اعتصام 2000 مهاجر في طرابلس للمطالبة بترحيلهم

مهاجرون غير نظاميين بعد إنقاذهم من الغرق وإعادتهم إلى ليبيا (أ.ب)
مهاجرون غير نظاميين بعد إنقاذهم من الغرق وإعادتهم إلى ليبيا (أ.ب)
TT

اعتصام 2000 مهاجر في طرابلس للمطالبة بترحيلهم

مهاجرون غير نظاميين بعد إنقاذهم من الغرق وإعادتهم إلى ليبيا (أ.ب)
مهاجرون غير نظاميين بعد إنقاذهم من الغرق وإعادتهم إلى ليبيا (أ.ب)

منذ قرابة 10 أيام، وعلى مدار الساعة، يعتصم قرابة ألفي مهاجر أفريقي، بينهم نساء وأطفال، أمام مقر مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمنطقة السراج (غرب العاصمة طرابلس)، للمطالبة بإعادة ترحيلهم إلى دولة ثالثة عبر برنامج «العودة الطوعية» الذي كانت ترعاه الأمم المتحدة، لكنه توقف على خلفية جائحة «كورونا».
وقالت لوران، وهي أفريقية تقارب الستين من عمرها، لوسائل إعلام محلية، إن «أكثر من ألفي لاجئ يفترشون الطريق العام قبالة مقر المفوضية، في ظل عدم وجود أمن، ويفتقدون لأبسط ضرورات الحياة، مثل الدواء والطعام والحمامات»، مضيفة: «نريد الخروج من ليبيا إلى مكان آمن».
وأكد خالد مازن، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، خلال لقائه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون السياسية وبناء السلام، روز كارى دي كارلو، بحضور المبعوث الخاص للأمم المتحدة للدعم إلى ليبيا يان كوبيتش، أن وزارته تتعامل مع ملف الهجرة غير المشروعة «بصورة إنسانية»، وتطرق إلى التعامل مع المنظمات الدولية في هذا الشأن، ومناقشة استئناف الرحلات الجوية للمهاجرين، والعودة الطوعية إلى بلدانهم. مشيراً إلى إمكانية وضع مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للاجئين، بهدف تسهيل إجراءات طالبي اللجوء.
وعلق أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، على افتراش المهاجرين الأرض أمام مقر المفوضية، قائلاً إن «مراكز الاحتجاز لا تملك الطاقة لاستيعاب مزيد من المهاجرين غير النظاميين، لذا فإن الأزمة تتفاقم يومياً، في ظل تواضع الإمكانيات المحلية، وقلة استجابة المنظمات الدولية المهتمة بهذا الملف».
ورحبت اللجنة الوطنية بتوقيع وزارة الداخلية مذكرة تفاهم مع «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» التي تعمل منذ سنوات في ليبيا دون أي إطار اتفاق واضح المعالم بين الطرفين، حتى تتجنب ليبيا الحرج القانوني المحلي والدولي، وقالت: «طالما أن ليبيا سمحت بوجود المفوضية لتسجيل طالبي اللجوء، ثم مغادرتهم البلاد، فعليها إذاً الالتزام بعدم التعرض لهم وسجنهم، وأن تفسح المجال للمفوضية كي تقوم بدورها في إعادتهم طواعية».
وسبق للمفوضية مطالبة السلطات الليبية بإطلاق جميع المهاجرين، وإجراء تحقيق في «مزاعم الاستخدام غير الضروري للقوة ضدهم» في عدة وقائع، منها أحداث قرقارش الأخيرة التي وقعت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ويأتي ذلك فيما تزال أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين تتدفق على ليبيا عبر الحدود المترامية، بغية الوصول إلى السواحل الأوروبية، بواسطة سماسرة الهجرة غير المشروعة.
وأعلنت رئاسة أركان القوات البحرية الليبية، أمس، عن إنقاذ 153 مهاجراً ينتمون لدول أفريقية وعربية عدة من الغرق في البحر المتوسط، في عمليتي إنقاذ، عندما كانوا في طريقهم نحو الشواطئ الأوروبية على متن قارب خشبي.
وقالت البحرية، في بيان لها أمس، إنها دفعت بأحد زوارقها إلى شمال مدينة الخمس (شرق طرابلس)، عقب تلقيها نداء استغاثة يفيد بوجود 73 مهاجراً على وشك الغرق، فتم إنقاذهم، وإعادتهم إلى نقطة الإنزال بقاعدة طرابلس البحرية، ثم تسليمهم إلى شرطة جهاز الهجرة غير المشروعة.
وتلقت كذلك نداء استغاثة آخر مساء أول من أمس، من 80 مهاجراً كانوا على متن قارب مطاطي، بالقرب من شمال ساحل القرة بوللي، فتمت إعادتهم إلى الساحل «في عملية إنقاذ ناجحة».
وتواجه السلطات الليبية انتقادات واسعة من منظمات دولية للمطالبة بإغلاق مراكز إيواء المهاجرين، بينما تعتزم المفوضية الأوروبية تسليم زوارق إنقاذ جديدة إلى خفر السواحل الليبي. كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من تعرض قرابة ألف امرأة وطفل موقوفين في مراكز احتجاز اللاجئين في ليبيا لـ«الخطر الفوري».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».