارة الأمن في تل أبيب. وقد استجاب رئيس المحكمة، دورون فايلس، للطلب وسمح بنشر تفاصيل منها، لكن لا يزال هناك أمر منع نشر اسم وصور الضابط المدان.
ورفضت المحكمة موقف الجيش الإسرائيلي، الذي رفض النشر بادعاء أنه «من شأنه أن يتسبب بتصعيد أمني ويشكل خطراً على النساء في حال كشف القضية في البلدات التي تسكن فيها».
المعروف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تفرض على كل فلسطيني يدخل إسرائيل للعمل أو العلاج أو زيارة الأقارب، الحصول على تصريح خاص من الإدارة المدنية. ويشكو الفلسطينيون من استغلال هذه الحاجة لابتزازهم، سياسياً واقتصادياً وحتى جنسياً. وهم يؤكدون أن قلة من هذه الحوادث فقط وصلت إلى الإعلام أو إلى القضاء.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.