مذكرة إحضار بحق ساركوزي في «استطلاعات الإليزيه»

ساركوزي حضر مباراة كرة قدم في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
ساركوزي حضر مباراة كرة قدم في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مذكرة إحضار بحق ساركوزي في «استطلاعات الإليزيه»

ساركوزي حضر مباراة كرة قدم في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
ساركوزي حضر مباراة كرة قدم في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)

لم يعرف أي رئيس فرنسي، منذ انطلاقة الجمهورية الخامسة أواسط القرن الماضي على يدي الجنرال شارل ديغول، هذا الكم الهائل من الملاحقات القضائية مثلما هي حال الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي.
ثمة 12 قضية يرد فيها اسم ساركوزي. وفي العام الحالي، صدرت أحكام بالسجن النافذ وأخرى مع وقف التنفيذ في قضيتين منفصلتين. الأولى في الأول من مارس (آذار)؛ حيث صدر حكم عليه بالسجن 3 سنوات، إحداها نافذة في الدعوى المسماة «دعوى التنصت». وفي 30 سبتمبر (أيلول)، تلقى حكماً آخر بالسجن، مماثلاً للحكم السابق، ومرده للقضية الخاصة بـ«التمويل غير المشروع» لحملته الانتخابية للعام 2012. وفي الحالتين، عرض عليه القضاء تنفيذ الحكم النافذ في منزله، وليس في السجن.
ولا بد أيضاً من الإشارة إلى أن القضاء وجّه إليه رسمياً اتهامات بشأن شكوك تدور حول تلقيه أموالاً من العقيد الليبي معمر القذافي لحملته الرئاسية الأولى، التي حملته إلى قصر الإليزيه في العام 2007. يضاف إلى ذلك اتهامات أخرى في قضايا كثيرة، برئ من بعضها، بينما البعض الآخر ينتظر التتمات.
هذا غيض من فيض. والجديد أن الغرفة الثانية والثلاثين للمحكمة الابتدائية وجّهت للرئيس الأسبق كتاباً تطلب منه المجيء للإدلاء أمامها بشهادته في القضية المسماة «استطلاعات قصر الإليزيه»، والعائدة للسنوات الأولى من رئاسته «2007 - 2012». وسبق أن رفض ساركوزي تلبية طلب المحكمة، كما التحقيق القضائي، بحجة أن رئيس الجمهورية يتمتع بالحصانة التامة طيلة فترة رئاسته. لكن للمحكمة رأياً آخر، إذ تعتبر أن شهادته ضرورية وأن جانب الادعاء المدني يطلبها ويصرّ عليها. من جانب آخر، تعتبر أنها واجبة من أجل «جلاء كامل الحقيقة». وجاء في قرار المحكمة ما يلي: «إننا نأمر بأن يؤتى بهذا الشاهد أمام المحكمة باستخدام القوة العامة (أي الشرطة)، ليتم الاستماع إليه يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».
القصة انطلقت قبل 10 سنوات عندما قدمت شكوى للمحكمة بصدد عشرات استطلاعات الرأي التي طلب قصر الإليزيه القيام بها، موجّهاً غالبيتها الساحقة لشركتين إعلاميتين متخصصتين «جياكوميتي وبوبليفاكت»، وكلتاهما يمتلكهما ويديرهما مستشار ساركوزي باتريك بويسون. وكلفة هذه الأعمال بلغت 7.5 مليون يورو. والمشكلة ذات وجهين بالنسبة لهذه الأعمال. من جهة، تم إرساء غالبيتها على الشركتين المذكورتين من غير المرور بالطرق العادية المتبعة في الإدارات الحكومية التي تفرض إعلاناً عاماً ومناقصة. ومن جهة ثانية، لا يبدو في بعض هذه الاستطلاعات أنها مفيدة لسير شؤون الدولة، بل تتناول المصلحة الشخصية لساركوزي. ولعل أغربها استطلاع للرأي، السؤال الرئيسي فيه يتناول علاقة ساركوزي مع عارضة الأزياء والمغنية كارلا بروني بعد طلاقه من زوجته الثانية وعزمه الزواج منها، ومدى انعكاس ذلك على صورته وعلى شعبيته. ثم هناك أمر ثالث لا يقل خطورة، وهو أن الإليزيه ساهم في إثراء مستشار الرئيس ضارباً بعرض الحائط القواعد البدائية في التصرف بالمال العام. وبحسب المتوافر من الأرقام، فإن صافي ربح «بويسون» يمكن أن يصل إلى مليوني يورو من الاستطلاعات، يُضاف إليها مبلغ 750 ألف يورو حصل عليها بصفته مستشاراً للرئيس.
ليس ساركوزي وحده المعني، بل هناك كوكبة من أقرب مستشاريه ومساعديه، وعلى رأسهم كلود غيان الذي كان يقال عنه إنه «الرجل الذي يهمس في أذن الرئيس» بسبب القرب الكبير بين الرجلين. وكان غيان مدير مكتب ساركوزي يوم شغل مقعد وزير الداخلية، وانتقل معه إلى الإليزيه ليصبح أميناً عاماً قبل أن يعينه ساركوزي وزيراً للداخلية. وإلى جانب غيان، هناك إيمانويل مينيون، مديرة مكتب الرئيس الأسبق التي وقعت العقود، إضافة إلى باتريك بويسون الذي حصل جفاء بينه وبين ساركوزي لأنه كان يعمد إلى تسجيل لقاءاته مع سيد الإليزيه دون علمه، ما يذكر بالأفلام البوليسية على الطريقة الأميركية.
إزاء هذا التطور الذي لم يكن الرئيس الأسبق يتوقعه، يجد ساركوزي نفسه في موقف بالغ الحرج بعد رفض حجة الحصانة الدستورية. واللافت أن المحكمة التي بدأت أعمالها يوم الاثنين استعانت بشرعة حقوق الإنسان الأوروبية لنقض حجج ساركوزي، كما أنها اعتبرت أن المستفيد الأول من استطلاعات الرأي هو ساركوزي نفسه. ولذا، فإن مثول الأخير أمام المحكمة سيهدم الحجج كافة التي استند إليها سابقاً، وعدم مثوله سيجبر القوى الأمنية على جلبه مخفوراً أمام المحكمة، وهذه التصور أكثر إهانة، ليس فقط لشخصه، بل أيضاً لموقع رئاسة الجمهورية.
أما غيان ومينيون، فإن خط دفاعهما الأول أنهما كانا ينفذان أوامر الرئاسة. ورغم أن ساركوزي ليس متهماً في هذه القضية، وأنه استأنف الأحكام التي صدرت بحقه في القضايا الأخرى، فإن الثابت أن مستقبله السياسي أصبح في «خبر كان»، وهو بأي حال ابتعد عن ممارسة السياسة بالشكل التقليدي، وانتقل إلى عالم الأعمال. لكنه يبقى رغم ذلك مرجعاً يعتد به، ومستشاراً لليمين الكلاسيكي ممثلاً بحزب «الجمهوريون».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.