لماذا يستقيل الملايين من وظائفهم في الوقت الحالي؟

معدل استقالة الموظفين من وظائفهم زاد بشكل ملحوظ منذ بدء تفشي وباء كورونا (رويترز)
معدل استقالة الموظفين من وظائفهم زاد بشكل ملحوظ منذ بدء تفشي وباء كورونا (رويترز)
TT

لماذا يستقيل الملايين من وظائفهم في الوقت الحالي؟

معدل استقالة الموظفين من وظائفهم زاد بشكل ملحوظ منذ بدء تفشي وباء كورونا (رويترز)
معدل استقالة الموظفين من وظائفهم زاد بشكل ملحوظ منذ بدء تفشي وباء كورونا (رويترز)

ازداد معدل استقالة الموظفين من وظائفهم بشكل ملحوظ منذ بدء تفشي وباء كورونا، في ظاهرة عالمية أطلق عليها الاقتصاديون اسم «الاستقالة الكبرى».
وحسب شبكة «سي إن بي سي» الأميركية، فقد أكد مسح أجرته وزارة العمل الأميركية أن هناك 4.3 مليون أميركي استقالوا من وظائفهم هذا العام، وهو أكبر ارتفاع في أعداد المستقيلين تشهده الولايات المتحدة منذ 20 عاماً.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر استطلاع رأي أجرته شركة «برسونيو» لبرمجيات الموارد البشرية لعدد من العمال في المملكة المتحدة وآيرلندا أن 38 في المائة من المشاركين يخططون للاستقالة من عملهم في غضون فترة تتراوح بين ستة أشهر وسنة.
وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة «مايكروسوفت»، وشمل أكثر من 30 ألف عامل على مستوى العالم، أن 41 في المائة منهم فكّروا في ترك وظائفهم أو تغييرها هذا العام.
وأقدم البعض على هذه الخطوة من أجل البحث عن وظائف أخرى برواتب أو مهام أفضل، في حين أن البعض الآخر بدأ مؤخراً يبحث عن شركة توفر له الأمان الوظيفي بعد أن تخلت الكثير من الشركات عن عدد من موظفيها نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تسبب بها وباء كورونا والإغلاق الناتج عنه.
إلا أن هناك عدداً من الأشخاص الذين تركوا وظيفتهم دون السعي للبحث عن أخرى.
وقال أنتوني كلوتس، أستاذ الإدارة في جامعة تكساس إن السبب في إقدام ملايين الأشخاص على الاستقالة بعد تفشي «كورونا» هو أن «إغلاق كورونا منح الفرصة للأشخاص لقضاء المزيد من الوقت في التفكير في قيمة ما يقومون به ومستقبلهم الوظيفي والمادي. وقد شعر بعضهم أن الوقت قد حان لإجراء تغيير على حياته».
وأيدت فيكتوريا ماكلين، المديرة التنفيذية لشركة التوظيف البريطانية «City CV» وجهة نظر كلوتس قائلة إن أولويات الأشخاص تغيرت بعد تفشي الوباء، حيث شعر الكثيرون أن «الحياة أقصر من البقاء في وظيفة لا يحبونها أو لا يشعرون بقيمتهم فيها».
ومن ناحيتها، قالت جيسيكا توماس، التي استقالت من وظيفتها كنادلة بأحد المطاعم: «شعرت أثناء إغلاق كورونا أن الوقت قد حان للبحث عن وظيفة أفضل لأسرتي، وظيفة أكثر استقراراً أتمكن من الذهاب إليها وأنا مطمئنة من أن صاحب العمل لن يخبرني فجأة أنه تم الاستغناء عني. أريد أن أعمل في وظيفة أشعر فيها بقيمتي وأهمية وجودي».
ومن جهته، قال ديريك توماس، موظف الاستقبال بأحد الفنادق: «لقد تأثرت أعمالنا بشكل كبير أثناء إغلاق كورونا، وحين طالت فترة وجودي بالمنزل بدأت أتساءل: لماذا لا أبحث على الإنترنت عن وظيفة أخرى في وقت فراغي الكبير؟. وبالفعل قمت بذلك ووجدت أن هناك فرص عمل أفضل بكثير من تلك التي كنت أعمل بها».
أما تسيدال نيلي، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال: «لقد غير العمل عن بعد من طريقة تفكيرنا بشكل كبير. فقد شعرنا أننا يمكن أن ننجح في أي مكان وأصبحنا نتوق إلى المرونة الممنوحة لنا أثناء الوباء».
وأشار مهندس البرمجيات جوناثان كاباليرو إلى أن مقر عمله كان بعيداً جداً عن منزله، وبسبب عدم امتلاكه لسيارة، فقد قرر أن يستقيل بعد أن صممت شركته على إعادة الموظفين إلى المكاتب.
وأوضح قائلاً: «أعتقد أن الوباء قد غير عقلي بطريقة ما، أصبحت حقاً أقدر قيمة وقتي الآن. أريد الآن أن أعمل في مكان يوفر لي وقتاً للاستمتاع بحياتي وشبابي قبل أن أشيخ».
وزاد عدد الأمهات المستقيلات من وظائفهن بشكل كبير في العام الماضي، حيث واجهت الأمهات عبئاً إضافياً خلال إغلاق «كورونا» بسبب التعليم عن بعد والذي زاد من أهمية وجودهن مع أبنائهن بالمنزل.
ووفقاً للمسح الذي أجرته وزارة العمل الأميركية، فإن أولويات الغالبية العظمى من الأمهات اللائي تركن وظائفهن الآن هي العمل عن بعد أو العمل في مواعيد جيدة تضمن لهن تحقيق توازن بين العمل والمنزل.
وينصح الخبراء الأشخاص المقدمين على الاستقالة بالتفاوض أولاً مع مديريهم والتحدث معهم عن النقاط التي لا يحبونها في العمل، مؤكدين على ضرورة ترك العمل بشكل مهذب.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».