تونس: دعوات لـ«حوار سياسي» بهدف وقف التدخل الأجنبي

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

تونس: دعوات لـ«حوار سياسي» بهدف وقف التدخل الأجنبي

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

خلّفت دعوات البرلمان الأوروبي والخارجية الأميركية، المطالبة بعودة تونس إلى المسار الديمقراطي والمسارعة بفتح حوار سياسي، جدلاً قوياً تباينت خلاله الآراء، بين من يعتبر أن الحوار السياسي بات ضرورة ملحة لقطع الطريق أمام التدخل الخارجي في تونس، وبين من يرى أن الحوار دون متابعة قضائية للفاسدين وإصلاح الشأن الاقتصادي، يبقى بلا معنى.
وتمسكت «تنسيقية القوى الديمقراطية»، التي تضم أحزاب التيار الديمقراطي، و«الجمهوري»، و«آفاق تونس»، و«التكتل الديمقراطي»، خلال لقائها أول من أمس مع نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل (نقابة العمال) بـ«ضرورة العودة السريعة إلى النظام الديمقراطي»، في إطار تشاركي «يوفر شروط الاستقرار السياسي، ويمنع التدخل الأجنبي في الشأن المحلي».
وجاءت هذه الدعوة متوافقة مع الوثيقة، التي أصدرها البرلمان الأوروبي أول من أمس، والتي دعت كذلك إلى العودة إلى المسار الديمقراطي، وإصلاح النظام السياسي، وضرورة إجراء حوار بمشاركة الشركاء الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني.
من جانبه، أكد سمير الشفي، القيادي في اتحاد الشغل، أن الحوار الوطني «يجب أن يكون من أجل بلورة رؤية استراتيجية في تونس، حتى تتخطى الصعاب السياسية والاقتصادية والدستورية». مؤكداً أن «النقابيين ليسوا رعايا، بل شركاء، ولن يسمحوا برسم مستقبل تونس دون الاعتماد على مبدأ المشاركة، الذي هو جزء لا يتجزأ من المسار الديمقراطي للبلاد».
بدوره، دعا غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي، رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إلى المطالبة بصلاحياتها الدستورية، وإشراك الأحزاب والمنظمات الوطنية، حتى تشكل حزاما سياسيا داعما لها، مع وضع برنامج واقعي لتحسين الأوضاع في تونس. مشيراً في هذا السياق إلى أن الحكومة الجديدة لم تتشكل من كفاءات وطنية، بل من أعضاء موالين لرئيس الجمهورية، ومن أعضاء حملته الانتخابية، مثل وزير الشؤون الاجتماعية ووزير الداخلية، حسب تعبيره.
وعلى صعيد متصل، قال قيس القروي، الناشط السياسي وعضو حملة الرئيس قيس سعيد التفسيرية، إن الحوار الذي يعتزم رئيس الدولة تنظيمه «سيكون مخالفاً للحوارات السابقة، ولن يكون مشابهاً لحوار «قرطاج 1»، و«قرطاج 2»، الذي رعاه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي باتفاق مع حركة النهضة. مؤكدا أن الحوار «سيشمل الجميع، ولن يقصي أي طرف سياسي أو اجتماعي».
في المقابل، أكد محسن النابتي، المتحدث باسم حزب التيار الشعبي، المؤيد للتدابير الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية، على «ضرورة إعطاء الأولوية في الوقت الراهن لإنقاذ الاقتصاد ومحاسبة المجرمين، وليس للحوار حول الإصلاحات السياسية» معتبراً أن «أي حوار في مثل هذه الظروف سيكون بلا معنى... وكلما تحسن الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتم التقدم في عمليات المحاسبة وكشف ملفات الفساد، تمت تهيئة الظروف المناسبة للدخول في الإصلاحات السياسية وحسن سير الحوار المجتمعي»، على حد قوله.
من جهة ثانية، قال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أمس، إثر لقائه الرئيس التونسي، إنه يملك رغبة قوية لاستعادة الدولة الوطنية، وإعطاء الشعب فرصة كاملة من أجل حياة كريمة.
ووصل الأمين العام للجامعة العربية أول من أمس إلى تونس للمشاركة في افتتاح الدورة 21 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، وصرح بأن الجامعة «تتفهم تماماً الاعتبارات، التي قادت إلى هذه القرارات»، في إشارة إلى التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو (تموز) الماضي، وتعليقه لاحقا العمل بمعظم مواد الدستور.
وقال أبو الغيط موضحاً: «نعي أن هناك محاولات للتدخل، ولكن نثق أن الشعب التونسي، والقيادة الحالية واعية بالقدرة على الصمود، واختيار ما هو صالح للشعب والمستقبل».
وأضاف أبو الغيط، أمس، عقب استقباله في قصر قرطاج الرئاسي: «التقيت قيس سعيد واستمعت لآرائه الإيجابية وشروحاته للوضع التونسي، ورأيت فيه تصميماً وإنجازاً، ورغبة قوية في استعادة الدولة الوطنية التونسية، وإعطاء الشعب فرصة كاملة من أجل حياة كريمة».
وتابع أبو الغيط: «الشعب التونسي يملك قدرة كبيرة للغاية على الوعي، وعلى التعلم والتعليم».
كما جاء في بيان للرئاسة التونسية: «تشديد رئيس الجمهورية على انفتاح تونس على التشاور والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، في كنف الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، ورفضها لكل أشكال الوصاية أو التدخل في شؤونها الداخلية أو التربص بمصالحها». مذكراً أيضاً بـ«تشبّثه بمبادئ الديمقراطية واحترام الحريات وضمان حقوق الإنسان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».